تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    دعما للتلاميذ.. وزارة التربية تستعد لإطلاق مدارس افتراضية    ترامب يبحث ترحيل المهاجرين إلى ليبيا ورواندا    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    مهرجان «كنوز بلادي» بالكريب في دورته 3 معارض ومحاضرات وحفلات فنية بحديقة «ميستي» الاثرية    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    تحسّن وضعية السدود    معدّل نسبة الفائدة في السوق النقدية    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    تحيين مطالب الحصول على مقسم فردي معدّ للسكن    المانيا.. إصابة 8 أشخاص في عملية دهس    تونس تسجّل أعلى منسوب امتلاء للسدود منذ 6 سنوات    عاجل/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق    مأساة على الطريق الصحراوي: 9 قتلى في حادث انقلاب شاحنة جنوب الجزائر    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    عاجل/ أمريكا تجدّد غاراتها على اليمن    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    النّفطي يؤكّد حرص تونس على تعزيز دور اتحاد اذاعات الدول العربية في الفضاء الاعلامي العربي    عاجل/ زلزال بقوة 7.4 ودولتان مهدّدتان بتسونامي    الشكندالي: "القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق الثروة في تونس"    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    كلية الطب بسوسة: تخرّج أول دفعة من طلبة الطب باللغة الإنجليزية    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رضا السعيدي (الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون الاقتصادية) ل«التونسية»(1): لا ننوي التّفويت في البنوك العمومية
نشر في التونسية يوم 22 - 07 - 2013

هو مناضل سياسي في سنوات الجمر، عاش تجربة السجن من سنة 1991 الى غاية 2007، متحصل على شهادة مهندس والماجستير في الجودة والإنتاجية، له مؤلف علمي تحت عنوان «الاقتصاد التونسي الواقع والتحدّيات»، في شكل دراسة تحليلية نقدية، يصنفه زملاؤه في الحكومة بتقنوقراط الحكومة السياسية، رغم انتمائه لحركة «النهضة».
ضيف حوار اليوم، هو السيد رضا السعيدي الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون الاقتصادية والذي استقبلنا في مكتبه بقصر الحكومة في حوار مطول وشامل تناول فيه مختلف الملفات الاقتصادية التي تخص الوطن والمواطن واعلن خلاله عن جملة من الاخبار الحصرية التي تنفرد التونسية بنشرها في الحوار التالي:
حاوره: توفيق نويرة وأحمد فضلي
بداية، ما جديد الملفات والبرامج المطروحة على طاولة الدرس بالوزارة؟
الآن هناك مجموعة من الملفات التي تحظى بالأولوية ذات الصلة بالمشاريع العمومية التنموية.. ونحن بصدد إجراء زيارات مكثفة إلى الجهات والمناطق الداخلية للاطلاع على تقدم التصرّف في الميزانية وإنجاز المشاريع التنموية قصد تحديد الصعوبات التي تعترض إنجازها وفي الآن ذاته نحن في تنسيق مع وزارة التعاون الدولي والوزارات الفنية المعنية يتجاوز الإشكالات.
وللإشارة فإنّ أبرز المشاريع التي هي بصدد الإنجاز تخص وزارات التجهيز والفلاحة والصحة، طبعا كل الوزارات معنية ولكن هناك وزارات نالت نصيب الأسد من المشاريع.. ونحن نعمل معها لرفع العراقيل المتمثلة في مشاكل قانونية وعقارية واعتراضات بعض المواطنين إضافة إلى غياب المقاولين في المناطق الداخلية لإنجاز هذه المشاريع وهذا لا ينفي أن نسبة إنجاز المشاريع العمومية في تحسّن وتفوق ٪20 والمعلوم أن فتح الاعتمادات وإجراء طلبات العروض يأخذان وقتا لكن نحن نركز علي تقليص المدة حتى يتم تنفيذ أبواب التنمية في الميزانية هذا بدرجة أولى.
أما بدرجة ثانية فنحن نعمل على دفع نسق الاستثمار وفي هذا الإطار قمنا بعديد المبادرات واللقاءات مع قطاع رجال الأعمال واتحاد الأعراف والأطراف الاستثمارية الأجنبية وبنوك دولية كل ذلك من أجل استحثاث نسق الاستثمار في تونس والترويج لتونس كوجهة استثمار تتوفر بها مجموعة من الشروط والميزات، فالمعروف أن الاستثمار العمومي يبقى دائما وقتيا لدفع نسق النمو ولهذا اعتمدنا منذ سنة 2012 Co instop عند التوسع في الإنفاق العمومي في مجال الاستثمار بالمرافق الأساسية والبنية التحتية لكن يبقى الاستثمار في القطاعات المنتجة هو الداعم لخلق مواطن الشغل ودفع الاقتصاد وهذا لا يتحقق إلا عبر القطاع الخاص، ومن أجل هذا نسعى إلى استعادة ثقة الاستثمار في تونس.
ولتحقيق ذلك والبحث عن حلول نُجري عدة لقاءات لعل أبرزها التشاورية مع اتحاد الأعراف برئاسة السيدة وداد بوشماوي كل هذا لدراسة الملفات العالقة والحارقة.. وهذه اللقاءات تندرج في إطار المقاربة التشاركية من أجل دفع نسق الاستثمار لأن دفع الاقتصاد يمرّ حتما من خلال توفير مناخات تشجع على الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال والحوكمة الرشيدة وتقليص الآجال.
بالتوازي مع هذا لدينا مجالات أخرى نتحرك فيها تتمثل بالأساس في الإصلاحات التي تشمل الطابع الهيكلي من خلال مراجعة منظومة الاستثمار ونحن الآن في اللمسات الأخيرة لإنجاز مجلة الاستثمار وكذلك مشروع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص والذي هو تحت الدرس من قبل المجلس الوطني التأسيسي.
مسار آخر كذلك هو إصلاح المنظومة الجبائية إلى غير ذلك من الملفات ومراجعة منوال التنمية الذي انطلق التفكير فيه إلى جانب فتح حوار وطني بشأنه يحتاج وقتا لمراجعة فلسفة المنوال التنموي والقطاعات ذات الأولوية حتى يكون هناك تناغما مع المقاربة الموجودة الآن في الدستور المتمثلة في خيار اللامركزية.
لو توضح لنا ذلك؟
إن خيار اللامركزية عند تنزيله إلى الواقع يلزم أن تكون فيه الرؤية واضحة على مستوى التنمية وتوزيع خيرات البلاد على الجهات إضافة إلى الرؤية التكاملية بين القطاعات والجهات من أجل الارتقاء بالاقتصاد الوطني من المستوى الحالي حتى نقدر على الارتقاء بنسبة النمو.
وحقيقة نسبة النمو الحالي لا يمكن أن تقلّص من مستوى البطالة أو تخلق مواطن شغل لذا وجب علينا رفع نسبة النمو إلى حدود معقولة حتى نتمكن بصفة مباشرة من التقليص في نسبة البطالة إلى حدود ٪10 ورغم ذلك تمكنا من تقليصها منذ سنة 2012 لكن هذا يبقى دون المطلوب.. فبقاء نسبة البطالة مرتفعة نسبيا قد يهدّد السلم الاجتماعي وبالتالي التقليص فيها من الأولويات.
هناك كذلك ملف الأسعار الذي يحظى بالأولوية لدى الحكومة وهناك اللجنة الوطنية للتحكم في الأسعار والتي تضم جميع المتدخلين وقد تم اتخاذ عديد الإجراءات لتسعير بعض المواد بعد دراسة واستشارة أهل المهنة، كما اتخذنا في هذا الملف تجربة الأسواق من المنتج إلى المستهلك التي تركزت في أغلب الجهات وقد تم رصد اعتمادات بين 100 و150 ألف دينار لتركيز هذه الفضاءات وهي تجربة تشارك فيها منظمة الدفاع عن المستهلك واتحاد الفلاحة والصيد البحري وأطراف أخرى.
بارونات السوق يلهبون الأسعار ويربكون المراقبة
وللعلم فإنه لدينا خلل هيكلي في المجال المتعلق بمسالك التوزيع وهو من المشاكل التي لم تحل منذ عقود من الزمن ويمكن لإعادة هيكلة التوزيع عبر أسواق الجملة الجديدة أن تخفّف العبء على سوق الجملة وهناك خيار يتمثل في بعث سوق جملة كبير بجبل الوسط حتى يكون قريبا من مواقع الانتاج وهو ما يخفف على سوق الجملة في تونس لأن هناك طرق عمل قديمة وأطرافا متنفذة في السوق تبدي مقاومة عنيفة لكل عملية إصلاح وهيكلة بسوق الجملة في تونس لذلك فإن إيجاد سوق جديدة قد يفسح المجال أمام شفافية العرض والبيع وحتى نفرض مرور المنتوجات عبر أسواق الجملة التي ستتحول إلى مرصد لمراقبة حركة السوق ويتحقّق قانون العرض والطلب بشفافية، وبهذا نقلص من المسالك الموازية.
وكل هذا يتم مع بعض الوزارات المعنية كوزارات الفلاحة والتجارة والمالية التي تقدم لنا بعض التسهيلات القانونية والمالية عند التوريد.. وألاحظ هنا أنه كلما كان الإنتاج وفيرا كانت الأسعار منخفضة.
وفي سياق متصل هناك ملف التهريب الذي نبذل فيه جهودا مكثفة سواء على المجال الوطني أو بالتنسيق مع العديد من الجهات الدولية وتحديدا جيراننا ليبيا والجزائر من خلال تنسيق السياسات وتبادل المعلومات للحدّ من الظاهرة التي أصبحت نوعا ما هيكلية إقليمية حيث أن عصابات التهريب أصبحت متضامنة، (مازحا) هناك أحد الوزراء المغاربة قال في مؤتمر بغدامس «إنّ الاتحاد المغاربي مازال غير موحّد سياسيا واقتصاديا لكنه موحّد في التهريب».
لهذا نحن نركز الجهود للحد من هذه الظاهرة حتى نقلّص من نزيف الاقتصاد ونحافظ على المستوى العام خصوصا وأننا مطالبون بتلبية مطالب السوق التونسية بدرجة أولى إضافة إلى وجود حوالي مليون و400 ألف مواطن ليبي بشكل شبه دائم وهو ما يدفعنا إلى الاستجابة للاستهلاك وإلى جانب هذا فإن للسوق الليبية قدرة شرائية كبرى وهنا أضرب لكم مثال انتاج الطماطم: يشتريها الصناعي التونسي مثلا ب150 مليما فيأتي الليبي «يخضرها ب250 مليما» فبالتالي الإنتاج يتوجه إلى ليبيا في مسالك مخالفة للتصدير وهو ما ينعكس سلبا على الدولة التي تحرم من حقها في العائدات من الصادرات.
إذن فالتهريب ومسالك الاقتصاد الموازي الذي تنامى بشكل كبير بعد الثورة يشكل خطرا على قفة التونسي.
نحن في تنسيق تام مع الأشقاء في المنطقة أمنيا واقتصاديا حتى أننا اقترحنا على الإخوة الليبيين أن نقوم بتأمين التوريد عبر هياكلنا التجارية سواء من السوق التونسية إن تمكنا من ذلك وفي ذلك عائدات لتونس وإن لم نستطع فنقوم بدور الوسيط في التوريد حتى تكون هناك فائدة بالنسبة للمورّدين التونسيين والليبيين، ولا بد من الإشارة إلى أن ليبيا كذلك متضررة من هذه العمليات فهناك تهريب عكسي أي من ليبيا إلى تونس.
قريبا بعث سوق للجملة بجبل الوسط
هناك كذلك ملفات أخرى طارئة تتمثل في دراسة المؤسسات المهددة بالإغلاق والتي تمرّ كذلك بصعوبات وآخر هذه المؤسسات مجمع «جال قروب» الذي قد يضر إغلاقه بمئات العائلات ونحن نبحث عن إمكانية إيجاد مستثمر لاقتناء المؤسسة التي تمر بصعوبات هيكلية في تونس وحتى في بريطانيا وإيطاليا.
هذا الإشكال مطروح وقد يشمل مؤسسات أخرى نتيجة الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمرّ به أوروبا نتيجة الهيكلية وسياسة التقشف والنموّ السلبي في منطقة الأورو كل هذا ينعكس مباشرة علىتونس، وللعلم فإن تراجع النمو بنقطة في أوروبا ينعكس ب0٫6 من النقاط على النمو في تونس.
نحن ننتهج سياسة تنويع الشركاء، سواء على المستوى المغاربي أو الإفريقي والعربي ونبحث عن مناطق تعاون أخرى في آسيا وأمريكا اللاتينية حيث لا يمكن الحديث عن اقتصاد مزدهر ونحن منغلقون على أنفسنا وبلادنا منفتحة واقتصادنا منفتح كل هذا يجعلنا نحدّد الأولويات في استراتيجية التنمية ورفع نسبة النمو إلى 6 و٪7 حتى نحقق انتظارات المواطن في التشغيل والتنمية وحتى نضمن كذلك اقتصادا تونسيا صلبا أمام الرجات.
ملف رجال الأعمال الممنوعين من السفر أثار نقاط استفهام وعديد الإشكاليات، فما هي برامج الحكومة بالتعاون مع اتحاد الأعراف للبتّ في هذا الموضوع نهائيا؟
أولا علاقتنا باتحاد الصناعة والتجارة إيجابية قائمة في ظلّ مناخ جيّد من التشاور والتعاون والشفافية في التعاطي مع الملفات وتنظيم الملتقيات وسفرات العمل، وملف رجال الأعمال الممنوعين من السفر من بين الملفات التي طرحت، نحن كحكومة أسلفنا الذكر أنه ليست لدينا علاقة مباشرة بالعملية لأن القرار هو قرار قضائي تحفظي يتخذه القاضي المتعهّد بالقضية والسيد رئيس الحكومة قال إن الحكومة تبحث عن حلول حتى لرجال الأعمال الذين ارتبطوا بالنظام السابق وأثروا على حساب الشعب وممتلكات البلاد وحقّقوا ثراء فاحشا وسريعا وهذا يخضع للمساءلة...
وبالنسبة للصلح الجزائي مع رجال الأعمال هناك من قال ننتظر حتى صدور قانون العدالة الانتقالية حيث تتم المحاسبة أولا.. نحن قلنا في مرحلة أولى أنه على كل من مُنع من السفر التقدم بطلب للجهات القضائية لإعادة النظر في ملفه وتم هذا فعلا وخير دليل أنه في السنة الفارطة كان هناك قرابة 100 رجال أعمال ممنوعين من السفر، أمّا الآن فهم في حدود 40 والبقية وقع تمتيعهم بجوازات سفرهم مقابل ضمان مالي.. وحقيقة هناك العديد من رجال الأعمال رفضوا هذا الضمان المالي..
وللإشارة فقد توجهنا لاتحاد الصناعة وطالبناه بمدّنا بتصوّر لحل هذا الملف وهم بأنفسهم قالوا: «نحن لا نستطيع الدفاع عن رجال أعمال تورّطوا في عمليات فساد وسرقة أموال الشعب وعمليات مشبوهة » وصرحت رئيسة الاتحاد بهذا المعنى في لقاءات رسمية معنا وحتى في وسائل إعلام.. لكن هناك حرص على طمأنة رجل الأعمال الذي يبحث عن الثقة وسمعته في جزء كبير منها متعلقة مباشرة بسلامة سجله القضائي.. وباختصار نحن حريصون على طيّ هذا الملف لكن دون المسّ بحقوق الشعب والدولة والناس الذين وقع التعدّي عليهم وخاصة رجال الأعمال الذين تضرّروا من زملائهم.
«أسعار من نار» شعار نسمعه في أسواقنا، فما هي الإجراءات المتخذة لإخماد نيران الأسعار؟ وأيّ دور للمراقبة الاقتصادية التي تقلص نشاطها بعد ثورة 14 جانفي لحماية قفّة المواطن؟
منذ السنة الفارطة وتحديدا في أفريل 2012 وقع تركيز اللجنة الوطنية للتحكم في الأسعار، كان هناك حرص على التنسيق مع الجهات الأمنية لأنه بعد الثورة وحتى بداية 2012 تعرّضت فرق المراقبة الاقتصادية للتعنيف والاستهزاء والسخرية وشعار «ديقاج» وعند تسلم هذا الملف قلنا إنه لا يمكن التحكم في الأسعار وتخفيضها إلاّ عندما تقوم المراقبة الاقتصادية بدورها في الأسواق ومختلف الفضاءات التجارية وقد وقع تعزيز فرق المراقبة الاقتصادية والصحية بفرق أمنية وعسكرية في عديد الجهات، ولكن في الفترات الأخيرة تقلص الدعم الأمني للفرق الاقتصادية بسبب وجود اهتمامات أخرى للجهات الأمنية التي أصبحت غير قادرة على توفير الحماية الكافية في ظل توسع عمليات الرقابة الاقتصادية. لكن بقي هناك دعم أمني لا بأس به.
ولا بدّ من الإشارة في هذا الصدد إلى أنّ عملية المراقبة الاقتصادية هي عملية معقدة وليست بالسهولة التي يتخيلها البعض، فهناك مراقبة للمسالك ورفع للأسعار ومتابعة للاحتكارو التخزين غير القانوني للمواد في ظل وجود أناس متنفذين و«بارونات» السوق الذين يقومون بمخالفات وهنا استحضر أنه في السنة الماضية وقع حجز قرابة 1200 طن من البطاطا مخزّنة بشكل غير قانوني.. كان هناك كذلك نقص في الإمكانيات اللوجستية والبشرية وقد عمدنا في الآونة الأخيرة إلى تعزيز الوزارة المعنية بجميع الإمكانات ويبقى أننا مطالبون بمزيد الحرص على النظر في بعض الجوانب الأخرى كالمنح المحفزة لفرق المراقبة الاقتصادية حتى تقوم بدورها على أكمل وجه.. نحن نعمل على هذا الملف الحساس والذي يهم كل الشعب..
هدفنا تقليص العجز الاقتصادي والحط من المديونية مع مطلع سنة 2017
في الآونة الأخيرة وقع تركيز نقاط البيع من المنتج إلى المستهلك ومعها سجلنا تشكيات لمواطنين من تقارب الأسعار مع النقاط الخارجية إضافة إلى عدم التزام الباعة والقصابين بالتسعيرة التي حددتها وزارة التجارة، فهل من إجراءات للتدخل؟
بالنسبة لهذه النقطة ننظر إليها بشكل تشاركي وبالحوار مع أهل المهنة.. يوجد اختلاف فمثلا يؤكد القصابون أن التسعيرة المضبوطة لا تتماشى مع تكلفة الشراء قبل الذبح، وقد تمّ خلال الأسبوع الفارط الاتفاق على إعادة النظر في هذا الملف وملفات أخرى تخص الطماطم وتحويلها صلب لجنة تضم أهل المهنة واتحاد الصناعة وتحت إشراف رئاسة الحكومة.
أما في ما يتعلق بنقاط البيع من المنتج إلى المستهلك فهي تجربة أكدنا على ضرورة إنجاحها وقد طالبنا من فرق المراقبة الاقتصادية مراقبة هذه النقاط حتى تحافظ على دورها الأساسي من خلال التقليص من حلقة الوسطاء من محتكرين و«قشارة».
وفي صورة وجود تقارب بين هذه النقاط والأسواق العادية فإن التجربة بالتالي لم تنجح وهناك أطراف دخلت من جديد وحاولت تعويض ما خسرته في الأسواق العادية عبر نقاط البيع من المنتج إلى المستهلك.
دخلنا في النصف الثاني من السنة فهل تم الشروع في إعداد ميزانية 2014؟ وإن تم فما هي أهم ملامحها ومصادر تمويلها؟
أولا سينعقد يوم الجمعة 19 جويلية (الحوار أجري يوم الخميس 18 جويلية) مجلس وزاري لتحيين المؤشرات الاقتصادية وهو إجراء يتمّ كل ثلاثية وعلى إثر يوم الجمعة هناك لجنة ستحيّن كل شيء وتخرج وثيقة موحّدة تعطي فكرة عامة عن السداسية الأولى للسنة الحالية وكذلك في نفس الوقت ستصدر وثيقة مالية يقدمها البنك المركزي يقدم فيها المؤشرات المالية مع ضبط مؤشرات تقدم إنجاز ميزانية 2013 وبقية التوقعات لتنفيذ أبواب الميزانية لبقية السنة إضافة إلى ضبط المداخيل المتأتية أساسا من الجباية والقروض والصكوك والتي بلغت إلى الآن 1000 مليون دينار مبرمجة كموارد استثنائية للميزانية مبرمجة في باب الصكوك إضافة إلى بعض المواد الأخرى المتعلقة بمجال التخصيص والمصادرة عبر بعض المؤسسات المصادرة.
وعلى ضوء كل هذا نحدّد ملامح ميزانية 2014 إضافة إلى بناء فرضيات على أساس سعر البترول والمالية، وللإشارة فإنه بناء على بعض المعطيات قد نتقدم بميزانية تكميلية إلى المجلس التأسيسي في أواخر الثلاثية الثالثة لأننا بنينا التوقعات لهذه السنة على ٪4٫5 نسبة نمو وقد لا نبلغها.
إن شاء الله المؤشرات تساعدنا في ظل تراجع في بعض المواد الإنتاجية التي تمول الدولة كالفسفاط والفلاحة التي سجلت تراجعا بنسبة ٪1٫6 بعد 3 سنوات من نمو إيجابي وهو ما قد يؤثر على نسبة النمو العام، إضافة إلى تراجع السياحة.
نحن نجمع كل هذه المعطيات لاستخدامها في الميزانية التكميلية ولبناء تصوّرات عليها لإعداد ميزانية 2014، الآن أغلب الوزارات أعدت وتعد ميزانيتها للسنة المالية القادمة وفقا لسياستنا السابقة.
أنهي هذه النقطة بالتأكيد على أننا ساعون إلى تقليص نسبة العجز الميزانية من ٪6٫6 في 2012 إلى ٪3 مع حلول سنة 2017 ونسبة المديونية من ٪43٫8 إلى حدود ٪42 مع ارتفاع نسق النمو الاقتصادي في حدود ٪3٫5 منذ سنة 2012.. كل هذه تقديرات ونرجو أن يزدهر اقتصادنا الذي يتطلب الإسراع والحسم في الملف السياسي لطمأنة المستثمر الأجنبي والتونسي لأن إجراء انتخابات وتركيز حكومة قارة في الزمن يرسل برقيات طمأنة حيث أن عديد المستثمرين ينتظرون هذه الانتخابات.. ما يجب التنويه به أن تونس مازالت تشكل محور اهتمام استثماري وقبلة محبذة إقليمية ودولية لتوفيرها على كل مقومات النجاح.
صفارات الإنذار دوت في الصناديق الاجتماعية، فما حقيقة الوضع وهل يمكن إرسال رسائل طمأنة لمنخرطيها؟
الصناديق الاجتماعية تمر بصعوبات هيكلية وليست ظرفية وهذا الموضوع متابع منذ سنوات ولكن في الأشهر القليلة الماضية بدأنا نقترب من وضع تكون فيه الصناديق مهددة بعدم القدرة على تسديد المنح والحريات لمستحقيها.. لدينا مجالس مبرمجة للنظر فيها وقد كانت لنا جلسات تطرق خلالها إلى صندوق CNRPS وCNSS قريبا.
حقيقة الوضعية صعبة ففلسفة هذه الصناديق مبنية على تضامن الأجيال يعني الجيل الحالي ينفق على الجيل الذي سبقه.. فعندما يرتفع عدد المتمتعين بالمنح والجرايات أمام تقلص في نسبة المنخرطين هذا يؤدّي إلى خلل إضافة إلى توسع النفقات... إلى جانب الخاصية التي لا توجد في تونس والتي تتمثل في تمتع المتقاعدين بنفس الزيادة التي يتمتع بها العاملون وهذه الخاصية تؤثر بشكل كبير على الصناديق وتهدّد على توازناتها المالية إضافة إلى مستحقات الصناديق المتخلدة بذمة الدولة ومؤسسات خاصة إلى جانب تكفلها بتسريح العاملين، كل هذه المعطيات جعلت الصناديق تعيش صعوبات.
خلاصة، هذا الملف يخص عددا من الأطراف كاتحاد الشغل والحكومة واتحاد الأعراف وكل المواطنين ولذا سنقترح إجراء لقاء حواري يجمع مختلف الأطراف نشخص فيه وضعية الصناديق ونبحث عن حلول لإنقاذ الصناديق من الخطر المحدق بها رغم وجود عدة مقترحات تمثل إما في الترفيع في عدد المنخرطين أو الترفيع في سن التقاعد إلى 62 أو 63 سنة إلى غير ذلك.
صرح وزير المالية مؤخرا بأن أمريكا ستضمن في تونس عند تقدمها للاقتراض غير أن أمريكا نفت هذا الموضوع فما حقيقة الأمر؟
صار لقاء بين سعادة السفير الأمريكي بتونس ووزير المالية ووقع الحديث عن التعاون بين البلدين وسجلنا تحسن العلاقات بين البلدين بعد الثورة هناك دعم لمسار الانتقال، في السنة الفارطة تحصلنا على ضمان أمريكي للقروض التونسية وهو ما جعلنا نخرج للأسواق المالية ونقترض بنسب فائدة معقولة.. جدد الطلب هذه السنة فسعادة السفير أعرب عن رغبة الولايات المتحدة مساعدة تونس معربا من استعداد تجديد الضمان لكن دون أن يقع اتفاق رسمي فكان تأويل خاطئ للخبر.
ففي مثل هذه الأمور تبلغ عنها وزارة الخارجية ولا تتم هذه العمليات إلا على مستوى عال فسفارة الولايات المتحدة الأمريكية نفت وجود الضمان.. وقد يحظى هذا الملف في المستقبل بالقبول لكن الى حدّ الآن ليس هناك أيّ اتفاق على تجديد الضمان الأمريكي لتونس.
قرض صندوق النقد الدولي أسال الكثير من الحبر فهل سيبقى قرضا ائتمانيا أو سيدخل في الميزانية الحالية والقادمة؟
الاتفاق الائتماني مع صندوق النقد الدولي هو في حدود 2700 مليار دينار وهو مبلغ احتياطي قد نلجأ للسحب منه وإذا ما أردنا ذلك فإننا مطالبون بالمرور عبر المجلس الوطني التأسيسي ولكن نحن الآن نبحث عن مصادر تمويل ميزانية 2014 وربما نستحق لتمويل ميزانية 2013 خصوصا لكن إذا تأخر تحصيل الأموال المصادرة بسبب إجراءات قانونية قد نلجأ إلى الاحتياطي هذا، والجدير بالذكر أن نسبة الفائدة في حدود 0٫81 مع التوظيفات الأخرى يصبح ٪1٫1 رغم أنه قصير المدى وبالتالي فإن نسبة الفائدة هي تفاضلية ومعقولة جدا.. وبالنسبة للعملة الصعبة نحن بحاجة لخمسة مليار دينار لابدّ من تأمينها، وإذا عجزنا فلدينا اتفاقيات مع الممولين التقليديين والمفاوضات مع البنك العالمي أسفرت عن حصول 500 مليون دولار وهناك مفاوضات مع البنك الإفريقي للتنمية للحصول على نفس المبلغ مع الاتحاد الأوروبي من أجل مبلغ أقل بسبب مروره بأزمة، فهناك تحركات كبرى لتأمين تعبئة العملية الأجنبية وفي هذا الصدد فقد تحول محافظ البنك المركزي إلى اليابان مؤخرا، لأننا بحاجة إلى استقرار ميزان الدفوعات الخارجية وفي حاجة إلى تمويل كافي للميزانية. كما أننا نجحنا في إدخال مصدر من مصادر التمويل الجديدة حيث وقع يوم الأربعاء المصادقة على قانون المالية الإسلامية وهو ما سيعطينا متنفسا حيث سنتحصل على 1000 مليار في السوق الداخلية والخارجية وهناك عديد المؤسسات الأجنبية التي عبرت عن رغبتها في تمويل هذه الصكوك وقد استقبلت بعثة من بنك BNP Paris Bas التي عبرت عن رغبتها واستعدادها للمساهمة في تمويل الصكوك المالية في حدود 1000 مليار.
قرض صندوق النقد الدولي رأيناه من جانب المصلحة الوطنية ولم يلزمنا بشروط مجحفة.
الصيرفة الإسلامية بين مخاوف بداية التجربة وتطلعات النجاح، فإلى أيّ حدّ قد تسهم هذه الصيرفة في إنقاذ البلاد؟
إنقاذ البلاد كلمة كبيرة.. الصيرفة الإسلامية ستساهم بقسط وافر.. اليوم القطاع البنكي مهيمن على كل شيء.. وسوق التمويل كالبورصة مازالت في بدايتها (أقل من 60 مؤسسة مدرجة).. نحن للأسف مازالت بعض مؤسساتنا لا ترغب في الشفافية وكل من سيدخل إلى البورصة مطالب بأن تكون معاملاته شفافة، من خلال إعلام المساهمين كل 3 أشهر وأغلب شركاتنا عائلية وبالتالي تلجأ إلى الاقتراض البنكي الذي قد يصل إلى شروط مجحفة ولكن بالنسبة لهم أفضل من أن تكون هناك شفافية توفر للدولة عائدات جبائية.. نحن نعمل على تشجيع الدخول في تجارب جديدة وهناك حوافز مهمة في قانون المالية لتوسع السوق المالية.. ومع ما ذكرت هناك سوق أخرى ليست مستغلة في تونس رغم أنها مستغلة في دول إسلامية وحتى غربية تعتمد على التمويل الإسلامي وأول بلد نشأت فيه المالية الإسلامية هي ماليزيا.. هذه الصكوك هي صيغة من صيغ التمويل تعتمدها الدولة في تمويل المشاريع من خلال فتح المجال أمام المستثمرين للدخول في المشروع كشريك مع تأمين عائدات وأرباح للمساهمين.. هي تجربة جديدة وسنقتدي بالتجارب الناجحة.. وقد تعاقدنا مع البنك الإسلامي التنمية الذي يعتبر رائدا في التمويل الإسلامي حتى تتم العملية بنجاح، قريبا ستتم المصادقة على مشروع قانون الصيرفة الإسلامية الذي سيخول للحكومة تأمين ألف مليون دينار من الميزانية من الصكوك الإسلامية داخليا وخارجيا. وقد أعربت عديد الجهات عن ترحيبها واستعدادها للمشاركة في الصكوك الإسلامية.
وإن نجحت التجربة فإننا سنرفع خلال الميزانية المقبلة من حجم الصكوك.. ولابدّ من الإشارة إلى أنّ ماليزيا الرائدة في هذا المجال تعتمد على تمويل حوالي ٪60 من الميزانية عبر الصكوك الإسلامية.. هذا النوع من التمويل يجعلنا نقتحم التمويل التشاركي وتمويل الاقتصاد بعيدا عن المضاربة.
وهنا لابد من التذكير إلى أنّ الحكومة عند إعدادها لهذا الملف استعانت بعديد الخبراء لوضع هذا الإطار القانوني وسوف تتبعه قوانين أخرى تخص الصناديق الاستثمارية وعديد المنتوجات الإسلامية إن شاء الله سوف ترى النور قريبا لتعطي متنفسا جديدا للاقتصاد.
نرجو أن تكون المالية الإسلامية طالع خير خصوصا أن دول غربية شرعت في اعتمادها وحتى في تدريسها حاليا حيث من الممكن الحصول على ماجستير في المالية الإسلامية من بريطانيا وليس من السعودية، وإن تدعم التشاركية بين القطاع العام والخاص.
نقترب من وضع تكون فيه الصناديق الاجتماعية غير قادرة على تسديد التزاماتها
هناك من قال إن اعتماد الصيرفة الإسلامية هو بداية التفويت في البنوك العمومية خصوصا بعد عمليات التدقيق الأخيرة في البنوك السالفة الذكر.
يلزمنا أن نؤكد هنا أن جهاز التمويل فيه الجهاز البنكي التقليدي القائم على الفائدة وجهاز جديد قائم على مبادئ الصيرفة الإسلامية ولهذا قلنا إن هذين النظامين في التمويل يتكاملان ولا يتنازعان وتبقى الحرية للمؤسسة وللفرد في اختيار بين المنظومتين..
اليوم لدينا بنك الزيتونة الذي يعد بنكا عموميا بفعل المصادرة، نحن الآن نعمل على تطوير هذا البنك عبر إعادة هيكلته وتطوير أدائه وهو يتجه نحو التوسع عبر زيادة فروعه في مختلف الجهات حتى يتسوعب جزءا من الادخار الوطني لأن بعض الناس لا يريدون إيداع أموالهم في بنوك عادية ويرغبون في إيداعها في بنوك إسلامية وبالتالي سوف نشجع هؤلاء على إخراج أموالهم ووضعها في هذه البنوك وهو ما ينعكس إيجابا على تنويع مصادر التمويل الاقتصادي لاحقا كما أنه سيخلق تنافسية بين النظامين بما ينوع الخدمات ويرتقي بها. ولابد من التنويه بالمستوى الحرفي الذي بلغه بنك الزيتونة رغم حداثة إنشائه حيث يعتمد على أحدث تقنيات المعلومات التي قد لا تحتويها بنوك أخرى ولهذا نحن شرعنا في عمليات التدقيق في البنوك العمومية والمتمثلة في البنك الفلاحي والشركة التونسية للبنك وبنك الإسكان لأننا رأينا أنه إذا تواصل العمل على هذا النسق لن تضمن مستقبلا كبيرا لها..
إذن نفهم أنه ليست هناك نية للتفويت رغم صدور عمليات التدقيق؟
للعلم فقد شرعنا منذ السنة الفارطة في إصلاح النظام البنكي لينضبط إلى المعايير الدولية فنحن لم نستوف Ball2 في حين أن القطاع المصرفي بلغ Ball3 فالتوقي من المخاطر وقواعد الحذر مازالت دون الدرجة المطلوبة.
مثلما أسلفت الجهاز البنكي يستوجب تدقيقا لتشخيص العلاقات التي يعاني منها عبر المعطيات والمؤشرات الأولية التي سننطلق منها بالتعاون مع خبراء لبناء تصور الجهاز البنكي المستقبلي وضبط أهم التصورات والتدخل إما بالإبقاء على البنوك على حالها أو يقع توحيدها أو إيجاد بنك واحد لديه ذراع بالخارج، والجدير بالذكر أننا اليوم لا نمتلك بنوكا لديها فروع في الخارج باستثناء بنك وحيد هو بنك TF Bank الموجود في فرنسا حتى أنه كان لSTB فرع وحيد في السينغال وأغلق منذ مدة بعيدة..
اليوم المستثمر التونسي عندما يريد الاستثمار في إفريقيا لا يجد بنوكا تدعمه مما يضطره للجوء إلى بنوك أخرى على غرار التجاري بنك الممثل في أكثر من 11 دولة إفريقية.
اليوم يلزم جهازنا البنكي المستقبلي توفير قاعدة مالية ثابتة وصلبة قادرة على تمويل الاقتصاد في الداخل وحتى في الخارج للقدرة على المنافسة والارتقاء بالاقتصاد، بالنسبة للتفويت لم يطرح في الحكومة هذا الملف وحتى التصريحات أخرجت عن سياقها ما طرح هو إجراء عمليات تدقيق حتى نشكل تصورات للعمل المستقبلي خصوصا أن هذه البنوك أصبحت تنافس بعضها فمثلا البنك الفلاحي الموجه بالأساس إلى تمويل الفلاحة نجده لا يمول سوى 14 في المائة من الفلاحة وحتى في التمويل قد تجد نفس المستثمر ممول من قبل 3 بنوك بنسبة متفاوتة نحن نبحث عن النجاعة فلا يمكن أن تنافس الدولة نفسها في أكثر من موقع.
أجدد أنه لم يقع طرح فكرة التفويت في هذه البنوك صلب مجالس وزارية أو غيرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.