على مدار عقود كثيفة من الصعود الوطني الفلسطيني المقاوم، كان فاروق القدومي أحد الوجوه الأساسية في المشهد على نحو ميزه في الكثير من الأبعاد. العروبي بالسليقة وبالخيار معا وسليل فلسطين ومعانيها، الذي تلمس الطريق إلى تحريرها وانعتاقها منذ شباب مبكر (...)
لا يمكن فهم ما يجري في غزة، إلا في سياق الحرب العدوانية الطويلة التي قامت بها الحركة الصهيونية وحلفائها الغربيين على الفلسطينيين وشعوب المنطقة التي أنتجت إسرائيل من جهة، والمقاومات المتطاولة ضد هذا العدوان التي بلورتها القوى الحية في المنطقة ومن (...)
لا شبيه لدولة إسرائيل في كل شيء عبر كل العصور، وكي تكون كما كانت وتصورتها الحركة الصهيونية وجسدتها بشراكة حلفائها الغربيين، يحتاج الأمر لإعادة ترتيب خمسة آلاف عام خلت من التاريخ على الأقل، وهذا أمر مستحيل بكل حال. كما لا نظير أيضا للمفهوم الذي تحمله (...)
تمثل لحظات الحصار والتهديد الشامل التي تتعرض لها الجماعات حالة فارقة في تاريخها واختبارا عميقا لطبيعتها ووجدانها وسلوكها ووعيها. الهجوم والتهديد الوجودي الشامل الذي يجري للناس والأمكنة وكل ما هو ثابت ومتحرك في غزة كبيئة، هي حالة، ربما، لم يشهد (...)
شاءت الأقدار وتاريخ غاشم، أن تولد أجيال فلسطينية متعاقبة، في ظل الاحتلال الإسرائيلي وما ترتب عنه من أثقال في حياتها. ومنذ ثلاثة أجيال على الأقل ونحن نسمع بتكرار كل يوم، عن قيام قوات «جيش الدفاع الإسرائيلي» باعتقال «مخربين» وهو الوصف الذي تعطيه (...)
«عندما يبقى ما قيل بالأمس عن الخيارات المهلكة ساريا حتى الغد، فإن ذلك يعني تحويل عبرة التاريخ عن قصد إلى ضحية، لا يسأل عن دمها أحد» فصل من فقه «العناد الكافر» في كل حروب إسرائيل ما بعد 1967، دائما ما رافقها وتلاها طوفاناً من المواقف والتحليلات ولجان (...)
قبل أن تبني الحركة الصهيونية أول حجر في أساس دولة إسرائيل، كانت ومعها تيار واسع ونافذ في الغرب اللئيم والماكر تكتيكيا,، الغبي استراتيجيا والمجرد من أي قيمة أخلاقيا،والمجرم فكريا وسياسيا، قد استكملوا بناء ترسانة من المقولات والتصورات التي ترى فلسطين» (...)
في حوارية عظيمة جرت بين ادوارد سعيد ومحمود درويش ذات يوم، وضع إدوارد بين يدي محمود وديعته الكبيرة على ما روى الأخير في قصيدة «طباق» التي نعى فيها صديقه كبطل مثلما كان يفعل الإغريق. إن مت قبلك أوصيك بالمستحيل». يسأل درويش إدوارد: وهل المستحيل بعيد، (...)
ينقل عن «ديفيد كمحي» الذي عمل كممثل لجهاز الموساد في وزارة الخارجية الإسرائيلية لأكثر من عقدين وصفة للفلسطينيين بأنهم «ملوك الفرص المضيعة». ما قاله ديفيد كمحي في وصف طريقة تعاطي الفلسطينيين مع الواقع لا يخلو من صحة، لكن ليس من الخلفية والاعتبارات (...)
« إدراك التاريخ على نحو متكامل يتطلب استحضارا بعد الغيب، وكل غيب له بعده الملموس في التاريخ» درس من فقه الحياة ليس من عادة القوى الغاشمة والظالمة في التاريخ، التوقف عند التساؤل، عما صنعت أياديها في نفوس ضحاياها وحياتهم. وعن قصد عميق كانت تتناسى سياق (...)
«لكل أعالي أقاصي، وفي أقاصي أعالي العروبة الثقافية والروحية ورهاناتها تقيم الجزائر، وما قيل فيها يوما، يصلح لقوله على مدار الزمن» فصل من فقه الجزائر تتكون سردية الجماعات والشعوب عبر عملية مركبة وطويلة، وقدما مع الزمن يتشكل ضميرها الجمعي وطريقة وعيها (...)
إن التنوع ووالتعددية والاختلاف هي من نواميس السماء والطبيعة والحياة الإنسانية ومن مصادر غناها وعظمتها وخيرها. السماء التي خلقت البشر من نفس واحدة وجعلتهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا ، والتي شاءت أن يكونوا متشابهين في أشياء ومتنوعين في كل شيء تقريبا، دعت (...)
تعُبّرُ الشعوب عن خبرتها وتجربتها ورؤيتها بأشكال عدة، منها مأثورات القول، التي يجري توارثها جيلا فجيلا، ويتحول بعضها لأيقونات وعلامات في الوعي الجماعي. بغض النظر عن صلوحيتها النسبية، إلا أن المأثورات، تقول وتعكس وتروي...، وهي حقل مناسب لاستخراج (...)
في سياق الصراع المعقد الطويل في فلسطين وعليها، جرى توظيف مكثف للرموز والمعاني والتأويلات تم استخدامها عند أطراف الصراع إلى حد التوتر للتعبئة والحشد والاستنهاض، ويوما ما وبمناسبة فلسطين نفسها قال إدوارد سعيد: إن الصراع على المعنى الرمزي للأرض هو جزء (...)
سيل من البرامج والمتابعات الإعلامية يجري في الخامس من حزيران في كل عام عن نكسة جوان 1967 يستضيف حشدا من خبراء الخيبة والفشل والإحباط ، بعضها غافل، وبعضها جاهل، وبعضها لئيم، وأغلبها يضل الطريق في قراءة الحدث. أما الوعي الناهض فهو في مكان آخر، لقد (...)
عندما يكون هناك طوفان من التحليلات يقرا جوانب القصور التقني والفني أو الاستخباري في حروب إسرائيل الغاشمة، ولا يشاء الوعي الحاكم فيها أن يراجع نفسه ولو على سبيل الحكمة والاحتياط وقوة التساؤل عن مشروعية الحرب من أصلها، وما هو دور عدوانها في إنتاج تيار (...)
في سياق الصراع المعقد والطويل، أنجز الفلسطينيون وحلفاء فلسطين في الحرب الأخيرة، نقطة تحول حاسمة وغير مسبوقة في تاريخ الصراع ذات بعد نفسي ثقافي معنوي بالغ الأثر، ستذهب بالمنطقة والإقليم والعالم نحو وضع مختلف، تتكاتف مع نقاط تحول أخرى حصلت في مجرى (...)
لا تقع القدس على نهر، ولا تطل على سهل خصيب، وهي ليست موقعا عسكريا حصينا، ولم تقم على طول خطوط التجارة وعرضها لا في العالم القديم ولا في العالم الحديث. وحيزها داخل السور الذي يسيجها بمساحة كليو متر مربع واحد فقط. لا ينطبق عليها أي معيار من مألوف (...)
تمثل الصين المعاصرة، تجربة وجمهورية ودولة وامبرطورية من نوع خاص، في القيم والخيارات والقدرات.وبمقدار ما هي حاجة وضرورة لنفسها فهي أيضا كذلك للعالم وأمنه واستقراره وتوازنه. الصين التي أنجزت في سبعين عاما، معجزات النمو والتصنيع والتحديث وتشيد بنية (...)
الراحل فرج الشايب أستاذ أجيال تعاقبت من تونسيين وعرب وغيرهم بمعهد الصحافة بتونس،صاحب الحضور الأنيق الكثيف والحميم، والذي تشكل الابتسامة الأنيسة جزء أصيلا من وجهه ومحياه، وصاحب الخيال الشجاع في الدرس والحياة والسياسة صار بعهدة ربه. وأصبح بجوار المنصف (...)
في رواية الخلق وخلفياتها السماوية العظيمة، كان الهدف الإلهي السامي هو استخلاف الإنسان في الأرض لإعمارها، وما كان لهذا الأمر أن يحصل بدون إنسان صالح على نحو كاف، في سريرته وفي وعيه وفي تدبره لتكليف السماء وعيشه،لكن السماء الفسيحة ادخرت حيزا واسعا (...)
في علم الصرف والنحو فإن فعل «كان « هو فعل ماض ناقص، يفيد الاستمرارية، غير أن إعرابه في الحياة وفي السياسة والحب والحرب والتاريخ لا يفيد الاستمرارية، إلا إذا استطاع اسم «كان» المرفوع التسلل خلسة أو علنا على رؤوس الاشهاد لمواصلة أدواره المتوافقة مع (...)
كان الانتظام البناء في الواقع. وسيبقى ضرورة وحاجة الى التحقق المناسب والنسبي في الحياة ضمن أي مستوى كان. والانتظام يعني متطلبات كثيرة كامتلاك الاستعداد والتكيف الايجابي والتعاون والفاعلية والموضوعية. وهو، لن يكون بدون توفر وعي متناسق فعّال وبناء، (...)
في أواسط السبعينات، كان المشرق العربي تحديدا، يعبر مرحلة تتشكل فيها عوامل انتكاس كثيرة، بعد ستينيات الوعد والرهانات في التحرر والكرامة والإنعتاق. غاب جمال عبد الناصر وهول حضوره في مطلع العقد ، وتجنح خليفته أنور السادات، وأخذ مصر وثقلها بعيدا عن (...)
بنت القوى المتنفذة في الغرب الأوروبي فالأطلسي ،والتيار الأنجلوسكسوني فيه على وجه التحديد ،موقفا عدائيا إزاء العالم العربي والإسلامي ، قام على سوء فهم مقصود ومنحرف جرى تحويله قدما مع الزمن لسوء فهم مقدس، له أطروحاته المتجددة وحاملوها في كل الأزمنة. (...)