يبدو أن الحبيب اللوز قرر الانسحاب فعليا من حزب حركة «النهضة» والتفرغ للجانب الدعوي مؤكدا في تصريح صحفي أنه سيغادر الحزب ليلتحق بالحركة الدعوية بعد مؤتمر جوان الاستثنائي 2014، وأنه سيقوم بالاعتناء بكل أبعاد المشروع الإسلامي الدعوية والثقافية والخيرية والسياسية والنقدية وليس من زاوية المباشرة الحزبية «السلطوية». وتأتي هذه التصريحات بعد أن طالب عبد الفتاح مورو نائب رئيس الحركة منذ مدة القيادات ب«فك الارتباط بين الحزب السياسي والحركة الدعوية» مطالبا راشد الغنوشي بالتنحي عن رئاسة الحركة والتفرغ إلى الجانب الدعوي على أن يترأس الحركة أحد القيادات الشابة التي تمتلك ثقافة سياسية وخبرة ميدانية غير أن مجلس الشورى لم يحسم في هذه المسألة حيث وقع تصديرها الى المؤتمر الاستثنائي للحركة في 2014. في هذا الشأن، اعتبر عبد الحميد الجلاصي الناطق الرسمي لحزب «النهضة» في تصريح ل«التونسية» أن هذه القضية هيكلية وقد أقرها المؤتمر التاسع للحركة في تأكيد على ضرورة البحث فيها من خلال تشكيل لجان ودارسة دقيقة بين هياكلها ومناضليها استعدادا للمؤتمر الاستثنائي. وقال الجلاصي أن هذه القضية تتمثل في العلاقة بين البعدين التربوي والثقافي والدعوي والحضاري وبين البعد السياسي. وهل ستنحو الحركة منحى الفصل والتمييز أو الاستصحاب للحال مع مساحات كبرى من الاستقلالية لكل مجال من هذه المجالات؟ وأضاف أن الدورة الأخيرة لمجلس الشورى أقرت أن الاستعدادات للمؤتمر في هذا الجانب ستنطلق بحجم لا يشوش على الأولوية الانتخابية للبلاد وأنه في انتظار البحث المعمق للموضوع والدراسة المقارنة للتجارب المشابهة قبل عرضها للبت في المؤتمر القادم فان الحركة تستصحب ما عرفت عليه من أبعاد مشروعها وتكاملها وتناغمها وفقا لخصوصيات كل مجال في الأشخاص والخطاب وصيغ العمل مشيرا إلى أنه عند ما يمزج الموضوع بالقدر الكافي ويبت فيه المؤتمر يكون من حق قيادات الحركة ومناضليها اختيار المجال أو الفضاء الذي يحقق فيه الإضافة الأكثر خدمة لمصلحة البلاد. وكان المؤتمر التاسع للحركة قد ناقش مسألة الفصل بين الجانب الدعوي والجانب السياسي لحركة النهضة إلا ان قياديي الحركة خيّروا إرجاء الحسم في هذه النقطة الى المؤتمر الاستثنائي القادم أمام تواصل الاختلافات حول هذه المسألة ، حيث رأى بعض المؤتمرين أن لا ضرورة لهذا الفصل باعتبار المرجعيّة الإسلاميّة لحركة «النّهضة»، في حين رأى شقّ آخر ضرورة الحسم في هويّة الحركة الإسلاميّة وتركها للعمل الدّعوي خاصة أنّ العمل السياسي قائم على فنّ التنازلات المتبادلة والتكتيكات المتحركة التي قد تتعارض ولو نسبيا مع ثوابت العمل الدعوي. ومن مناصري الفصل بين السياسي والدعوي نجد عبد الفتاح مورو نائب رئيس الحركة. ويعد الحبيب اللوز من أبرز قياديّي الحركة المحسوبين على الشق المتَشَدّد فيها، وتميّزت تصريحاته بالانتصار للتيّارات السلفيّة والدّفاع عن أفكارها ومواقفها. ويرى مراقبون أن «النهضة» أخطأت عندما أنهكت نفسها سياسيا مقابل تخليها عن الجانب الدعوي لفائدة الحركات المتشددة والمراهنة الفعلية على عملية احتوائهم وتأطيرهم. فهل كانت تصريحات اللوز استفاقة من الشق الدعوي في الحركة لسحب البساط من «أنصار الشريعة» بعد فشله في احتوائهم؟ أم أنها إشارة إلى عدم قدرة الشق الدعوي داخل «النهضة» على مواصلة قبول ما يسمّيه تنازلات مؤلمة تمسّ من ثوابته؟