في زمن «القصّاص» و«بن تومية» والنظارات الطبية (٪91 من أعضاء الحكومة والمجلس التأسيسي يحملون نظارات طبيّة).. في زمن الحجاب والنقاب والتفكير والتكفير.. في زمن «الرّاب» والسراويل الهابطة و«الجال» وذيل الحمار، عفوا ذيل الحصان.. في زمن «لا يجوز» والقميص واللّحي الثّائرة المتأثّرة المأثورة.. في زمن «يا بابا يا ماما» و«صفّقوا عليّ» وعلى باعث القناة.. في زمن الصحف الحمراء والخضراء والصفراء.. في زمن المائدات المستطيلة ورابطات حقوق العنق والعناق والصفقات التنموية. ... باختصار شديد، في زمن الثورة والثروة و«بجبوج» العظيم، في هذا الزمن العجيب الغريب أطلّت علينا الذكرى 59 للشهيد بن علي والطاهر حفوز لتمزج الحاضر بالماضي وتعيد إلى الأذهان ذكرى عزيزة على كل التونسيين لا على أولاد الحاج حفوز بن صالح شوشان فقط... إنّ تونس ليست بورقيبة فقط ولا حشاد فقط، تونس هي كل المناضلين والشهداء من الدغباجي إلى بورقيبة وصولا إلى حمّة الهمّامي وراضية النصراوي ونجيب الشابي وشكري بلعيد وغيرهم.. تونس هي كل الأشراف بلا قيد أو شرط، بلا استثناء ولا إقصاء ولا مزايدة ولا تصنيف..! المستيري وحشاد وصحابو.. ولكن..! ولئن تميّزت هذه الذكرى بحسن التنظيم وكرم الضيافة وتنوّع المضمون وحضور بعض الوجوه المعروفة (أحمد المستيري ونور الدين حشاد وعمر صحابو..) وكذلك الصحافة المكتوبة، فقد تزامنت مع هذا الغياب الكبير والمبهم للقنوات التلفزية وعلى رأسها الوطنية الأولى التي رغم المساعي الحثيثة والاتصالات المكثفة لتغطية هذا الحدث لم تحضر. أعود إلى بيت القصيد وهذه الذكرى المجيدة لأشيد بالتدخل الرشيق للسيد عبد الحميد حفوز والخطابات المتميّزة لأحمد المستيري ونورالدين حشاد وعمر صحابو الذين لم يتركوا الفرصة تمرّ دون التوقف عند الدور الطلائعي والكبير الذي لعبه أولاد حفوز لاستقلال البلاد.