في اطار متابعتها المتواصلة لجديد الحملة المستمرة على الارهاب بتونس منذ اشهر ، تفرد «التونسية» قراءها الكرام في هذا العدد بملف خاص حول تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب العربي» عبر تقديم معطيات حصرية متعلقة بالاساس بالجانب التنظيمي والموارد المالية لهذا التنظيم الذي اضحى وجوده يمثل خطرا كبيرا على الامن القومي والاقليمي لبلدان المنطقة... من «جماعة سلفية للدعوى والقتال» الى تنظيم عالمي تم رسميا الاعلان عن نشأة تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب العربي» سنة 2007 بعد عام تقريبا من اعلان الجماعة السلفية للدعوى والقتال بالجزائر(التي ولدت بدورها من رحم الجماعة الاسلامية المسلحة) انضمامها الى تنظيم «القاعدة» الذي كان يقوده أسامة بن لادن آنذاك. ومن الاهداف الكبرى للتنظيم عند تأسيسه وقتها هو «تحرير المغرب العربي من الوجود الغربي خاصة الفرنسي والامريكي وتطهير هذه البلدان من الانظمة الحاكمة الموالية لهذه البلدان وحماية المنطقة من الاطماع الخارجية واقامة دولة كبرى تحكم بالشريعة الاسلامية...» وقد اشرف على ادارة هذا التنظيم منذ تأسيسه عدة امراء (منهم من قتل ومنهم من عزل) آخرهم الامير الحالي «عبد الملك دروكدال» الملقب ب «ابي مصعب عبد الودود» وتساعد تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب العربي» في تنفيذ أجندته عدة جماعات مقربة منه ومتعاونة معه على غرار كتيبة «الموقعون بالدم» رغم انشقاقها عن التنظيم و التي يقودها «مختار بلمختار» الملقب ب «الأعور» وكتيبة «طارق ابن زياد» وكتيبة «الملثمون» وجماعة «بوكو حرام « النيجيرية وغيرها من الجماعات الاسلامية المتعاطفة معه والمنتشرة بكثافة في اقطار المغرب العربي و بلدان الصحراء الافريقية..وقد قامت هذه الجماعات باقامة عشرات المعسكرات لتدريب جنودها وتحسين قدراتهم القتالية وللتدرب على فنون القتال ونصب الكمائن وصنع المتفجرات... وقد ارتكبت هذه الجماعات التابعة لتنظيم «القاعدة ببلاد المغرب العربي» منذ نشأته عدة عمليات ارهابية في غاية البشاعة استهدفت سياحا اجانب واهدافا امنية وعسكرية ومنشآت عمومية اكثرها ضراوة ودموية كانت بالجزائر... وامام تزايد خطر هذه الجماعات كانت حكومات دول شمال افريقيا ومن بينها تونس ملزمة بابرام اتفاقيات مشتركة من اجل ضمان أمنها القومي والاقليمي الشامل فتعددت الجلسات بين المسؤولين الامنيين خاصة بدول تونسوالجزائر وليبيا، كما تدخلت دول غربية لدعم هذه البلدان لوجستيا وماديا على غرار الولاياتالمتحدةالامريكية التي خصصت دعما ب 32 مليون دينار لتونس لمساعدتها على التصدي للارهاب كما سبق و اعلن عن ذلك «الجنرال كارتر هام» القائد العام للعمليات العسكرية الامريكية بافريقيا في ختام زيارته لبلادنا السنة الفارطة... من جهة اخرى عززت بلادنا من تعاونها الامني مع جارتها الجزائر التي تجمعها بها حوالي 1000 كلم من الحدود المشتركة فتم تكثيف التواجد الامني والعسكري ووقع كذلك بعث خلية مشتركة للاستعلامات الامنية والعسكرية، خلية عرف نشاطها تطورا ملحوظا خلال الايام القليلة الفارطة على خلفية احداث الشعانبي بولاية القصرين. كما كثفت الوحدات الامنية والعسكرية التونسية من تنسيقها وتواجدها مع الاجهزة الامنية النظامية الليبية والتي تشترك معها بلادنا في حوالي 500 كلم من الحدود المشتركة... الفديات والأتاوات وعائدات تجارة الممنوعات أبرز موارد التنظيم وفقا لمصادر مطلعة فان تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب العربي» نجح خلال الخمس سنوات الاخيرة في جمع حوالي 150 مليون اورو من تجارة الممنوعات والغنائم وأغلبها من الفديات التي تدفعها الدول المتضررة من عمليات اختطاف تنفذها جماعات محسوبة على التنظيم الارهابي ضد رعاياها. وتنشط هذه الخلايا خاصة بدول الساحل الصحراوي وشمال افريقيا. ففي العقد الاخير ووفق مصادر مسؤولة من وزارة الخزانة الامريكية وبالتحديد عن قسم شؤون الارهاب والمخابرات المالية فان هذه الجماعات المتشددة قد حصلت على حوالي 120 مليون دولار من الفديات لوحدها ،كما تجني هذه المجموعات اموالا طائلة من تجارة المخدرات حيث تتحصل على عمولات كبيرة في شكل أتاوات مقابل تامين وصول شحنات المخدرات القادمة من امريكا اللاتينية عبر المحيط الاطلسي الى بعض موانئ شمال افريقيا قبل شحنها الى اوروبا ،حيث تقوم مجموعات مسلحة تابعة لتنظيم «القاعدة» بتوفير حراسة مسلحة لتجار المخدرات وتسهر على سلامتهم مقابل حصولها على عمولة تقدر بحوالي 2000 دولار عن كل كلغ واحد من «الكوكايين» الرفيع علما أن هذه المسالك تشهد سنويا تهريب كميات تتراوح بين50 و200 طن من المخدرات وهي ارقام تتغير بتغير المعطيات الامنية الميدانية بمسالك التهريب...كما توجد مصادر دخل اضافية اخرى لهذه المجموعات كتجارة الاسلحة والغنائم التي تحصل عليها اثناء مهاجمة النقاط الامنية او المنشآت البنكية وغيرها... ولتنفيذ مخططاتها الارهابية تسعى هذه المجموعات اينما حلت الى نشر الفوضى والرعب حتى يتسنى لها الحصول على غنائم جديدة وليسهل لها تحقيق غايتها واهدافها باستقطاب مجندين جدد واحيانا استمالة مدن واقاليم باكملها على غرار ما وقع في التشاد والنيجر وشمال مالي... وكنتيجة لاعتماده على انشطة مربحة لم يتأثر التنظيم بالازمة الاقتصادية العالمية ولم تربكه ثورات الربيع العربي وانقسام السودان و احداث شمال مالي، بل أصبح بشمال افريقيا الجناح الاغنى ضمن التنظيم العالمي ل «القاعدة» و اصبح يتكفل بتمويل قسط كبير من انشطة الاجنحة التابعة ل «القاعدة» والاقل دعما خاصة في كل من اليمن وافغانستان والعراق وحديثا في سوريا... متطوعون من كل أنحاء العالم تختلف جنسيات المجندين ضمن تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب العربي» وتتنوع فاذا كان السواد الاعظم من المجندين عربا خاصة من الجزائروتونس وليبيا والمغرب والسودان ومصر وموريتانيا فان وكالات الاستخبارات العالمية رصدت حضور جنسيات اخرى خاصة من اوروبا وبالتحديد من فرنسا الى جانب مشاركة آلاف المجندين الافارقة من التشاد والنيجر ومالي وبلدان القرن الافريقي...وهي ليست بالمرة الاولى التي يقع فيها تسجيل مشاركة مجندين من فرنسا ضمن خلايا التنظيم بل وقع التفطن الى ذلك من قبل اثناء حروب شارك فيها التنظيم بكل من الشيشان أو البوسنة ... الجوامع و«الانترنيت» أهم الفضاءات للايقاع بالمستجدين تعمد العناصر الناشطة التابعة لخلايا «القاعدة» الى استقطاب مجندين جدد من الشبان لتدريبهم ضمن معسكراتها وتجنيدهم ضمن مجموعاتها المسلحة بهدف مساعدتها على تنفيذ اجنداتها ببلدان المنطقة. وتعتمد هذه العناصر تقنية التواصل المباشر مع المستهدفين خاصة داخل الجوامع والمساجد حيث تقوم باستغلال صغر سن الشباب وحماسهم ورغبة بعضهم في الثراء السريع للايقاع بهم واستقطابهم ضمن خلايا التنظيم بعد دمغجتهم وعقب اقناعهم بضرورة الالتحاق بمعسكرات التدريب بدعوى اعدادهم للجهاد في سبيل الله والدفاع عن الدين الاسلامي الحنيف. هذا وتمنح هذه الخلايا عناصرها الناشطة وكذلك المجندين حديثا عمولات مالية تبلغ حد ال3000 دولار للفرد الواحد. كما توظف هذه العناصر «الانترنيت» للايقاع بضحاياها وهم عادة من الشباب المثقف والحاصل على درجات علمية عالية و مميزة خاصة منهم طلاب علوم الهندسة والاعلامية والطب الذين يجدون انفسهم في حوار مع أناس يحذقون فن الاقناع والخطابة ويدّعون الدفاع عن الدين والشريعة الاسلامية ويتعهدون بتوفير امتيازات مالية خيالية لمن ينضم ويهب الى نصرتهم وهي مغريات وضمانات كفيلة الى حد ما باقناع جحافل متجددة من الشبان للالتحاق بمعسكرات التنظيم خاصة من متساكني المناطق الفقيرة والنائية او الاحياء الشعبية المهمشة والمحرومة.. ووفق مصادر اعلامية مطلعة فان عدد المجندين التونسيين الذين استقطبتهم «القاعدة ببلاد المغرب العربي» منذ نشأته يتراوح بين12 و 16 الف مجند علما ان عددهم قبل انطلاق ثورات الربيع العربي كان لا يتجاوز ال200 شخص، لكن عدد المجندين تضاعف عشرات المرات خلال السنتين الاخيرتين نتيجة عمليات الاستقطاب المكثفة والممنهجة التي قام بها التنظيم اثناء قتاله الى جانب الثوار الليبيين في حربهم على كتائب القذافي زمن الثورة الليبية. هذا قبل ان تنظم اليه آلاف جديدة من المجندين قبل اكثر من سنة مع تدهور الاوضاع في سوريا ، واغلب هذه الجماعات تلقت تكوينا حربيا سريعا في معسكرات ليبية (أقامتها «القاعدة» وتشرف عليها كتائب «انصار الشريعة الليبية» وقادرة على قبول دفعات بها مئات المتطوعين) ثم انطلقت ل «الجهاد» في سوريا ضمن صفوف «الجيش الحر السوري» بتسهيلات من انظمة واجهزة استخبارات غربية .ولولا تمكن وزارة الداخلية التونسية من ارجاع زهاء ال 5000 شاب كانوا في طريقهم الى سوريا لبلغ رقم المجندين ضمن تنظيم القاعدة من التونسيين العشرين الف مجند...