عمل في الخفاء طيلة سنوات وساهم في صقل مواهب عديد الأسماء التي إرتقت درجات التألق في الأولمبي الباجي وخارجه قبل أن يخرج إلى الأضواء منذ الموسم الماضي عندما تسلّم مهام تدريب فريق الأكابر ونجح بسرعة كبيرة في صنع طابعه المميز بفضل نجاحاته وكذلك مزاجه وتصرفاته الخاصة...هو المدرب مختار العرفاوي الذي إلتقيناه في حوار صريح على أعمدة «التونسية»: لنبدأ بالحديث عن البقاء الصعب الذي حقّقه الفريق؟ هو بقاء شبه مستحيل حقّقه الأولمبي الباجي نظرا للظروف المحيطة بالفريق والمصاعب العديدة التي واجهناها حتى اللحظات الأخيرة التي سبقت مباراة جرجيس ولكن ثقتي في اللاعبين وفي قدرتهم على كسب الرهان جعلتني أتفاءل بنسبة عالية...هو بقاء مستحق جاء نتيجة للتجاوب الحاصل بيني وبين اللاعبين الذين أعرف قيمة إمكانياتهم وحجم ثقتهم في شخصي التي دفعتني إلى قبول المهمّة والمجازفة رغم الوضعية الصعبة للفريق وصعوبة المباريات الثلاث المتبقية أمام الإفريقي والمرسى وجرجيس...أعتقد أنه لا أحد كان يجازف بقبول تدريب الفريق في تلك الظروف مثلما فعلت. ماذا غيّر المدرب العرفاوي في ذلك الظرف الوجيز؟ غيّرت كل شيء في الفريق نفسانيا وتكتيكيا حيث ركزت على مقاربة بيداغوجية مغايرة من خلال طريقة جديدة في التواصل مع اللاعبين كما غيّرت المنظومة التكتيكية والإختيارات الفنية...نجحنا في خلق إطار من التواصل الإيجابي مع اللاعبين بفضل خطاب تقبله اللاعبون بسهولة فكانت النتائج إيجابية بفضل سرعة التقبّل والتفاعل. هناك من إعتبر تصريحك بعد مباراة جرجيس بالقول إنك الوحيد القادر على إنقاذ الفريق من قبيل الغرور؟ هو تصريح نابع من ثقتي في نفسي وثقة اللاعبين في مدربهم...وأنا أكرر أنه لا أحد كان قادرا على إنقاذ الأولمبي الباجي غير مختار العرفاوي...كما أؤكد أني قادر على المنافسة من أجل الألقاب لو تتحسن الوضعية المالية للنادي...أقولها وبلا غرور فأنا أحد أفضل المدربين المتواجدين على الساحة... ولكن تجربتك مع الفريق في بداية الموسم كانت فاشلة ما أدّى لتنحيتك؟ كان فشل التجربة في بداية الموسم منتظرا لأسباب يعلمها كافة المتابعين والمحيطين بالفريق ومع ذلك لن أضع الإخفاق على كاهل الآخرين وأكتفي بالقول إن رب ضارة نافعة...في بداية الموسم قبلت مواصلة العمل مع الفريق رغم الظروف الصعبة في ظل بداية متعثرة ومضطربة للتحضيرات والإصابات التي طالت 6 لاعبين أساسيين دفعة واحدة هذا بالإضافة إلى عوامل أخرى لن أخوض فيها الآن... تصرفاتك وتصريحاتك يراها البعض على أنك تبحث من خلالها على شد الإنتباه وكسب جماهيرية أكبر ؟ ما أؤكده أنني لا أتصنع أي تصرّف ولا أخطط لتركيب شخصية «مفبركة»...عندما أتحدث لا اختار كلاما أبحث من ورائه عن إعجاب الناس...تلك هي شخصيتي ولن أسعى إلى تغييرها لأني أتصرف بكل تلقائية متحملا مسؤولية كل التصريحات...أرى نفسي لا أشبه أي مدرب ولن أسعى لتقليد أي كان مع إحترامي لكافة زملائي. «سي مختار» كيف ترى الحل ليقطع الأولمبي الباجي مع عادة اللعب من أجل تفادي النزول التي لازمته طيلة سنوات؟ كافة المهتمين بالشأن الرياضي في باجة يملكون الحل ويجمعون على أن إلتفاف جميع أطراف العائلة الرياضية بلا قيد أو شرط وترك كل الصراعات جانبا هو السبيل إلى الإرتقاء بالفريق إلى أعلى المراتب إلا أن المرور من هذه الخلاصة النظرية إلى التطبيق يتطلب قرارات شجاعة من الجميع بعيدا عن منطق التنازلات... ألا ترى أن سياسة النادي طيلة السنوات الأخيرة هي التي رمت الفريق في صراع متواصل من أجل ضمان البقاء بالتخلّي عن تكوين الشبان؟ هي ليست مسألة سياسة وإختيارات بل الأمر يتعلّق بتصرفات خاطئة أضرت بشبان النادي لأن جميع الهيئات ترفع في بداية الموسم الشعارات والوعود بالعناية بالشبان التكوين القاعدي ولكنها تحيد عن ذلك بسبب غياب الكفاءات البشرية القادرة على تأطير اللاعبين الشبان وتوفير ممهدات العمل والتكوين السليم. وأزمة المال ألا تراها سببا مباشرا في تراجع النادي؟ المال يحتاج للرجال لتوفيره وضخه في خزينة النادي لذلك أقول أنه على المسؤول في الأولمبي الباجي أن يوفر المال ويجد الحلول لخلق الموارد المالية وإن لم يكن قادرا على ذلك فلا داعي أن يتحمل مسؤولية صلب النادي لأن الإمكانيات المادية ضرورية وحاسمة في نجاح النادي وتحقيق أهدافه. ما تقييمك لبطولة هذا الموسم؟ كان بالإمكان أحسن مما كان بما أن نظام المجموعتين أضر بالبطولة في موسم نحمد الله أنه إستثنائي كما أن غياب الجمهور عن الملاعب والبرمجة المضطربة للرزنامة أثرا سلبا على نسق المنافسة وعلى عطاء الفرق واللاعبين رغم أن بطولتنا تضم لاعبين يملكون إمكانيات فنية وتكتيكية هائلة إلا أن هذه العوائق حالت دون تطوير مستوى لاعبينا...أريد أن أقدم الشكر لفريق ترجي جرجيس على روحه الرياضية العالية وهو الذي إنهزم في باجة دون أن يحدث أي ضجّة أو ردود فعل سلبية. وماذا عن التحكيم؟ هو أحد العناصر الأساسية في لعبة كرة القدم ويجب على الجميع إحترام هذا القطاع...أعتبر نفسي قد تفاعلت بشكل إيجابي مع الحكام خلال هذا الموسم فصافحت عديد الحكام وهنأتهم على مردودهم حتى عندما كان فريقي منهزما على غرار حكم مباراتنا ضدّ الإفريقي في باجة وحكم مباراتنا في القيروان لإيماني بأن ثقتنا في التحكيم تساهم في الإرتقاء باللعبة إلى أعلى المستويات...وفي مقابل ذلك كان رد فعلي طبيعيا تجاه حكم مباراتنا ضدّ النادي الإفريقي في ملعب رادس ولست نادما على ذلك لما أتاه ذلك الحكم من تصرف غريب يمكن وصفه بالمهزلة في حق الفريق...تصريحاتي بعد تلك المباراة أعتبرها عادية جدا بما أنها ترجمت الحالة النفسية والغضب الذي كنت عليه مع أنني لم أخرج عن نطاق الأخلاق والإحترام... ما رأيك في ما يتعلق بمسألة الترشح لمرحلة «البلاي أوف» والجدل الحاصل في أعلى ترتيب المجموعة الأولى؟ لا أرى جدوى من الحديث حول هذا الموضوع لأنه لا يعنيني ولا يعني الأولمبي الباجي من بعيد أو قريب...سأترك للأطراف المتداخلة والهياكل المختصة أن تدلي بدلوها في هذا الملف. وماذا عن ملف البيع والشراء الذي طفا على سطح الأحداث؟ كمدرب للأولمبي الباجي أؤكد أن الهزيمة بشرف أفضل بكثير من الفوز بإستعمال وسائل غير شرعية...من العار أن يتم اللجوء إلى مثل هذه الوسائل والممارسات القذرة التي من شأنها أن تلطخ سمعة الرياضة...ما يحصل في نواد أخرى في بطولتنا أؤكد أني أؤيد الضرب على أيدي العابثين بصفة قطعية وحادة في حق كل من يثبت تورطه في هذا الملف لأنه من العار أن تستولي بعض الأطراف على جهد وعرق الآخرين بممارسات قذرة ومنحطة... ماهي قراءتك لحظوظ التتويج بين الفرق الأربعة المترشحة لمرحلة «البلاي أوف»؟ لست من هواة التكهن بالنتائج لكن أؤكد أن قيمة المدربين هي التي ستحدد مصير اللقب بما أن الإمكانيات المادية والبشرية للفرق الأربعة متقاربة جدا...فالمدرب الذي سيكون قادرا على حسن إدارة المرحلة ونيل ثقة لاعبيه وخلق أجواء من التواصل والتفاعل هو من سيحسم اللقب لصالح ناديه في نهاية المسابقة. من هو الفريق الذي يتمنى المدرب مختار العرفاوي تدريبه؟ أنا أحمل بالأساس أمنية التتويج مع الأولمبي الباجي هذا الفريق الذي تربطني به علاقة وجود وأصل...ولكن أعتقد أنه متى توفرت لي فرصة تدريب أحد الفرق المتنافسة على الألقاب فأنا واثق من قدرتي على النجاح والتتويج. ما هي المباراة التي تتمنى إعادتها لإصلاح خطإ ما قد تكون إرتكبته؟ لا أرى أنني إرتكبت أخطاء تحتاج للمراجعة والإصلاح ولكن مقابلتنا أمام النادي الإفريقي في باجة سبقتها أجواء مضطربة أثرت على نسق ومستوى التحضيرات بما جعلنا نظهر بأداء مهزوز وأعتقد أنه لو سبقت المباراة تحضيرات عادية لما كان الفريق يظهر بذلك المستوى الضعيف... ألم تندم عن أي قرار إتخذته في الأولمبي الباجي؟ في الفريق وفي ما يتعلق بالكرة والملعب لم أندم على أي قرار أو تصرف ولكني في المقابل ندمت لإعطاء الثقة لبعض الأشخاص الذين لم يكونوا في مستوى ثقتي. هناك من يرى أنك تعامل بعض اللاعبين في الفريق معاملة خاصة خلافا للبقية؟ هذا صحيح وطبيعي لأن التركيبة النفسية تختلف من لاعب إلى آخر والمقاربة البيداغوجية في التعامل تختلف من شخص إلى آخر... وهل صحيح أن محمد السليتي هو اللاعب المبجل عند مدربه مختار العرفاوي؟ محمد السليتي هو نجم من نجوم الكرة التونسية وهو مجلبة للإحترام والتقدير بما يجعله يحظى بمكانة خاصة صلب الفريق خاصة وأن دوره يتجاوز حدود اللاعب ليكون مؤطرا مثله مثل نضال النفزي قائد الفريق... وفي الختام ماذا تقول؟ أتوجه بالشكر الخالص لكافة اللاعبين الذين أعتبرهم ساهموا بالقسط الأوفر والأهم في تحقيق البقاء الصعب رغم الظروف القاهرة التي عشناها إلى آخر الساعات التي سبقت مباراة جرجيس لأنهم كانوا في مستوى الثقة التي منحتها لهم...