التونسية (تونس) نظمت أمس هيئة الوساطة بين الفرقاء السياسيين لقاء إعلاميا بقصر الحكومة بالقصبة لتسليط الضوء على آخر ما توصلت إليه المفاوضات بين جميع الأطياف السياسية بخصوص إيجاد مقترحات لتجاوز الأزمة السياسية الراهنة وذلك على شاكلة تقرير أولي تم عرضه على رئاسة الحكومة ولاقى استحسانها. وأكد عبد الرزاق الكيلاني عضو بهيئة الوساطة التي انطلقت أشغالها منذ 3 أسابيع ان جميع الأطراف المشاركة في المفاوضات قد قبلت بالأرضية التي بنيت على أساسها هذه الوساطة والتي تتمثل أساسا في الإبقاء على المجلس الوطني التأسيسي وتشكيل حكومة تسند لها مهام رئيسية أهمها إيصال البلاد الى شاطئ الأمان وإلى انتخابات حرة ونزيهة حسب قوله وتابع حديثه قائلا « وجب الإعداد لخطة اولإستراتيجية أمنية لمكافحة الإرهاب وإعطاء الضمانات الرئيسية حتى تجرى الانتخابات وسط أجواء من الطمأنينة وهذا يقتضي أساسا أن تحرص الحكومة على تحييد الإدارة وتحييد المساجد كما أنها مطالبة بمراقبة موضوع تمويل الأحزاب والجمعيات». وأضاف الكيلاني « لقد طلبنا من الأطراف السياسية الالتزام بهدنة إعلامية والابتعاد عن الحوارات المتشنجة كذلك والالتزام بهدنة اجتماعية لأننا نرى ان شروط نجاح الانتخابات رهين توفر الأمن والسلم وأشير في هذا المستوى إلى ان الاضطرابات والاعتصامات والصد عن العمل كفيلة بقلب الأجواء وتوتيرها وجعلها مشحونة». وحول الإشكاليات المطروحة , تحدث الكيلاني عن مسألتين وصفهما بالنقاط الأساسية تتعلق الأولى حسب قوله بالمجلس الوطني التأسيسي والثانية برئاسة الحكومة وفسر ذلك قائلا « هناك من يشدد على ضرورة ان يواصل المجلس أعماله إلى نهاية المرحلة التأسيسية في حين ان هناك من يرى ضرورة تقييد أعماله وفترة أشغاله ونحن نقترح في هذا الإطار الإبقاء على المجلس وإصدار قانون يضبط أجندة محددة لأعماله وقد قمنا بإعداد مشروع في هذا الغرض وأكدنا على ضرورة أن ينتهي النواب من كتابة الدستور في أواخر شهر أكتوبر وان يسن القانون الانتخابي في أواخر شهر نوفمبر وأن تجرى الانتخابات في أواخر شهر مارس 2014 وقد شددنا على ان يلتزم الجميع بهذه الآجال وألا يقع التمديد فيها إلا نتيجة ظروف استثنائية منصوص عليها في القانون المنظم للسلط العمومية مع التأكيد على ضرورة الإسراع بتشكيل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ومواصلة أعمالها في انتظار صدور القانون الانتخابي» وفي مستوى المسألة الأساسية الثانية تحدث عضو هيئة الوساطة عن موضوع رئاسة الحكومة وبيّن أن الهيئة تقترح إحداث منصبين جديدين بأمر من رئيس الحكومة يتمثل الأوّل في تعيين نائب لرئيس الحكومة مكلف بالملفات الاقتصادية وتعيين نائب لرئيس الحكومة مكلف بالملف الأمني وأن توضع الخطتان على ذمّة شخصيّتين مستقلتين من خارج «الترويكا» وبشرط أن يحظى نائبا رئيس الحكومة بثقة جميع الفرقاء السياسيّين وأن تعطى لهما الصلاحيّات الكافية للقيام بأعمالهما في كنف الاستقلاليّة التامّة. وذكر عبد الرزاق الكيلاني أنّ مبادرة هيئة الوساطة بين الفرقاء السياسيّين اقترحت أيضا تنقيح الفصل السابع من القانون المنظم للسلطات العموميّة بما يجيز لرئيس الحكومة إصدار المراسيم في المجالات الاقتصاديّة والاجتماعية يقع عرضها بعد ذلك على المجلس الوطني التأسيسي للمصادقة اوللتعديل اوللرفض في اجل لا يتعدى 10 ايام حسب قوله مؤكدا ان هذه الطريقة تخول للمجلس مراقبة عمل الحكومة بصفة مباشرة. أهمية مراعاة المصلحة الوطنية وفي سياق متصل كشف الكيلاني مباركة هيئة الوسطاء بين الفرقاء السياسيين للمقترح المتعلق بإحداث هيئة الإسناد السياسي تسند إليها مهمة وضع الأرضية والسبل الكفيلة بضمان حياد الإدارة وحياد المساجد ومراقبة المال السياسي ومراجعة مسألة التعيينات ومساعدة الحكومة في أعمالها من اجل الخروج بالبلاد من الأزمة الحالية وإيصالها إلى بر الأمان , حسب قوله. وأشار الكيلاني إلى أن مقترح الهيئة قد راعى مصلحة الأحزاب بصفة عامة ومصلحة البلاد بصفة خاصة لأنها تعيش مجموعة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية على حد قوله مبينا في الآن ذاته أن حكومة تصريف الأعمال لن تكون قادرة على التصدي لمجموع هذه التحديات ولا للإرهاب لان أعمالها لن تتجاوز مدة الشهرين كما دعا الكيلاني الجميع إلى التحلي بروح المسؤولية والوعي بمدى خطورة المرحلة الحالية التي تمر بها البلاد. بوادر الانفراج بعد غد؟ وأمام ضيق الوقت لم ينف الكيلاني أهمية التسريع باتخاذ القرارات المناسبة مؤكدا انه سبق له ان اجتمع صحبة القاضي مختار اليحياوي برئيس الجمهورية وتطرقوا إلى مسألة ضيق الوقت , هذا وقد التقى صباح الأمس الكيلاني واليحياوي برئيس الحكومة علي العريّض بقصر الحكومة بالقصبة أين عرضا عليه التقرير الأوّل للهيئة وقد أكد عضوالهيئة أن رئيس الحكومة قد استحسن المقترح وانه منفتح على كل المبادرات والمقترحات والأفكار بما من شأنه أن يرسي مناخا من الثقة لدى كل الأطراف. وأكد الكيلاني ان الحكومة ستقدم موقفها الرسمي من المقترح قبل نهاية الأسبوع وان يوم غد ستكون هناك بوادر للانفراج ليختم قائلا « سيكون هناك حوارا غدا وسنعمل على أن تنطلق أشغال المجلس الوطني التأسيسي يوم الاثنين القادم».