وزير المالية: آليات الرقابة على هذه الصكوك كافية ومضمونة صادق المجلس الوطني التأسيسي أمس خلال جلسته العامة على مشروع القانون المتعلق بالصكوك الاسلامية. وخلال نقاشه اختلفت آراء النواب بين مؤيد لهذه النوعية من الصكوك، وبين معارض، وأبدى البعض مخاوفهم من هيئة الرقابة الشرعية التي ستتولى البت في الجوانب الشرعية لعملية إصدار الصكوك والفتوى والتدقيق الشرعي. وطمأن إلياس الفخفاخ وزير المالية أن أن هذه الهيئة ستعطي قيمة مضافة لكسب ثقة المستثمرين، وبين أنها كلما تكونت من كفاءات جيدة كلما تأكد المستثمر من صحة مطابقة الاستثمارات للشريعة. وذكر الوزير أن الصكوك الاسلامية لن تعوض المنظومة القديمة بل ستدعمها، وأن المراقبة ستكون مضمونة بما فيه الكفاية من خلال إصدار أوامر تطبيقية وتعديل النظم الأساسية لهيئات الرقابة سواء البنك المركزي أو هيئة السوق المالية أو زارة المالية. وبين الوزير ان آلية التمويل الاسلامي والصكوك الاسلامية عبرت خال العشرية الاخيرة عن نسبة نمو كبيرة خاصة بعد الازمة المالية العالمية التي انطلقت سنة 2008 إذ انتشرت المالية الاسلامية كأداة معاصرة تقبل عليها جميع الدول الاسلامية وحتى الغربية. وتشير التوقعات إلى أن حجم تداول الصكوك الاسلامية سيصل إلى 3 تريليون دولار سنة 2015. استحسان وقدم النائب منصف شيخ روحه (الكتلة الديمقراطية) مداخلة مطولة صفق النواب عليها بحرارة وأطرت محرزية العبيدي النائبة الأولى لرئيس المجلس التي أدارت هذه الجلسة العامة على خبرته. وقال النائب بعد أن بسّط للنواب معنى الصكوك الاسلامية التي يستحسنها ومجال استخدامها وفوائدها:"نحن نوافق على مشروع القانون طالما أن الدولة هي التي تصدر الصكوك الاسلامية خارجيا أو داخليا، وطالما أن البنك المركزي يتولى مراقبتها". وذكر أن القانون سيمكن الدولة من رصد موارد خارجية لاستعمالها وتوظيفها لتكوين مشاريع ستساعد على تكوين ثروة وبعث مواطن شغل وتطوير الاقتصاد. وأضاف أن أدوات الصكوك الاسلامية لها وجهان واحد يرتبط بسوق الأوراق المالية لأنها مالية وآخر يرتبط بالوجه النقدي لهذه العملية. وفسر أن هذه الصكوك هي أداة مشاركة في الربح والخسارة وأداة استثمار تمكن الجهاز البنكي من المشاركة في جمع المدخرات وتوظيفها على المدى المتوسط والبعيد بما يؤدي الى رصد مدخرات عالمية، لأن المستثمر من خلال شراءات السندات الاسلامية سيساهم في الربح والخسارة، ولكنه لن يمتلك في المقابل المشروع وبالتالي لا مجال للخوف من بيع ممتلكات الدولة عن طريق هذه الصكوك. وتعتبر النائبة لبنى الجريبي أن هناك ثلاثة ضمانات يجب أن توجد في هذه المنظومة الجديدة، أولها ضمان التوازن بين المالية العادية والمالية الاسلامية، وثانيها أن يكون الهاجس من إصدار الصكوك الاسلامية اختيار نمط التمويل فقط ليس أكثر، وثالثها توفر آليات الرقابة بما يحمي مصالح المدخر والممول. وبينت أن هذا المشروع سيتبعه اصدار أمر لذلك يجب تحديد ملامحه الآن بكل شفافية. وذكّر النائب الهادي الشاوش أنه تمت برمجة الف مليون دينار من ميزانية الدولة بعنوان الصكوك الاسلامية و جاء المشروع متأخرا بما قد لا يساعد على تحقيق تلك الموارد لأن الامر يتطلب المصادقة على القانون وتنفيذ عدة اجراءات أخرى تتطلب وقتا. وأكد على وجوب حصر هذه الصكوك لتكون المسألة واضحة، وضبط جهات الاصدار. وبينت النائبة نورة بن حسين أنها تؤيد المشروع ولا تعترض عليه ولكنها كانت تفضل اعداد الارضية المناسبة لتنفيذه وتحضير البنوك لذلك حتى تكون لها الآليات الكافية لمنافسة البنوك الاجنبية. وقال النائب الهادي براهم إنه يوم مشهود لأن المشروع سيتيح للبلاد امكانيات كبيرة جدا وسيدخلها لهذا المجال الشاسع من الباب الواسع وفسر النائب معنى الصكوك الاسلامية بدقة وأكد أنها لا تتنافى ومدنية الدولة. مخاوف في المقابل عارض العديد من النواب اعتماد الصكوك الاسلامية، وفي هذا السياق يرى النائب عبد الرزاق الخلولي أن الوقت لم يحن بعد للشروع في تنفيذ منظومة المالية الاسلامية واصدار الصكوك الاسلامية. وأكد ان موضوع المالية الاسلامية هو وهم صنعه الغرب لتحويل وجهة رؤوس الأموال الاسلامية إلى الغرب وتحديدا إلى ما يسمى بالبنوك الاسلامية التي لا تختلف في الحقيقة عن البنوك العادية إذ تغيرت فيها كلمة الرباء بكلمة الربح والخسارة. ويقترح النائب بديلا آخر للدولة وهو البحث عن السيولة المطلوبة انطلاقا من الاستخلاص الجبائي. ويقول النائب حسن الرضواني إنه يجب أخذ كل الاحتياطات لإنجاح هذه التجربة ويحذّر من فرضية أن تتسبب الصكوك الاسلامية في تدمير الصكوك الأخرى. وذكر النائب صالح شعيب أن الهدف من استعمال الصكوك الإسلامية هو إدخال الدين في الاقتصاد كما أدخل في السياسة والغاية منها سياسية ليس أكثر لأنه بالإمكان الاقتصار على استعمال الرقاع والسندات، ودعا للإبقاء على الوسائل المالية الكلاسيكية. ولاحظ النائب فتحي اللطيف أن الشعب انتخب النواب لسن دستور لكنهم انهمكوا في سن قوانين من هذا النوع، ونبه أنه يجب أن لا يذهب إلى ظن المواطن أن الصكوك الاسلامية ستسمح له بالاقتراض دون إرجاع فوائض، فهذه الصكوك هي في كل الحالات تداين وفيها فوائض وبين انه كان من المفترض سن قانون العدالة الجبائية ليوفر موارد هامة للدولة. وبينت النائبة ريم الثايري أنها تستنكر عدم اهتمام المجتمع المدني والمؤسسات المالية بهذا المشروع على غرار ما حدث في مصر، وتعتبر الحوار المجتمعي حوله ضروري قبل طرح التعامل بالصكوك الاسلامية في تونس. وتساءلت لماذا الاصرار على تسميتها بالإسلامية وهي لا تمت للإسلام بصلة. وبين النائب طارق بوعزيز أنه من الضروري تدريس الصيرفة الاسلامية في الجامعة، وتوضيح المصطلحات المستعملة فيها للمواطن. وشكك النائب عبد العزيز القطي في نوايا برمجة نقاش مثل هذا المشروع في هذا التوقيت بالذات وأكد على ضرورة توفير الظروف الملائمة له قبل اقراره وذكر أن الفترة الحالية غير مناسبة لمثل هذه المشاريع.