التونسية (تونس) مع نزول ستار النهاية لعرض فيلم «هزّ يا وز» لإبراهيم اللطيف, يلملم الليلة مهرجان قرطاج الدولي ركحه ومدارجه في انتظار الدورة ال50 بعد انقضاء دورته ال49 وقد جاوزت تاريخ نهايتها الأصلي المحدّد ليوم 17أوت جرّاء التأجيل المتكرّر للعروض بسبب الأحداث الساخنة التي عاشت على وقعها البلاد. وفي الورقة التالية تحاول «التونسية» استعراض أهم ما صاحب دورة المهرجان لهذا العام من مجريات و تفاعلات وإرهاصات ... استقالة مدير المهرجان اثر توليه إدارة مهرجان قرطاج الدولي في دورته ال49, يبدو أن المدير مراد الصقلي قد قطع على نفسه عهدا بأن يضع حدّا للمتسللين دون تذاكر إلى مدارج المهرجان وأن يقلّص ما أمكن من الدخول المجاني إلى العروض الفنية . وعمل على ذلك فعلا باعتماد تذاكر وبطاقات مشفرة إلى جانب إخضاع أبواب الدخول إلى المراقبة الإلكترونية ...ولكن ورغم اتخاذ الإجراءات التنظيمية الصارمة والحازمة فإن عرض «الحضرة» لفاضل الجزيري الملتئم ليلة الخميس 18 جويلية الفارط لخبط كل الترتيبات وعبث بجلّ الإستعدادات جرّاء التوافد المكثف للجماهير لحضور العرض إلى حدّ أن طاقة الاستيعاب تجاوزت مدارج المسرح الأثري وكان الناطق الرسمي لرئاسة الجمهورية عدنان منصر من بين التوّاقين لحضور عرض «الحضرة» ولكنه ذهب بلا تذكرة أو شارة دخول...فمنع من الدخول.هذا الإكتظاظ وما صاحبه من فوضى دفع بمدير المهرجان مراد الصقلي إلى تقديم استقالته يوم الجمعة 19 جويلية إلى وزير الثقافة , لكن الوزير رفضها وبقي مراد الصقلي على رأس ادارة المهرجان. تعليق وتأجيل في مناسبتين بسقوط «شهيد الجمهورية» محمد البراهمي ,لم يكن من الممكن أن تنساب الموسيقى في سلام والدماء البريئة مراقة على قارعة الطريق ...لهذا أعلن مهرجان قرطاج بدوره الحداد وعلّق عروضه لمدة ثلاثة أيام وافقت أيام 25 و26 و27 من شهر جويلية المنقضي وتم تأجيل العروض إلى مواعيد لاحقة . ولكن مطاردة لعنة الأحزان وملاحقة شبح الأوجاع للخضراء صدمت التونسيين من جديد بسقوط الجنود البواسل ضحايا الإرهاب,الأمر الذي أدّى إلى تعليق فعاليات المهرجان مرة أخرى .و كان الأخذ والرد والشدّ والجذب حول إمكانيتين اثنتين: فإمّا إلغاء كل المهرجانات أمام الظرف العصيب الذي تمرّ به البلاد وإما مواصلتها باعتبار أن الفن شكل من أشكال النضال ضد الإرهاب وضدّ ثقافة الموت واحتفاء بحب الحياة .و في النهاية كان القرار هو استئناف عروض الدورة 49 لمهرجان قرطاج بعد تأجيلها لمدة ثلاثة أيام مراعاة لحالة الحداد التي عاشتها البلاد .و للتذكير فإن عدم قطع سهرة ليلة 29 جويلية وهي الليلة المشهودة التي ذبح فيها جنود الشعانبي ,أثار موجة من الغضب والاستياء حتى أن نقابة أعوان وإطارات وزارة الثقافة اعتصمت في الصباح الموالي أمام مكتب وزير الثقافة ذاكرة أن ما حدث استفزّها ودفعها إلى الاحتجاج والتذكير بمطالب قديمة جديدة. إلغاء وانسحاب انقشاع ضباب الحداد والسواد عن أفق الدورة 49 لمهرجان قرطاج الدولي , لم يكن مجانيا فالأكيد أنه كلّف إدارة المهرجان خسائر مادية ومعنوية وحرم ثلة من الجمهور من الاستمتاع بتذوّق نوع الموسيقى التي يهواها ... أما نجوم هذه الدورة من المهرجان فجلّهم كانوا أوفياء لموعدهم مع مهرجان قرطاج وحتى الأسماء الأجنبية لبثت في تونس بالرغم من أخبار الإرهاب في انتظار الوقوف على ركح مهرجان قرطاج العريق .وحدها الفنانة المغربية أسماء منور انسحبت من برمجة المهرجان وتخلّفت عن سهرتها الثنائية مع الفنان التونسي حسن الدهماني معللة غيابها بتضامنها مع شهداء العنف في تونس. أما فنان الجاز الأمريكي جورج بنسون فقد تم إلغاء حفلته على إثر اعتذاره لعدم امتلاكه الوقت للمكوث أكثر في تونس نظرا لالتزاماته المهنية. وبين تكتّم إدارة مهرجان قرطاج عن الملايين التي ضخّت في حساب نجوم الدورة 49 لمهرجان قرطاج وبين تملّص الفنانين من الإجابة عن الأسئلة الحائمة حول حقيقة الأجور,علمت '»التونسية»من مصدر عليم أن صاحب الأجر الأغلى كان الفنان الفرنسي «جون ميشال جار»الذي قبض 400 مليون.أما «سيدة الطرب العربي» الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي فكان نصيبها 180مليونا. في حين تلقى «العندليب الأبيض»كاظم الساهر مبلغ 200 مليون . و بخصوص أجور الفنانين التونسيين من مطربين ومسرحيين وسينمائي وحيد فقد تراوحت ما بين 50 و80 مليونا. ماذا في الخمسينية؟ على امتداد ما يقارب الخمسة عقود حظي مهرجان قرطاج الدولي ومازال بمكانة عالمية مرموقة جعلت الأسماء الكبيرة في عالم الفن تتوق شوقا إلى أن تطأ ركح هذا المهرجان السنوي العريق .وبالرغم من أن استضافات النجوم في تاريخ المهرجان لم تكن دوما موّفقة وفي مستوى قيمة المهرجان وتاريخه فإن آمالا كبيرة معلّقة على خمسينية المهرجان لضرب الموعد مجددّا في الصائفة القادمة مع أهم وأكبر الفنانين في العالمين العربي والغربي .و من المنتظر أن يستضيف مهرجان قرطاج الدولي في دورته الخمسين الفنانة الكولمبية «شاكيرا» والفنانة البريطانية «آدال» .كما وعد الفنان الأمريكي «جورج بنسون» بالمشاركة في احياء خمسينية المهرجان. و تتطلّب هذه المناسبة شحذ العزائم وحثّ الهمم من أجل الإعداد لطقوس احتفال تليق بمهرجان قرطاج وقد بلغ من العمر ...خمسين سنة.