هي امرأة لم تعرف في حياتها غير المشي على الأشواك حافية القدمين, أذاقتها الايام العلقم ولم ترحمها. لم نكن لنكتشف حكايتها المدفونة خلف الجدران لولا هذه الحادثة الأليمة حيث أقدمت هذه الأم المناضلة على صبّ البنزين على جسدها وجسد أبنائها أصغرهم رضيع لم يتجاوز بعد عاما وثلاثة أشهربعدما فكرت في الانتحار حرقا. لم يكن من السهل الوصول لهذه المرأة ومحاورتها في ظل وضعها النفسي الحرج. كانت دموعها ودموع أبنائها حجة على جوعهم وفقرهم وعجزهم امام سياسة الابواب الموصدة التي لقيتها من كل الذين اتصلت بهم. مهددة بالشارع ... تقول هذه المرأة المكلومة انها كانت تقيم هي وأبناؤها وزوجها في بيت على وجه الكراء – كراء قديم- لكن جانبا من سقفه وجدرانه انهار ورغم ذلك ظلت تعيش فيه مكرهة إلى أن توفيت ابنتها بعد أن صعقت بسبب الأسلاك الكهربائية البالية ليلتحق بها والدها بعد اربعين يوما... وتضيف انه كان لزاما عليها أن تواصل المشوار رغم حرقتها لان أبناءها الثلاثة ينتظرون الكثير منها ....لم تجد من حل في ظل هذه الظروف الصعبة سوى الولوج إلى منزل راجع بالنظر الى بلدية حمام الأنف ثم أعلمت اثر ذلك رئيس البلدية طالبة منه تسوية الوضعية القانونية لدخولها العقار. وحسب ذكرها لم يمانع في البداية لكن الأمر لم يتجاوز الوعود الشفاهية إلى أن كانت المفاجأة حيث اتضح لها أن رئيس البلدية قام بتسويغ المحل لأحد الاشخاص واستصدر إذنا بالزامها بالخروج من المحل وبالتالي لا مكان لها سوى الشارع ....وتضيف هذه المرأة حسب ذكرها أن عددا من هذه المنازل التي من المفترض أن تسوغ للفقراء موضوع على ذمة ميسوري الحال والذين بامكانهم تسويغ منازل فيما البعض الاخر يمتلك منازل ... مضيفة انه من الأجدر إنقاذها فهي تسترزق من بيع الطابونة التي تطعم منها ابنيها ...وهي تتساءل من سينقذها من الشارع بعد أن تجاهلتها بلدية حمام الأنف وولاية بن عروس؟ وتقول الا يوجد من المسؤولين من يحمي رضيعها اليتيم فمنذ أيام بعد أن أصبحت مهددة بالقوة العامة لم تستطع صنع الطابونة لبيعها وهو ما جعل كل أبنائها قاب قوسين او ادنى من الموت جوعا لولا رحمة البعض فمن يجيرها ويتفاعل مع ألمها ...