«ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون» (صدق الله العظيم...) بهذه الآية الكريمة اختتم اول امس «أحمد المستيري» موكب تأبين شهيدين لبسا ثوب التحدي زمن الرضوخ... هما نجمان تلألآ في سماء الخلود فأضاءا درب الحيارى التائهين.. وكما يعيد التاريخ نفسه عاد «المستيري» إلى مكان حضره قبل 59سنة خلت - بصفته ممثلا للديوان السياسي للحزب الحر الدستوري الجديد آنذاك- لتأبين الشهيدين «علي» والطاهر» ابني الشيخ «حفوز بن صالح شوشان» على اثر اغتيالهما في ذلك التاريخ من طرف عصابات «اليد الحمراء»... وكما يعيد التاريخ نفسه يعيد معه ذكرى اغتيال بطلين لم تقو آلة القمع المتطورة ان تنتزع منهما ايمانهما بالقضية بل على العكس لم يزدهما ذلك الا اصرارا وتحد الى ان استشهدا ذات يوم من أيام شهر رمضان الكريم في عقر دارهما..ضاقت السلط الاستعمارية ذرعا بهما باعتبارهما محركا رئيسيا للمقاومة بجهة «اولاد حفوز»فتم التعامل معهما كما يتعامل العدو مع ثكنة عسكرية بطم طميمها... فكان مصيرهما الخلود في قلوب كل التونسيين يستعرض بعضهم نضالهما الوطني في ذكرى التكريم العظيم ..و ان كانت عظامهما رميم. «التونسية» حضرت موكب تأبين الشهيدين «علي» و«الطاهر» بالمنطقة التي تحمل اسمهما «اولاد حفوز»، وتحدثت الى عدد من حضور الموكب، فكان الريبورتاج التالي: جلبة وضوضاء لم يعهدهما المكان إلا قليلا .. أعين منصبّة على كل غريب تطأ ساقاه أرض المنطقة... فرادى وجماعات وقف اهالي «اولاد حفوز» امام بلدية المنطقة في انتظار الاعلان عن افتتاح فعاليات الذكرى التاسعة والخمسين لاستشهاد الاخوين «الطاهر» و«علي» ابني الشيخ «حفوز بن صالح شوشان..و ماهي الا دقائق حتى أعلن السيد «منجي حفوز» منظم التظاهرة عن انطلاق موكب التأبين باتجاه مقبرة الجهة.. «أحمد المستيري»: ثورة 14 جانفي لم تكن لتنجح لو لا...؟ اشرف على موكب التابين «احمد المستيري» وعدد من المناضلين والشخصيات الوطنية (احمد الخصخوصي، نور الدين حشاد نجل الزعيم النقابي الراحل فرحات حشاد، عمر صحابو...).. وقبل التحول الى دار الشباب «اولاد حفوز» لعقد اجتماع شعبي» وضع أحمد المستيري» باقة من الورود على ضريحي الشهيدين، مؤكدا أن نفس الإحساس الذي اعتراه عند تأبينه للشهيدين منذ 59 سنة خلت يراوده.. كما أعرب «المستيري» عن شعوره بالاعتزاز والفخر بحضوره لهذه الذكرى التي قال انها عزيزة على قلبه، مذكرا ان البطلين «الطاهر» و«علي» كانا قد استشهدا في سبيل التحرر والانعتاق «في وقت كانت المرحلة غير واضحة بالمرة وكانت الحرب في الجزائر في بداياتها والآفاق مسدودة آنذاك مشيرا إلى أنّ الشهيدان «الطاهر» و«علي» والكثير غيرهما من شرعوا في استخدام العنف ضد المستعمر وقد اعطى ذلك اكله .. وأضاف المستيري أن عائلة الشهيدين والجهة بصفة عامة تعرّضا للتصفية والقتل والقمع وذلك ضمن مخطط كامل لاغتيال زعماء الحركة الوطنية انتهت باغتيال فرحات حشاد والهادي شاكر». وشدّد «المستيري» على ان ثورة 14 جانفي لم تكن –برأيه- لتنجح لولا اندلاع ثورات ومعارك سبقتها ومن اهمها معركة التحرر الوطني ،موضحا ان احياء ذكرى الشهيدين تمثل مناسبة يتعلم من خلالها الشباب من دروس الماضي ويستخلص منها العبر، مضيفا: لست مطمئنا بخصوص المستقبل القريب ولكنني متفائل لمستقبل البلاد البعيد فرغم ضعف ثورتنا وهزال محصولها فهي ذاهبة نحو النجاح باذن الله». عمر صحابو: «تونس باقية واهلها ماضون» عبّر «عمر صحابو» رئيس حركة الدستوريين الاحرار عن بالغ سعادته لحضوره هذه الذكرى، معتبرا الاجتماع دلالة قوية على تواصل النفس التحرري الذي شيّد الدولة التونسية القوية والصامدة، مضيفا: «اذ ننعم اليوم بهذه الدولة القوية والصامدة فذلك لانه وجد على ارضها نساء ورجال آمنوا بتونس كوطن وهوية وكمشروع». واضاف «عمر صحابو قائلا: «دمهم لم يرح هدرا فلولاهما ولو أمثالهما لما تحررنا ولما كنّا حاضرين معا بعد 59 سنة... رغم الداء والاعداء ورغم انف الناس الذين استمسكوا عن الاحتفال بذكرى 20 مارس لانها مرحلة مضيئة في الملحمة الدستورية التي قادها المجاهد الاكبر «الحبيب بورقيبة»... واما الذين يتناسون ويتغافلون فمصيرهم مربع النسيان..و ختام قولي ان «تونس باقية واهلها ماضون»». «نور الدين حشاد»:(نجل الزعيم النقابي فرحات حشاد): «المعركة مستمرة» من جانبه أعرب، «نور الدين حشاد» عن بالغ سعادته بمناسبة حضوره موكب التأبين ولقاء اهالي «أولاد حفوز»، مؤكدا ان من اهم مستحقات الثورة هو العمل على مصالحة التونسي مع تاريخه. وقال «نور الدين»: «بلدنا بلد الفرص الضائعة ولكن يجب الا نضيّع فرصة هذه الثورة خاصة أننا نسير في اتجاه الخسارة والضياع...لا يمكن أن نفرّط في تونس لان دمنا سقاها... المعركة ما زالت مستمرة والشوط الأخير منها سيقوده أبناؤنا وسيفوزون فيها بإذن الله».