في مسودّة الدستور تناقضات كثيرة مع مدنية الدولة وديمقراطيتها الوحدة طريق الأحزاب التقدمية لمزاحمة «النهضة» آن الأوان ليتعامل تونسيو المهجر مع «الآخر» بمنطق «خذ وهات» بدأ حياته السياسية صلب الحركة الطلابية بصفاقس في السبعينات. كانت أفكاره قريبة من حزب «البعث» السوري ذي التوجه القومي اليساري. إثر هجرته إلى فرنسا تقرب سنة 1988 من الحزب الاشتراكي الفرنسي في مدينة «أرجونتوي» ومن خلاله تعرف على وزير الداخلية الحالي «ايمانوال فالس» وتحول إلى ناشط في جناح«ميشال روكار» الذي يمثل التيار اليساري الجديد. سنة 1995 انتخب نائبا في بلدية «أرجونتوي» كلف بمهمة مقاومة الفشل المدرسي اين واصل مهامه إلى سنة 2001 ، ثم بعد نضال طويل داخل الحزب الاشتراكي تم انتخابه كاتبا عاما للمكتب المحلي للحزب بنفس المدينة و في 2005 تم انتخابه مفوضا في المكتب السياسي للحزب الاشتراكي ثم مسؤولا بالكتابة العامة للحزب بين 2007 و 2008 لينصرف اثرها إلى العمل الجمعياتي .«علي رمضان» الذي التحق مؤخرا بحزب نداء تونس ورئيس جمعية «نداء التونسيينبفرنسا للجمهورية المدنية» هو ضيف حوار«التونسية» اليوم . أولا لماذا غادرت الحزب الاشتراكي الفرنسي ، هل هو قرار شخصي أم من الهياكل أم ضرورة أملتها الظروف في تونس ؟ قرار مغادرة الحزب الاشتراكي الفرنسي كان شخصيا بحتا وأنا أحتفظ بعلاقات جيّدة بمناضليه ، وقد أخذت قرار الانسحاب من العمل السياسي والتوجه إلى العمل الجمعياتي قبل الثورة التونسية. ولكن بعد 14 جانفي عاودني الحنين إلى النشاط في الساحة السياسية ، وهذه المرة قررت أن يأخذ نشاطي شكلا مختلفا حيث قمت مع مجموعة من الأصدقاء ببعث جمعية اسمها «تونسالجديدة» في فيفري 2011 لمتابعة الانتقال الديمقراطي في تونس دون أن تكون لي نوايا للترشح لأي منصب سياسي حيث كانت الغاية في البداية مساعدة كل الاحزاب من اجل انجاح المسار الديمقراطي وإفادتها بعصارة تجربتي وخبرتي السياسية صلب الاحزاب الفرنسية. هذا إلى جانب استثمار شبكة علاقاتي بما يمكن من انجاح الأهداف التي قامت من أجلها الثورة التونسية خاصة في ارساء الديمقراطية والحريات . لكنك عدت إلى الساحة السياسية من بوابة حزب «آفاق تونس» هل عجزت عن تحقيق أهدافك في العمل الجمعياتي؟ لا أبدا...« العمل الجمعياتي يبقى مهما جدا في مثل هذه المرحلة وهو لا يقل أهمية عن النشاط صلب الأحزاب. بل يتكامل معه في الكثير من الأحيان لكن بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي اعتبرت أن العمل السياسي يجب أن يدخل طورا جديدا فتقربت من حزب «آفاق تونس» رغبة في افادة هذا الحزب الجديد والجيل الشاب من السياسيين بتجربتي لأن السياسة مزيج بين الخبرة والطموح ولكني اكتشفت أن الأحزاب في تونس كانت تفتقر للتنظيم الهيكلي والتجربة السياسية الناضجة ، لكن تجربتي مع «آفاق تونس» عموما كانت ثرية لأنها مكنتني من التعرف على طريقة إدارة الأحزاب في تونس وكواليسها رغم أني فشلت نسبيا في أقلمة تجربتي صلب الحزب الاشتراكي الفرنسي والسياسة الفرنسية مع الواقع السياسي التونسي نتيجة عدم تفاعل اعضاء الحزب مع الأفكار التي أحملها خاصة بعد اندماج «آفاق» صلب «الحزب الجمهوري» . اثر سجال وتفكير طويل بين الإنضمام لحزب جديد أو البقاء صلب العمل الجمعياتي عرض عليا الالتحاق بحزب «نداء تونس» في دائرة فرنسا 1 فقبلت العرض لكن مع البقاء في العمل الجمعياتي لكن مرة أخرى طرحت أمامي نفس الاشكاليات واكتشفت أن نفس الأساليب التي أبعدتني عن آفاق والجمهوري موجودة في نداء تونس وهي عموما نقطة ضعف جل الأحزاب التقدمية التي تفتقد إلى ركائز الاساسية الثلاث لأي عمل حزبي وهي غياب الاستراتيجية و غياب البرنامج وورقة العمل الواضحة إلى جانب قلة الامكانيات البشرية واللوجتسية ، على عكس حركة «النهضة» ( المنافس الأول للتقدميين ) التي سخرت الامكانيات البشرية واللوجستية لتنفيذ برنامج عمل واضح . قلت أنك ستبعث جمعية جديدة ذات طابع سياسي في فرنسا، ماذا ستقدم هذه الجمعية للمشهد السياسي التونسي؟ وما هي أهم أهدافها ؟ الجمعية بعثت وأتممنا الإجراءات القانونية بحصولها على التأشيرة وهي تحمل اسم «نداء التونسيينبفرنسا للجمهورية المدنية l'appel des Tunisiens de France pour la république citoyenne وسيتم تركيز تدخلاتها في فرنسا باعتبار أن الجالية التونسية في فرنسا تمثل 65 بالمائة من الجالية التونسية في المهجر. وقد ربطنا برنامج عملنا بالإطار السياسي العالمي لثورات الربيع العربي مع مواكبة الوضع في تونس وانعكاساته على الساحة بالملموس من خلال الاختلاط بكل الاوساط الاجتماعية. كما سيتم التركيز على دفع الجالية في فرنسا إلى الاهتمام اكثر بالاحزاب باعتبار ان فرنسا شريكنا الاقتصادي والاجتماعي الاول و الرأي العام الفرنسي يهتم بالشأن التونسي ونعتبر أن الرأي العام الفرنسي لن يعطي اهمية للثورة التونسية إلا اذا اهتمت الجالية التونسية في فرنسا بالشأن السياسي الفرنسي عبر الانخراط في الأحزاب بيمينها ويسارها لأن الأحزاب السياسية في فرنسا لا تتكلم بمنطق العاطفة بل بمنطق المصلحة ، وآن الأوان للتونسيين في المهجر أن يخرجوا من مرحلة استعطاف الآخر إلى مرحلة التعامل بمنطق«خوذ وهات» donnant donnant ، وهو المسار الذي نجح فيه أشقاؤنا المغاربة والجزائريون الذين فرضوا وجودهم صلب الأحزاب في فرنسا بل وتقلدوا حتى مناصب وزارية . ونحن صلب الجمعية نريد أن نركز أغلب تحركاتنا في هذا الاتجاه خدمة للساحة السياسية الوطنية وكذلك الإقتصاد لأن انصهار التونسيين في الساحة السياسية الفرنسية سيؤدي ضرورة إلى اقناع المستثمرين وأصحاب القرار بالاستثمار في تونس على غرار ما يقع حاليا في المغرب وسيكون للجمعية أواخر الشهر الجاري اجتماع عام بمشاركة المرصد الفرنسي للائكية تحت عنوان « الثورة التونسية والتحديات الكبرى ». كما سنركز أكثر على «الفئات الصامتة» التي لم تصوت في انتخابات المجلس التأسيسي حيث ستكون للجمعية لقاءات دورية اسبوعية لمناقشة وضعيات أفراد الجالية واقناعهم بالقيام بدورهم في التصويت في الانتخابات المقبلة مع التركيز طبعا على التأثير على الرأي العام الفرنسي والأحزاب السياسية الفرنسية لمساندة المسار الديمقراطي في تونس . لنعد إلى الساحة السياسية الوطنية بحكم انتمائك إلى حزب «نداء تونس» كيف تقيم آداء حزبك؟ وهل تراه اليوم قادرا على زعزعة عرش «النهضة» ؟ من خلال تشخيصي للوضع السياسي في تونس أرى أن الانتخابات القادمة ستكون اختيارا بين برنامجين اقتصاديين اجتماعيين. فإما أن نختار الدولة الدينية المعتمدة على الشريعة واما الدولة المدنية الديمقراطية. وأرى أن الأحزاب التقدمية في وضعها الحالي غير قادرة على تحقيق الفوز بل ستواجه في المرحلة القادمة صعوبات كبيرة ومضاعفة بحكم نقص الهيكلة على مستوى الجهات بخلاف «النهضة» الحاضرة في اغلب المدن الداخلية والتي تمكنت طيلة الفترة الانتقالية من التغلغل صلب المؤسسات والمجتمع المدني .....ولكن الوقت مازال يسمح للتدارك اذا اعربت القوى الديمقراطية فعلا عن رغبتها الصادقة في التوحد وضبط ورقة عمل واضحة ، وهنا يجب أن لا نغفل عن دور المرأة كمحرك أساسي في الساحة السياسية بل يجب التعويل عليه مع العمل على توحيد الصف النسائي في التيارات المختلفة خدمة لقضاياها ومحافظة على النمط المجتمعي التونسي الذي كانت فيه المرأة دائما عنصرا إيجابيا وفاعلا . ماهو تقييمكم للنسخة الثالثة من مسودّة الدستور؟ شخصيا أرى أنها مسودة غير مقبولة في نظر من يؤمنون بمدنية الدولة وديمقراطيتها لأن التناقضات كثيرة في المسودة وهو ما اجزم عليه أساتذة القانون الدستوري. كما أن العديد من فصولها تحد من الحرية وتستهدف حقوق المرأة ونحن صلب الجمعية سنضغط من الخارج في اتجاه إصلاح هذه الفصول وكتابة دستور يتماهى وروح الثورة ويحقق أهدافها . كما أرى أن اتحاد الاحزاب الديمقراطية مهم جدا في هذه المرحلة لتفادي المسودة الرابعة ومنع مرور البنود المناهضة للحريات كما يجب العمل على كسب دعم القوى الديمقراطية من الخارج لأن التفتت لن يخدم إلا مصالح «النهضة». فالمعارضة في تونس يجب ألا تنتظر تنازلات من الطرف الأخر بل يجب أن تقدم نفسها كبديل قادر على المنافسة وأن تحسن اختيار المنابر التي تخاطب عبرها المواطن البسيط ، فالأحزاب المنافسة ل«النهضة» مدعوة أكثر من أي وقت مضى إلى الانضباط حتى لا يفتح الباب للتصدعات وتخذل أنصارها في الاستحقاقات السياسية المقبلة . هل تعتبر أن الحوار الوطني سيؤدي إلى نتيجة في المرحلة المقبلة ؟ في المطلق أنا مع الحوار الوطني لأن التونسي انسان محاور بطبعه ولا يحب الارهاب والتطرف ولكن في الوضعية الحالية أرى أن الحوار الوطني مضيعة للوقت لان الاتحاد سبق وآن دعا للحوار ولكن الأحزاب السياسية في إطار حسابات لم تتفاعل معه ولا أرى أنها ستخرج بنتيجة كبرى في الجولة الثانية من الحوار . ما هو موقفك من قانون تحصين الثورة ؟ أنا عضو في «نداء تونس» وأحمل نفس موقف رئيس الحركة السيد الباجي قائد السبسي وهو أن يكون القضاء المستقل هو الفيصل واعتبر ان التجمع الدستوري لم يعد لديه اي وجود واعضاؤه هم مواطنون ككل التونسيين واذا حكم القضاء على عضو باخلاله بواجباته بأي صيغة يجب ان يأخذ «نداء تونس» موقفا واضحا لكن عموما هذا القانون ضارب للحريات. كنت حاملا لأفكار حزب البعث السوري فما هو موقفك من الهجمة الإسرائيلية الأخيرة على سوريا ؟ نعم كنت حاملا لافكار «البعث» السوري لكن تخليت عنها في فترة لاحقة والوضع في سوريا حاليا هو امتداد لما بدأ في العراق والغاية الأساسية منه إعادة تشكيل المنطقة وضرب الحضارة العربية الاسلامية ووضع شعوب المنطقة عموما بين خياري الدكتاتورية المانعة للحريات بجميع اشكالها أو الحروب الاهلية والتقسيمات بين الطوائف الاسلامية ولكن نحلم ان تنجح تونس في مسارها الديمقراطي وان تعطي المثل للعالم لنضع العالم الغربي أمام الأمر المقضي وتنسج على منوالنا بقية الشعوب العربية لهذا يجب أن تتم الانتخابات في اقرب وقت وأن نضمن لها شروط الشفافية والنزاهة . كما يجب ان نحافظ على ما بقي من الأمل حتى لا تدخل تونس في دوامة العنف والتقسيم ولا تضعنا حركة «النهضة» في خيار بين الدكتاتورية والأمن فتونس لها اسلامها وتراثها وتاريخها القائم على التسامح ولا نحتاج إلى أي مدّ ديني من الخارج .