*الصادق الأمين وجّهت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري رسالة لرئاسة الحكومة وللرأي العام مساء أمس تضمنت تمسّك الهيئة بموقفها القديم بضرورة تشريكها في التعيينات على رأس المؤسسات الإعلامية العمومية، وتأتي رسالة الهيئة التي طال انتظار ميلادها لتنظيم القطاع ساعات قليلة قبل الإضراب الذي قررته النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين في الإذاعة التونسية تعبيرا عن رفضها للتعيينات الأخيرة على رأس عدد من الإذاعات المركزية والجهوية التي قام بها الرئيس المدير العام للإذاعة محمد المدب الذي تطالب الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري(الهايكا) بإعادة النظر في تعيينه أصلا على رأس الإذاعة التونسية بقنواتها التسعة خلفا للحبيب بلعيد –العضو الحالي بالهايكا- في شهر أفريل من سنة 2012، ويذكر ان التغييرات الأخيرة صلب الإذاعة التونسية أطاحت بمدير إذاعة تطاوين ثامر الزغلامي(عيّن زمن الحبيب بلعيد) القريب من نقابة الصحافيين(عضو سابق بالمكتب التنفيذي للنقابة) الذي لم يكن ينظر إليه- في ما يبدو- بعين الرضى من طرف والي تطاوين، وبمدير الإذاعة الوطنية عمر بريمة الذي لم تشفع له" صداقته القديمة" مع الرئيس المدير العام بسبب واقعة البرنامج الشهير الذي تم قطع بثه المباشر بأمر شخصي من محمد المدب بسبب تدخل الجامعي مصطفى التواتي، وهو ما خلق جفوة بين الرجلين عجّلت برحيل برّيمة. وذكّرت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري التي يرأسها الجامعي النوري اللجمي بالمراسلات التي وجهتها لرئاسة الحكومة، لتطالبها بمراجعة التعيينات في مناسبات متواترة كان أولها يوم 02 اوت 2013 ثم أعادت مطالبتها بذلك في 12 اوت 2013 عارضة على رئاسة الحكومة التحاور لتحديد المعايير الموضوعة المستوجب توفرها في المترشحين استنادا إلى صلاحياتها الواردة بالفصل 19 من المرسوم عدد 116. وفي يوم 22 اوت 2013 تم اللقاء مع احد أعضاء الحكومة و أعرب صراحة على عدم استعدادها لمراجعة هذه التعيينات التي يعتبرها قانونية، كما لاحظ انه سيقع طلب الرأي المطابق للهيئة متى رأت الحكومة ضرورة لذلك، وعليه تكون مراجعة هذه التعيينات رهينة إرادتها. وتم الاتفاق على تعيين لجنة للنظر في عدة نقاط أولها بالنسبة للهيئة مراجعة التعيينات على رأس الإذاعة و التلفزة التونسيتين. إلا أن اجتماع هذه اللجنة (يوم 26 أوت 2013) لم يأت بنتيجة – كما ورد في رسالة الهيئة - نظرا لتمسك ممثلي الحكومة "بقانونية التعيينات" ، ونظرا لكل هذه الحيثيات أعلنت الهايكا رفضها طلب الحكومة قراءة موحدة للمرسوم 116(وهو إتفاق أثار عند الإعلان عنه عدة مخاوف من طرف النقابة الوطنية للصحافيين) ، ورفضها التخلي عن دورها التعديلي والتمسك بروح المرسوم 116 وفلسفته المتمثلة في تحقيق استقلالية الإعلام تجاه مراكز الضغط السياسي والمالي كما طالبت الهايكا بتجميد التعيينات الأخيرة على رأس الإذاعات في انتظار مراجعة قرار تعيين الرئيس المدير العام و الاتفاق العاجل على شروط موضوعية وآليات شفافة للتعيين على رأس المؤسسات الإعلامية السمعية والبصرية العمومية، و إعلان فتح باب الترشح لكل مواطنة ومواطن تونسي يستجيب للشروط المعلنة مسبقا لتولي مسؤولية رئيس مدير عام لمؤسسة إعلام سمعي وبصري عمومية . ويبدو ان سلسلة الاجتماعات المعقودة بين الهايكا ورئاسة الحكومة لم تنجح في إيجاد أرضية تفاهم للشروع في عملية إصلاح فعلية للقطاع السمعي البصري وخاصة منه العمومي بعيدا عن التجاذبات السياسية التي جعلت مختلف الأطراف تدور في حلقة مفرغة بعيدا عن المشاكل الحقيقية للصحافيين وعموم العاملين في القطاع السمعي البصري(تقنيين، منتجين، ...)، ولعل إستقالة الزميلين حمزة بلومي وسفيان بن فرحات تثير مجددا واقع المؤسسات التلفزية في بلادنا على أبواب إنتخابات مفترضة ومما يزيد الملاحظين حيرة إرتباط جل القنوات التلفزية الخاصة برجال اعمال إحترفوا السياسة(سليم الرياحي، العربي نصرة، العياشي العجرودي، الطاهر بن حسين..) أو بتيارات سياسية مخصوصة وهو ما سيضفي أجواء من الريبة بخصوص نزاهة الإنتخابات القادمة في صورة تواصل "تحييد" الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري التي لا يتوفر لها من إمكانيات لوجستية شيء بإستثناء جرايات أعضائها والبنزين لسياراتهم، وهي أدوات لا تكفي لإصلاح الإعلام السمعي البصري ...