أعلنت أمس الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة عن الانتهاء من مشروع الدستور، وسط تواصل احتجاج عدد من أعضائها الذين اعتبروا أن هذا المشروع سيضع المجلس الوطني التأسيسي في عزلة سياسية باعتبار أن رئيس المجلس مصطفى بن جعفر والمقرر العام للدستور الحبيب خضر ونواب كتلة النهضة نكثوا العهد الذي قطعوه مع الحوار الوطني. وقد اعتبر رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر لدى اعلانه عن انتهاء الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة من مشروع الدستور، أن المشروع الذي سيقدم للجلسة العامة بعد أكثر من أسبوعين هو حصيلة عمل طويل وشاق وجدي قامت به اللجان التأسيسية منذ انطلاق أشغالها في 15 فيفري 2012 ، وأنّها عملت بشكل مسترسل ومتواصل قرابة 16 شهرا تبادلت فيها الآراء وتجاوزت الخلافات والاختلاف وسعت في اتجاه تحقيق التوافق من خلال انصاتها واستماعها للخبراء ولمكونات المجتمع المدني. وأضاف أن المجلس التأسيسي أصدر مسودة أولى للدستور خلال شهر أوت 2012 ثم مسودة ثانية خلال شهر ديسمبر 2012 ثم مسودة ثالثة منذ شهرين، مشيرا إلى أنه في كل محطة من هذه المحطات قام المجلس بتعديلات، وأكد في ذات السياق أن المشروع النهائي بدوره سيبقى قابلا للتحسين والتعديل وفق ما ينص عليه النظام الداخلي وفي تفاعل متواصل مع مكونات المجتمع المدني والأحزاب غير الممثلة في المجلس التأسيسي. وشدّد بن جعفر على أن طموح المجلس التأسيسي هو أن يكون الدستور دستور كل التونسيين والتونسيات، مؤكدا أن النواب ليسوا معزولين عن المحيط الخارجي وعن كل ما يحدث في الساحة السياسية. وأفاد أن اللجان التأسيسية ستجتمع خلال الأيام القليلة القادمة لتقدم ملاحظاتها حول مشروع الدستور وذلك في غضون يومين، ثم سيقع ارسال نسخة إلى رئاسة الجمهورية ونسخة ثانية إلى رئاسة الحكومة وبعد خمسة عشرة يوما ستنطلق الجلسة العامة لمناقشة المشروع مناقشة عامة ثم فصلا فصلا. وفي ختام مداخلة رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر، ردّد النواب النشيد الوطني الرسمي احتفالا بخروج المشروع النهائي للدستور. «مشروع فرّق النواب» ووسط الاحتفال بانتهاء الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة من مشروع الدستور، عبّر عدد من أعضائها عن امتعاضهم الشديد منتقدين رئيس المجلس مصطفى بن جعفر والمقرر العام للدستور الحبيب خضر ومعتبرين أن الهيئة خانت ميثاق الحوار الوطني. فقد أكد النائب عن كتلة «المؤتمر» عمر الشتوي، أن المشروع الذي تم الإعلان عنه هو مشروع موصوف خطأ بكونه مشروعا ذلك أن النظام الداخلي في نظره قد حدّد في الفصل 104 أن الصياغة النهائية للدستور تعتمد على آراء اللجان التأسيسية والخبراء، مشيرا إلى أن الإعلان عن مشروع الدستور أحدث تقسيما بين نواب درجة أولى ونواب درجة ثانية. وأضاف أن القانون لا يخوّل لرئيس المجلس وللمقرر العام للدستور أن يقدما مشروع دستور مخالف لآراء اللجان التأسيسية وللخبراء، حيث قاما حسب ما ذكره الشتوي بحذف بعض الفصول ونقض أخرى وتعويضها بفصول أخرى، كما قاموا بعرض أبواب دون أخرى على اللجان التأسيسية والخبراء، مشيرا إلى أن هذه الطريقة ضربت مبدأ المساواة وفرقت النواب. كما اعتبر عمر الشتوي أن هذا المشروع باطل لأنه اعتمد على الدسائس والمؤامرات وهو ما يتنافى مع الثورة على حدّ قوله. وشبه المشروع بالبناء الفوضوي الذي خالف القانون مشيرا إلى أنه سوف يضع المجلس في عزلة سياسية لأنه نكث كل العهود التي قطعها مع الحوار الوطني الذي نظمه الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والهيئة الوطنية للمحامين والرابطة التونسية لحقوق الإنسان. مشروع فرض النظام المجلسي وضرب مبدأ الفصل بين السلط عرض الحائط من ناحية ثانية أكد النائب عمر الشتوي أن مشروع الدستور فرض نظام المجلس وضرب مبدأ الفصل بين السلط مشبها هذا النظام بنظام جمهوريات أوروبا الشرقية قبل انهيار الاتحاد السوفياتي وهي أنظمة فاشية دكتاتورية تكون فيها السلط بين رئيس الحكومة ورئيس المجلس ورئيس الحزب الأغلبي. ومن أهم الفصول التي انتقدها الشتوي باب السلطة التنفيذية وباب النظام السياسي حيث أكد أنها جاءت متناقضة مع التوطئة حيث نصت عليها التوطئة دون أن يكون لها تجسيم في الدستور. ومن جهته قال النائب عن الكتلة الديمقراطية الفاضل موسى إن المقرر العام للدستور حبيب خضر استفرد بكتابة باب الأحكام الانتقالية دون أن يطلع النواب، في حين نفى خضر ما نسب إليه مؤكدا أنه قام بكتابة باب الأحكام الانتقالية مع النائب مبروك الحريزي وقدم نسخا إلى النواب قبل 24 ساعة من الإعلان عن مشروع الدستور.