يتسلم اليوم رسميا العميد الجديد مهامه على رأس الهيئة الوطنية للمحامين فيما ينتظر أن تتواصل نهاية الأسبوع الجاري المعركة الانتخابية داخل أوساط المحاماة للفوز برئاسة فرع تونس الذي يعد المنصب الثاني الأهم بعد العمادة نظرا لثقل هذا الفرع من حيث عدد المحامين الراجعين له بالنظر (4800 محام) إلى جانب الانتخابات التي ستجرى في بقية الفروع خلال المدة القادمة . لكن قبل الخوض في حظوظ المترشحين الأربعة لفرع تونس لا بد من التعريج على النتائج التي أفرزتها انتخابات مجلس الهيئة والتي وصفها المتتبعون لشأن المحاماة بالخلطة العجيبة باعتبار أن الفائزين يشكلون فسيفساء الطيف السياسي على اختلاف مشاربه. فنتيجة انتخابات الهيئة الوطنية للمحامين افضت إلى تقدم نسبي للقائمة المهنية على حساب قائمة الإسلاميين حيث آلت المراتب الخمسة الأولى إلى مرشحي القائمة المهنية المستقلة المحسوبة على التيار الديمقراطي المتكون من (كتلة شوقي الطبيب، القوميين واليسار ) كما تحصل الأستاذ بوبكر بالثابت على 1809 أصوات وهو رقم قياسي لم يتحصل عليه من قبل أي مترشح في تاريخ انتخابات الهيئة الوطنية للمحامين وهو ما يستخلص منه أن الشق الديمقراطي واصل تفوقه على الشق الإسلامي داخل المحاماة وبذلك تكون هذه النتيجة مرآة للمشهد السياسي الجديد في البلاد والذي أفرز تحالفات جديدة برزت انعكاساتها منذ انتخابات 5ماي 2012 التي ثبتت العميد شوقي الطبيب في منصب العمادة وانتخابات 20 افريل 2013 لجمعية المحامين الشبان لتتواصل مع صعود الأستاذ محمد الفاضل محفوظ إلى منصب العمادة وأخيرا صعود اغلبية ديمقراطية من أعضاء الهيئة الوطنية للمحامين . وان تكونت القائمة المهنية المستقلة من التحالف الكلاسيكي الذي يضم المستقلين واليسار والقوميين فأن القائمة الإسلامية جاءت هذه المرة مخالفة لسابقاتها فالقائمة المحسوبة على حركة «النهضة» لم تضم محامين إسلاميين باستثناء الاستاذة هاجر عبد الكافي التي تحصلت على أضعف نتيجة من حيث عدد الأصوات فإن بقية الفائزين في انتخابات الهيئة من هذه القائمة وهم الأساتذة عمر خميلة ويسر الشابي والحبيب اليونسي لا يحسبون من قبل على التيار الإسلامي في حين يحسب الأستاذ رشاد البرقاش على التجمعيين ويحسب الاستاذ عبد العزيز الصيد على المستقلين الأقرب للشق الديمقراطي وهو ما يفسر تواجد اسمه في القائمتين ، رغم أنه هناك من رأى في تواجد اسمه محاولة لضربه والتشكيك في انتمائه . بوادر التململ غير أن انتصار القائمة الديمقراطية لا يحجب التململ الذي دبّ في أوساط اليسار حيث اتهم محاموه زملاءهم القوميين بعدم الالتزام بالتصويت لمرشحيهم مما جعل مرشحي اليسار الحلقة الاضعف في القائمة المستقلة ولم يصعد منهم إلا الأستاذة منى العابد والتي تحسب تاريخيا على اليسار لكنها قريبة من «الاتحاد من أجل تونس» بحكم اقترانها بالناطق الرسمي لحزب المسار سمير الطيب مما زاد في شكوك ممثلي كتلة اليسار في ضربهم انتخابيا من قبل القوميين ، وهذا ما ينبئ ببداية الانشقاق في التحالف الذي هزم الاسلاميين في جميع الاستحقاقات الانتخابية للمحامين رغم أن القوميين يفندون هذا الادعاء ويرجعون حصول مرشحيهم على نسبة تصويت عالية خلال انتخابات الهيئة إلى كون مرشحيهم الثلاثة (بالثابت والطرخاني ومزيو) يعملون بالفروع منذ مدة ومعروفين لدى عموم المحامين على عكس الأسماء التي راهن عليها اليسار والتي لم يكن لها اي نشاط صلب الهياكل ولم تقم بحملة انتخابية لهذا الاستحقاق . هل تقلب انتخابات الفرع المعادلة؟ انتخابات فرع تونس الذي يعد ثاني استحقاق من حيث الأهمية بعد انتخابات العمادة التي تجرى يوم غد ستشهد تنافسا بين الأستاذة سعيدة العكرمي زوجة وزير العدل السابق والقيادي في حركة «النهضة» والأستاذ محمد الهادفي المحسوب على اليسار والاستاذ عامر المحرزي المحسوب على كتلة شوقي الطبيب والأستاذ وحيد رجب المحسوب على ما يسمى بجماعة العريضة الذين ارادوا الاطاحة بالاستاذ شوقي الطبيب بعد صعوده للعمادة . وعلى عكس انتخابات العمادة التي تكهن جل المحامين بأن تنحصر المنافسة بين محمد الفاضل ومحمد نجيب بن يوسف فان انتخابات الفرع تبدو غامضة نظرا لاعتبارين أولهما التململ الحاصل في التحالف (يسار / قوميين) والذي قد يعطي لتحالفات انتخابات الفرع شكلا أخرا. الاعتبار الثاني يتمثل في ان الاستاذة سعيدة العكرمي وعلى عكس المرشحين الاسلاميين السابقين تحظى على ما يبدو بدعم حركة «النهضة» فقط دون التيارات الاسلامية الاخرى التي ستدعم حسب ما يتردد في أوساط المحامين مرشح العريضة الاستاذ وحيد رجب في حين تبقى حظوظ الاستاذ عامر المحرزي وافرة نظرا لكونه عمل صلب هياكل المهنة ويتمتع بدعم كبير من المهنيين.