غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    علماء يحذرون.. وحش أعماق المحيط الهادئ يهدد بالانفجار    تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    دعما للتلاميذ.. وزارة التربية تستعد لإطلاق مدارس افتراضية    ترامب يبحث ترحيل المهاجرين إلى ليبيا ورواندا    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    مهرجان «كنوز بلادي» بالكريب في دورته 3 معارض ومحاضرات وحفلات فنية بحديقة «ميستي» الاثرية    عاجل: ألمانيا: إصابة 8 أشخاص في حادث دهس    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تحيين مطالب الحصول على مقسم فردي معدّ للسكن    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    تحسّن وضعية السدود    معدّل نسبة الفائدة في السوق النقدية    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    مأساة على الطريق الصحراوي: 9 قتلى في حادث انقلاب شاحنة جنوب الجزائر    تونس تسجّل أعلى منسوب امتلاء للسدود منذ 6 سنوات    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    عاجل/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    النّفطي يؤكّد حرص تونس على تعزيز دور اتحاد اذاعات الدول العربية في الفضاء الاعلامي العربي    عاجل/ زلزال بقوة 7.4 ودولتان مهدّدتان بتسونامي    الشكندالي: "القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق الثروة في تونس"    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    كلية الطب بسوسة: تخرّج أول دفعة من طلبة الطب باللغة الإنجليزية    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعاد عبد الرحيم ل «التونسية»: في «النهضة» معارضون لقانون تحصين الثورة
نشر في التونسية يوم 29 - 06 - 2013


عشرات الأحزاب تغازلني ومغادرتي «النهضة» واردة
إقصاء شهداء الحوض المنجمي.. تصفية حسابات
فطوم عطية افترت عليّ
كثيرا ما أثارت آراؤها ومواقفها جدلا واسعا على الساحة السياسية.. الى درجة ان بعض السياسيين والملاحظين يرون فيها «جناحا معارضا» في كتلة «النهضة».
سعاد عبد الرحيم عضو المجلس التأسيسي عن حركة «النهضة» هي ضيفة ركن «حوار اليوم» بهذا العدد.
ماذا قالت عن احتمال مغادرتها كتلة «النهضة»؟ وما رأيها في اداء اعضاء الحزب الحاكم وفي مواقفهم من القضايا الساخنة بالبلاد؟ وأي الاحزاب اقرب الى قناعاتها وبما ترد على الداعين الى اقصائها من كتلة «النهضة»؟
ما رأي سعاد عبد الرحيم في النسخة الاخيرة من الدستور؟ وما تعليقها على مشروع قانون تحصين الثورة الذي يناقشه اعضاء المجلس التأسيسي؟
عن هذه الأسئلة وغيرها تجيب ضيفتنا في الحوار التالي:
بداية لو تحدثينا عن قرار مغادرتك لحركة «النهضة»؟
أنا أؤكد ذلك وانتمائي لحزب سياسي اخر في المرحلة المقبلة وارد وقد اشرت في وقت سابق الى انني سأستقيل من الكتلة البرلمانية لحركة «النهضة» اذا وقع المساس بمجموعة من المبادئ الاساسية المتمثلة حسب اعتقادي في مدنية الدولة والمساواة بين المرأة والرجل ومجلة الاحوال الشخصية وحيادية دور العبادة. وأنا اختلف مع حركة «النهضة» في مستوى مبدإ عام وفي عدة سياسات من بينها المزج بين العمل الدعوي والعمل السياسي. وقد سبق ان عبرت عن استيائي من بعض الاشخاص الذين صنعوا «لخبطة» وخلطا بالمزج بين العمليتين.
فالعمل الدعوي مهم جدا لكن اذا وقع خلطه بالعمل السياسي قد تكون له انعكاسات سلبية وما جدّ من احداث في بلادنا مؤخرا هو اكبر دليل على ذلك.
ما الذي تعيبه سعاد عبد الرحيم على حركة «النهضة» تحديدا؟
صراحة لا احبذ القيود «المؤدلجة»، فأنا أقبل القيود الوطنية «وهي على عيني وراسي»، لكن هناك من القيود ما لا يروق لي وبعض الاحزاب طغت عليها ايديولوجيتها. صحيح ان اعضاء «النهضة» هم اناس مؤدلجون ولم ألتق معهم في عديد النقاط لكنني التقيت معهم في التأسيس للدستور وليس للحزب، وأؤكد انني أمقت القيود ولا ألتزم بها.
وما هي أقرب الأحزاب التي تتصور سعاد عبد الرحيم نفسها في صفوفها الأمامية؟
انتمائي لحزب جديد سيكون مبنيّا على البرنامج الذي سيطرحه بناء للمرحلة المقبلة التي اتمنى ألا تكون انتقالية او مؤقتة ولن اقوم باختيار الاحزاب حسب الاسماء لكن حسب مدى توافقي مع توجهاتها والمهم ان يكون حزبا سياسيا معتدلا ووسطيا وديمقراطيا وغير منسلخ عن الهوية. هذه هي الصفات العامة التي وجب ان تتوفر في الحزب الذي سأتواجد مستقبلا في صفوفه.
وللأمانة، لقد تلقيت اتصالات عديدة من عشرات الاحزاب بعد ان اعربت عن نية استقالتي من حركة «النهضة» وقد رحبت بانضمامي اليها وهي أحزاب تتفرق بين معارضة واخرى في الحكم، وشخصيا لقد أشرت سابقا الى انني حافظت على استقلاليتي لأنني عندما ترشحت ذكرت انني مستقلة وقد التزمت بذلك رغم ان نظام الكتل السياسية في المجلس التأسيسي يهمش المستقلين في بعض الاحيان، في حين انه يعطي الاسبقية لكتل الاحزاب السياسية، ومن حقي ان اكون في صفوف حزب فاعل خلال المرحلة المقبلة وذلك يتوقف طبعا على ما سيطرحه من برنامج.
ڑ لكن الرؤية واضحة لدى العديد من الأحزاب التي سبق ان قدمت برامجها؟
معظم الاحزاب قدمت برنامجا خاصا بالمرحلة الانتقالية ولم أر برامج لفترة استقرارية اطول، وشخصيا ألتقي مع «التحالف الديمقراطي» و «الحزب الجمهوري» و «التكتل من اجل العمل والحريات» في العديد من النقاط.
صراحة، أحبذ الأحزاب الوسطية المنفتحة على الآخرين وليس لها عداء مع الاخر، فمن حقنا الاختلاف لكن ليس من حقنا الخلاف بمعنى اصح لنترك صندوق الاقتراع فيصلا في تحديد من يكون في السلطة وبإمكاننا ان نصل الى ذلك بالتعاون وبالحوار وقد شاهدنا مرارا وتكرارا ان العديد من القضايا الخلافية تنتهي بالشجار وتتحول الى مهزلة حقيقية وأنا أقر ان العديد من الاحزاب وخاصة حركة «النهضة» قد قدمت العديد من التنازلات للاقتراب من الرأي الآخر.
لكنها قدمت تنازلات في بعض الأحيان وهي غير مقتنعة؟
حتى وان كانت غير مقتنعة فانها تؤمن بانه خيار سياسي وخيار استراتيجي لتجاوز المرحلة الانتقالية ومثالنا في ذلك ان عديد الاعتراضات حصلت حول ادراج فصل حرية الضمير من طرف النواب، لكن وقع التفاعل مع الفصل بكل ايجابية وقد شددنا على مسألة الوفاق مرات عدة وعلى تجاوز كافة النقاط الخلافية.
تحدثت في وقت سابق عن خلافك مع جناح معين في حركة «النهضة» والسبب انه لا يفرق بين العمل السياسي والعمل الدعوي وبين العمل السياسي العلني والعمل السياسي السري. كيف تفسرين ذلك؟
منذ ما يقارب الثلاثين سنة، مارس ابناء حركة «النهضة» عملا سريا كان فيه الخطاب أحيانا دينيا بحتا و«مهيجا» للقلب وللمشاعر اكثر من العقل، واحيانا اخرى لمسنا في تصرفاتهم حذرا كبيرا من الاخر فيه عدم انفتاح ورفض للآخر لانهم يصنفونه على انه «عدو»، وهو ما يخلق فيك العمل السري ويجعل بينك وبين الاخر جدارا، وانتقال «النهضة» من العمل السري الى العمل العلني قادر على خلق بعض الارتجاجات وبعض الخلط والارباك وهو ما عشناه في المرحلة الاولى مع الحركة، ولكن تماسكها وقدرتها على التسيير جعلاها تتجاوز العديد من العقبات. علاوة على ذلك فارادة خدمة هذا الوطن موجودة لكن العمل السري له خاصياته وما أثار استيائي فعلا هو ان البعض من ابناء الحركة يدعون الى الحذر من سعاد عبد الرحيم.
بمعنى أصح، هل هناك من القيادات من يدعو الى اقصائك؟
قطعا لا، ليس لي مشاكل مع قيادات الحركة وقد انصفتني مرات عديدة كما انهم يقرون بضرورة تواجدي معهم، لكن بعض العناصر الأخرى من الحركة ومن الكتلة البرلمانية ترى في تدخلاتي ومداخلاتي «غرابة» وكأنها مسقطة، وانا اقول لكل هؤلاء انه يجب ان ينبني الدين على الحريات واذا أقصينا هاجس الخوف فسنحقق معا التقدم نحو الأمام وسنقبل الآخر، كما أنني اشير الى ان الدين ليس ملكا لحزب معين ولا يمكن ان نسمح ان يكون اداة في ايادي احزاب سياسية معينة.
واذا تجاوزنا هذه العقدة، سنقبل التعايش مع بعضنا، وللاشارة هناك من داخل الكتلة من يرى ان تواجدي بينهم «نشاز»، في حين يرى البعض الاخر العكس ويقولون ان في آرائي الناقدة المختلفة عن الكتلة اثراء لكافة النقاشات، واذكر على سبيل المثال ان قواعد الحركة تبنت قانون تحصين الثورة وانا مدينة لها بالتصويت لكن ذلك لا يمنع ان اعرب عن رأيي في هذا القانون داخل وخارج الكتلة، لكن اذا تخالفهم الرأي داخل الكتلة، يتحول رأيك الى «نشاز» وانا اقول انه قد كانت لي الجرأة اكثر على مخاطبة من يخالفني الرأي وكلي ثقة في النفس، في حين ان هناك من يحمل نفس الفكرة ويشاطرها لكنه لا يصرح بها خوفا من الآخر، وهناك من اخبرني شخصيا من ابناء الكتلة انه سيتغيب ولن يناقش معنا قانون تحصين الثورة لأن رأيه مخالف وكان خائفا من ان يواجه الامرين ويتفوه بما لا يحمل من افكار.
نحن نعلم ان هناك التزامات حزبية وتماسكا حزبيا مطلوبا داخل الكتل وانا ألتزم بذلك لكن في ما يتعلق برأيي فأنا أقوله بكل صراحة وبكل حيادية واستقلالية وهناك من يخير ان يصمت.
مع من تختلف سعاد عبد الرحيم داخل حركة «النهضة»؟
هناك اشخاص منغلقون وانا اختلف مع كل من هو ضد الحوار وضد الانفتاح وضد ارادة الشعب، وقد حزّ في داخلي عدم حضوري ومشاركتي في مبادرة اتحاد الشغل خلال شهر فيفري في حين انني كنت ضمن الاشخاص الذين دافعوا بشدة عن هذا المقترح وذكرت ان الاتحاد ليس حكرا على مجموعة سياسية معينة انما هو ملك التونسيين والتونسيات وانا اساند عملية تفعيل ومشاركة كافة مكونات المجتمع المدني وفتح الآفاق وسماع الآراء المخالفة وقد تمنيت ان اكون حاضرة يومها لكن حركة «النهضة» خيرت ان تقاطعه.
زد على ذلك مسألة ادراج شهداء الحوض المنجمي في المرسوم 97 التي طالبت بها سابقا وقوبلت بالرفض أقلقتني خاصة ان لشهداء الحوض رمزية كبرى واحداث 2008 كانت الشرارة الاولى لانتفاضة هذا الشعب، وكان من المفروض ان يقع تشريفهم انصافا لمنطقة عصفت بها الطبيعة خاصة أننا نعلم جميعا مدى التهميش الذي تعيشه تلك المنطقة.
ولم وقع اقصاؤهم؟
لعدة اعتبارات لن أقوم بتعدادها. لكن أظن انه من المفروض ألا نصنف الشهداء على اساس الانتماءات مثل ان نقول ان فلان شهيد يساري اوما شابه، وانا اعتبر ان هذا مشروع قانون تشريفي بحت وإدراجهم «موش مزية»، واحيانا يكون الانتماء الحزبي مهيمنا على حيادية الصياغات القانونية.
اذن هل كانت مسألة عدم إدراجهم قضية تصفية حسابات؟
فعلا، لقد احسست انها مسألة «تصفية حسابات» واصبحت بمثابة التحديات.. أحيانا تكون السياسة «إكراهات»، هذا ما استطيع ان اقوله في هذا الصدد.
ماهي ملامح علاقتك بمحرزية العبيدي؟
لا بد ان يكون هناك احترام بيننا لأنها نائبة رئيس المجلس وأنا نائبة داخله، واعتقد ان مداخلتي مؤخرا ومطالبتها باحترام زميلتي لم يرق لها. فرئيس الجلسة مطالب بالسيطرة على التشنجات وألا يكون مصدرا لانبعاثها، وعلى هذا الاساس وجهت لها تلك الانتقادات المتعلقة بكيفية تسييرها للجلسة وكان ذلك بكل احترام وبكل لطف.
وحتى ان كان لي خلافات مع محرزية العبيدي فلن اقوم بتصفيتها في الاعلام او تحت القبة وتأكدوا انني سأصفيها بالحوارات وبالمواجهات ومحرزية العبيدي عاملتنا يومها وكأننا في قسم دراسي.
هل أثرت تلك المسألة على علاقتك بمحرزية صلب حركة «النهضة»؟
أظن أن الأمر كان كذلك (ضحكت قليلا ثم واصلت حديثها) من المؤكد ان ملاحظتي لم ترق لها رغم انه سبق ان تناقشنا سوية في مسائل مماثلة ودعوتها الى ضرورة «مسك اعصابها» خلال الجلسات لكن يوم تدخلت امام الجميع احسست انها قد قامت بتجاوز ابناء حركة «النهضة» يومها حتى ان الصحبي عتيق قد قال لها بعد الحادثة حرفيا «للأسف اقول لك انك قد فشلت في ادارة الجلسة».
ولماذا قمت بمقاطعة اجتماعات الحركة منذ فترة طويلة؟
إن المواقف العامة والتردد في اخذ بعض المواقف احيانا وكذلك التردد في حسم الخلافات بين ابناء الكتلة وتبادل الاتهامات كلها اسباب جعلتني انسحب من اجتماعات «النهضة».
بم اتهمت سعاد داخل «النهضة»؟
اتهامات عديدة، فقد وقع اتهامي مثلا ب «الابتزاز» من قبل فطوم عطية التي قالت ان سعاد عبد الرحيم تبتز حركة «النهضة» وأنني هددت بالاستقالة اذا لم يمنحوني رئاسة لجنة، كما قالت أنني هددت بالالتحاق ب «نداء تونس»، وهذا كذب وافتراء ومن نسج خيالها الواسع، وكلمة ابتزاز أثرت في شخصي.
إن الاحاديث الجانبية داخل الحركة تقلقني، فهناك من يقول انني مطالبة بتبني افكار الحركة لما لها من فضل عليّ في البروز، وهناك من استحسن مسألة خروجي من الحركة حتى ان هناك من قال لي في بعض الاجتماعات ان وجودي سيؤثر سلبا على الكتلة، وهؤلاء هم اعضاء من القواعد وليسوا بقيادات.
مصطفى بن جعفر قال إن الدستور «نجح قبل المصادقة عليه»، ماذا تقول سعاد عبد الرحيم؟
الدستور الذي تمت صياغته هو عمل بشري وهذا العمل هو جيد لكنه في حاجة للتعديل هو دستور حي بدأت صياغته من ورقة بيضاء وكان هناك اجماع ووفاق منذ الوهلة الاولى على الفصل الاول وهو ما اعتبره مكسبا لما لهذا الفصل من انعكاس كبير على بقية الفصول وهذا دستور حام للحريات وفيه بعض التوازن بين السلط،كما انه غير مسقط على ما تعيشه من تناقضات ومن هوية، اي انه كتب في اغلب الاحيان بطريقة توافقية، وتبقى بعض الخلافات موجودة خاصة في مستوى الاحكام الانتقالية وقد قلنا انه لا بد من مراجعتها وسيتم ذلك.
وشخصيا أساند ان تكون لرئيس الجمهورية صلاحيات موسعة اكثر مما هي موجودة في التنظيم المؤقت للسلط، كما انني اساند عملية توازن السلط بين رئاسيتي الحكومة والجمهورية، وكنت ومازلت ارى وأؤمن بضرورة الانتخاب المباشر لرئيس الجمهورية.
واحمد الله انه قد تم اقرار هذا المبدإ لأن التونسي يريد ان يختار رئيسه ولا يريده مسقطا.
أنا أرى ان السلطة هي أمانة وتكليف اكثر من كونها تشريف و «بريستيج» وهي ان تكون عادلا لأنه بالعدل تبنى الشعوب وبالعدل تتحقق الديمقراطية، ولو كان العدل طاغيا على محاكمنا اليوم لما كانت لنا شكوك وخوف على الحرية.
علاوة على ذلك، أريد ان يتم الفصل بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية وأرى ان الانتخابات التشريعية والرئاسية وجب ان تكونا متزامنتين على الاقل في الدورة الاولى، وكل ما نتمناه هو ان يكون هذا الدستور للجميع.
لكن في مستوى الاحكام الانتقالية، هناك خلل وهناك من عاب تدخل الحبيب خضر فيها؟
فعلا هناك خلل لكن الذنب ليس ذنبه، فعندما تمت عملية تشكيل اللجان لم نفكر آنذاك في لجنة للاحكام الختامية لكن عندما تم اقرار محكمة دستورية ضمن الدستور، كلفت هيئة الصياغة والتنسيق السيد الحبيب خضر (وكان مصحوبا بالسيد مبروك الحريزي) بالاهتمام بمسألة الاحكام لكن يبدو انه لم يصب، وقد قلنا مؤخرا انه ستتشكل لجنة وفاقات ستتولى صياغة الاحكام الانتقالية بالاستئناس بآراء الخبراء.
هناك بعض النقاط الاخرى المتعلقة بالاعلام الذي وجب ان يكون مستقلا ومحايدا، وعملية خلق هيئة دستورية له ستقيده فالصحافة المكتوبة والالكترونية لا يمكن ان تكونا خاضعتين للرقابة المسبقة.
انا احبذ في هذا المستوى التعديل الذاتي مثلما طالبت بذلك مجموعة من الاعلاميين والشعوب التي فيها حرية الصحافة هي شعوب مثقفة وراقية، لأن الاعلام يرتقي بالثقافات وبالشعوب وكل ما نريد هو ان يكون مهنيا.
هل هناك من اعتبر تواجدك في «النهضة» وانت «غير محجبة» «نشازا»؟
اكيد، لقد عشت ذلك في بعض الاجتماعات داخل الحركة خلال الحملات الانتخابية، وهناك من عبر لي عن ذلك، كما ان هناك مغنّيا مشهورا مساندا للحركة استاء ذات مرة من تواجدي في الحركة وقد اساء لي حين فرق الاشخاص على اساس الحجاب، مقابل ذلك هناك من نسب اليه العمل الدعوي والجناح المتشدد داخل الحركة في حين انه يرحب بوجود سعاد عبد الرحيم بينهم.
فالتناقضات في الافكار موجودة وما يقلقني هو ان نقوم بإصدار احكام مسبقة على شخصي انطلاقا من شكلي، لذلك حاسبوني على ما أقدمه من افكار، سأقدر فيكم ذلك وبكل تلقائية ومحبة لكن لا تحاسبوني على شكلي.
ماذا حققت سعاد بانتمائها لحركة «النهضة»؟
أردت بعث رسائل طمأنة للشارع واعتقد انني قد وفقت في ذلك وهو ما لمسته من خلال احتكاكي بالشارع التونسي.
ماهو تعليقك على قانون تحصين الثورة؟
هو قانون سياسي بحث يخضع لحسابات سياسية وعدم تمريره وارد وانا أقول ان مشروع العدالة الانتقالية يتضمن مشروع العزل السياسي واذا كانت لنا خلافات حول هذا القانون الاقصائي فلنغيره.
ولقد قلت انه من حقنا محاربة الفساد وكل من اذنب في حق الشعب التونسي ومن واجبه الاعتذار ولا أرى في الاعتذار اهانة، كما أنني اساند مسألة المحاسبة والمصالحة وكشف الحقائق وهذا مضمن في مشروع العدالة الانتقالية، وعلمية كشف الحقائق ستدين مجموعات كبرى كما ان الامكانيات المادية والبشرية ستكون متوفرة، بمعنى اصح انا لا احبذ ان تكون المحاسبة سياسية ولا اريد ان نخوض في مسألة من شأنها ان تعكر صفو الحياة الاجتماعية والسياسية، فنحن في حاجة الى البناء اكثرمن الهدم، فالهدم سهل جدا لكن البناء على اساس التوافقات صعب جدا.
ألا ترين ان رئاسة المجلس قد تعمدت تمرير قانون تحصين الثورة قبل مشروع العدالة الانتقالية؟
لا.. هو لم يكن متعمدا وانا في اللجان المتعهدة بقانون العدالة الانتقالية الذي ارى انه يفي بالحاجة، لكن حاجة النواب الى مناقشته كانت اكبر، فقد انطلقنا في دراسته منذ شهرين، وقمنا باجتماعات مشتركة وكانت ثرية جدا ومطولة، وقد انتهينا من القراءة الاولى وعدّدنا مجموع النقاط الخلافية، ومن المنتظر ان يقع الحسم فيها خلال الاسبوع المقبل.
وماذا تقولين في اللائحة التي طالبت بإعفاء المرزوقي من مهامه؟
هي ممارسة ديمقراطية دون شك لكن لا يمكن ان تكون ورقة ضغط على رئاسة الجمهورية لكن هل ان تصريحاته تتطلب اعفاء!!
من حقهم ان يقدموا تلك اللائحة لكن دون مشاحنات ومزايدات ودون ضغوطات وكلنا نعلم ان الاعفاء يكون مبنيا دائما على تجاوز دستوري او في حال حصول خيانة عظمى وهما مسألتان ستضمنان بأكثر دقة في الدستور الجديد.
صراحة لا بد من المحافظة على رمزية رئاسة الجمهورية، وقد اشرت في وقت سابق الى ان خطاب المرزوقي قد طغى عليه الخطاب الحقوقي اكثر من الخطاب السياسي لكن هل ان ما قاله يدفعنا الى سن هذه القائمة وفي هذه المرحلة بالذات، لهذه الاسباب اقول دائما ان السياسة هي فن التعامل مع الواقع، فإذا ما أخل الرئيس بالدستور وبالقوانين فمن حقك ان تحاسبه ولكن المرحلة الحالية تتطلب منا الوحدة والمزيد من العمل للمرور الى المرحلة الدائمة والمستقرة ولسنا في حاجة الى «بلبلة وشوشرة».
لقد طلبت في العديد من المناسبات موعدا مع الشيخ راشد الغنوشي لتوضيح بعض الاشكاليات، هل كان لك ذلك؟
الشيخ كان حاضرا في بعض الاحيان خلال اجتماعات الكتلة، وقد اتصلت بابنه لتحديد موعد ولم أتلق ردا. ربما سها البعض عن تبليغه واعتقد ان الشيخ على استعداد لملاقاتي خاصة انه قد اتصل برئيس الكتلة واعرب عن ذلك.
هل ترين ان هناك من تعمّد عدم اخباره؟
لا اعتقد هو سهو لا غير وشخصيا اولى قيمة كبرى للبروتوكول، وأفضّل دائما تحديد مواعيد حتى اجتمع بشخص معين، ربما تكون شكليات لكنها تؤثر على صورة الشخص وهيبته وعلى المؤسسة عامة.
دعا الغنوشي في تصريح إذاعي كافة التجمعيين الى الاعتذار من الشعب التونسي ثم تراجع عن دعوته، ألا ترين ان الزعيم قد خذل أنصاره بهذا القرار؟
هو تقدم باقتراح تعديل لكن هذا الطلب قد يكون فيه اهانة للشعب التونسي ونحن نريد لهذا الشعب ان يحافظ على كرامته واذا كان الاعتذار تلقائيا وليس بدعوة من رئيس حزب في السلطة، يكون له وقع اجمل وأثمن.
حسب رأيك ما الذي دفع الشيخ الى اقتراح مسألة مماثلة؟
ربما كان تفاعلا مع بعض الاقتراحات المقدمة في مستوى مقترح التعديل لقانون تحصين الثورة، لكنه تراجع بعد ذلك قائلا ان «كرامة الشعب من كرامة من يسود» ونحن نريد شعبا ثائرا ومحافظا على كرامته، فالثورة هي ثورة الحرية والكرامة وهو شعار يرفع فلنحافظ اذا على كرامة الشعب التونسي.
ألا ترين انه قد خذل انصار حركة «النهضة»؟
ربما اراد الشيخ ان يجد مخرجا توافقيا للتقليص من عدد من سيشملهم هذا القانون، وربما هي نقطة التقاء مع قانون العدالة الانتقالية وكأننا بالشيخ الغنوشي اراد ادراج روح العدالة الانتقالية للتخفيف من حدة هذا القانون وقسوته على بعض ابناء المجتمع.
هل يعني هذا ان هناك البعض من قيادات «النهضة» رافضة لقانون تحصين الثورة وتعارضه؟
أكيد سبق وان تناقشت مع بعض القيادات حول هذه المسألة وهناك من صرح برأيه المعارض لهذا القانون الاقصائي في حين هناك من احتفظ وتستر على رأيه وشخصيا لا أعرف رأي الشيخ في الموضوع، لكني احسست ان في تصريحاته محاولة لوجود مخرج.
لو تحدثينا عن لجنة الفرز المخصصة لاختيار هيئة الانتخابات، لماذا تعطلت اعمالها حسب رأيك؟
لقد جد خلل قانوني في البداية وتوقفت اعمالها خلال فترة معينة بعد ذلك تم قبول كل الملفات وطالت النقاشات صلبها وهو ما عطل اعمالها، وكل ما نتمناه هو ان يقوموا بالاسراع في اعمالهم لأن هناك نسبة 70٪ من النواب يتطلعون الى انهاء اشغال المجلس في اقرب الاوقات، كما أننا نتلقى دائما توصيفات بالاسراع وبالتسريع وبأن المرحلة الحالية لا تخدم مصلحة اي حزب.
ماذا تقولين عن هؤلاء؟
السبسي؟
رمزيته من رمزية بورقيبة خاصة وان هذا الاخير كان رئيسا في مرحلة عظمى وكبرى واعطى اهمية للصحة وللتعليم وعلى أساس هذا المبدأ نجد المرأة التونسية اليوم على هذه الصورة لقد تتلمذ السبسي على يد بورقيبة وكان له دور كبير في الانتقال الديمقراطي بعد الثورة، هو محتك سياسيا وله خبرة كبرى في السياسة.
الشيخ راشد الغنوشي؟
هو مفكر سياسي ومعدل في العديد من المواقف كما انه منفتح اكثر من عديد القواعد الموجودة في كتلة حركة «النهضة»، ومنفتح على الآخر.
المرزوقي؟
مناضل وحقوقي وربما طغت عليه الصبغة أو الصيغة الحقوقية الموجودة داخله لأنه يريد الدفاع عن الجميع ومع الجميع لذلك نجده ساعة «ساق في السلطة وساق في المعارضة».
كلمة الختام؟
تونس جميلة، فلنحافظ عليها، هي ليست ملكا للأحزاب السياسية بل هي ملك لأبنائها، وعمل الاحزاب وجب ألا يكون على حساب المصلحة الوطنية ولا على حساب التفريق بين التونسيين، إضافة الى ذلك هناك قيمة كبرى لا بد من ارسائها تتمثل في تدعيم قيمة العمل لأننا بالعمل نرتقي وننهض، فمثلما هناك اقرار بحق الاضراب في الدستور وجب كذلك اقرار واجب العمل بما أننا في عهد البناء ونريد ان نبني تونس معا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.