يواجه 3 تهم.. الإعدام لمتهم نشر تدوينات ضدّ رئيس الدولة    المهدية : بالقرب من مصب فضلات، وتحتوي على ملوّنات محجّرة .. حجز طنّين ونصف من السردينة المجفّفة و80 كلغ من الحلوى    القيروان ...أحكام سجنية وخطايا مالية في حق 6 وكلاء البيع «الهباطة»    أبو مرزوق.. وافقنا على تصور قدمته مصر وخطة ترامب تحتاج لتفاوض    التليلي تحصد الذهب    أخبار الملعب التونسي ...تغييرات بالجملة في التشكيلة    طقس الليلة    الكاف.. حبوب مخدرة داخل سيارة اسعاف إدارية    في السعودية.. كل روايات الأمين السعيدي بالمعرض الدولي للكتاب    مولود ثقافي جديد بسلقطة .. مركز ثقافي باسم الشاعر يوسف رزوقة    استراحة الويكاند    توفر التلقيح ضد النزلة الموسمية    عاجل/ الإحتفاظ بمشعوذة في المنزه 9.. وهكذا تمت الاطاحة بها    الرابطة المحترفة الأولى: الإفريقي يهزم مستقبل قابس ويعتلي الصدارة مؤقتًا    وزير الشباب والرياضة يعطي اشارة انطلاق المؤتمر العلمي الدولي الرابع للوكالة الوطنية لمكافحة المنشطات    البنك التونسي للتضامن يخصّص اعتمادات بقيمة 90 مليون دينار لتمويل صغار الفلاّحين خلال الموسم 2025 /2026    الرائد الرسمي: صدور مرسوم جديد ينقح المرسوم المتعلق بالشركات الاهلية    هيئة الصيادلة تطلب بالافراج الفوري عن المواطنين التونسيين المشاركين في اسطول الصمود    نشطاء أسطول الصمود العالمي يمثلون أمام محكمة خاصّة بسجن "سهرونيم" في صحراء النقب    احتجاز المشاركين في أسطول الصمود هو جريمة على معنى القانون الدولي (عضو الفريق القانوني المساند للأسطول )    الكاف: افتتاح فعاليات مهرجان الفروسية بسيدي رابح    الرائد الرسمي: اقرار منحة لفائدة العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل بعنوان الاطفال بين 6 و18 سنة    انطلاق فعاليات النسخة الثانية للصالون المهني للصناعات التقليدية من 6 الى 12 اكتوبر الجاري بقصر المعارض بالكرم    نحو تعزيز الشراكة في المجال الصحي بين تونس ومنظمة الأمم المتحدة    الترشح مفتوح: تولّى منصب المدير الفني لمهرجان الأغنية التونسية 2026    سدود تونس تشهد انتعاشاً: المخزون المائي يرتفع إلى 28%    عاجل: بداية من 4 أكتوبر: تغييرات جديدة في توقيت قطارات الساحل    برشلونة يعلن غياب نجمه لامين جمال لمدة 2 إلى 3 أسابيع    جسم غريب فالعنين؟ ها شنوة تعمل    تايلور سويفت تطلق ألبومها الجديد بحملة ترويج عالمية    الفاو: أسعار الغذاء العالمية تتراجع في سبتمبر    عاجل : صدمة في الوسط الفني العراقي بعد وفاة الفنان إياد الطائي    رياح قوية تهز خليج تونس وشرق البلاد اليوم الجمعة!    دراسة جديدة: زيت الزيتون مش ديما صحي ينجم يساهم في السمنة..كيفاش؟    الكاف: مهرجان سيدي رابح المغاربي في دورته الرابعة    عاجل/ العثور على جثّة إمرأة مُسنّة داخل ماجل بهذه الجهة    إسرائيل ترحّل 4 إيطاليين مشاركين في أسطول الصمود    اختفاء حساب "أسطول الصمود" من منصة "إكس"    الترجي الرياضي يرد على بلاغ النجم الساحلي    عاجل/ فيزا "شنغان": إجراءات جديدة بداية من هذا التاريخ..    الديوانة تحبط محاولة تهريب 1200 علبة من الأدوية خاصة بالأمراض المزمنة    مناظرة هامة للانتداب بهذه المؤسسة..#خبر_عاجل    الدوري الأوروبي : ليل يطيح بروما على ملعبه واستون فيلا يتخطى مضيفه فيينورد    عاجل : جهاد الشامي عربي الجنسية ,متهم بتنفيذ هجوم مانشستر، والشرطة تكشف هويته    هذه هي أهم أعراض متحور كورونا الجديد    وزارة الدفاع تعلن: باب الانتداب لتلامذة ضباط صف بالبحرية مفتوح    رمضان 2026: شوف شنوّة تاريخ أول الشهر الكريم وعدد أيّام الصيام فلكيا    عاجل/ السجن لرجل أعمال واطار سابق بالديوانة من أجل هذه التهمة..    غلق الحركة المرورية والبحرية بالجسر المتحرك بصفة متقطعة بداية من هذه الساعة..    المنتخب التونسي لاقل من 23 عاما يواجه نظيره العراقي وديا يومي 11 و14 اكتوبر في سوسة والقيروان    مدنين: اقرار فتح موسم جني الزيتون يوم 1 نوفمبر لتثمين الامطار الاخيرة    الحماية المدنية : 144 تدخلا بالطرقات خلال ال 24 ساعة الماضية    تونس تستعد لترشيح الجبّة التونسية على قائمة التراث العالمي لليونسكو    رئيس الجمهورية يتناول في لقائه بوزير الشؤون الاجتماعية عديد المحاور المتعلقة بالسياسة الاجتماعية للدولة    حريق بمركب صيد كبير الحجم بميناء الصيد البحري بجرجيس    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة ..تصدّي الإسلام للجريمة    عاجل/ مفتي الجمهورية الأسبق حمدة سعيّد في ذمّة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فينوس ..كولاج نصي عن مسرحية " كاليجولا" لألبير كامو
نشر في أوتار يوم 30 - 10 - 2017

شعرت فجأة بحاجة إلي شيء يرضيني ، شيء جنوني ، شيء لا يوجد في هذا العالم ، القمر.. الفردوس … الخلود! .. لماذا يعيش الناس تعساء ، ويموتون تعساء ًأيضا ؟ !؟ ربما ينقصهم المعرفة ؟ ربما ينقصني أنا بعض النوم ! لكنني لو نمت كيف سأحصل علي القمر ؟ كيف سأدرك المستحيل ؟ يااااه إن طريق الحياة وعر وشاق ، دون مساعدة ! لكن من يساعدنا ؟ الفن ؟ الحب ؟ الدين ؟ ( في تفكير ) الدين ؟!!!! لم يكن لديّ في يوم من الأيام اله آخر سوي جسدي ! حسنا : الهي ،ماذا ستفعل لتساعدني في البحث عن غير الممكن ؟ عن المستحيل؟ عن ال .. حريّة مثلا! الحرية تعطي للمستحيل حظوظا ما ، أليس كذلك ؟!؟ من الآن فصاعدا ، سوف أترك العنان لحريتي لتجول أينما تريد ، دون حدو
هاهاها ، هل مثل هذا الأمر يجلب الغبطة ؟ هه؟! لا أعرف ، غير أني أظن أنه يجب عليّ أن أتعايش مع ذلك !! الآن أكره العالم ! العالم كله ! نعم أكرهكم ! لأنكم لستم أحرارا ! ولا يوجد فيالعالم حر سواي ! (تبكي ) هل سأبدأ الآن عهدا حافلا بالتجارب والمحن؟ لماذا أبكي الآن ؟ هل لأن الأمور لا تجري كما ينبغي لها ؟ أم أنها الحياة ؟ الحياة التي لا تعدو إلّا رذيلة ! لا يهم .. قد أستطيع أن أتعايش مع هذا ! لعل الأمر لا يتعدي سحابة صيف ؟ غير أني أشعر كيف تستفيق عندي حقائق لا تسمية لها !! آآآآه كم هو صعب ومر أن يصبح المرء إنسانا ؟!؟ لا شك في أننيأحتاج للنوم والسلوان ، إلا أنني غير قادرة علي ذلك !! وكيف أنام وأنا لا أملك سلطة علي الأشياء ؟ كيف أنام وأنا لا أستطيع تغيير نظام العالم ؟ أن أجعل الشمس تغرب في الشرق ؟ أن أوقف الموت عن الناس ؟ أو حتى أن أذيب السماء في البحر ؟! آه كم تمنيت أن أخفي المعاناة ، وأن أخلق من الألم فقاعات من الضحك ! هاهاها يبدو أنني أرغب في أن أبدل كل شيء ! كل شيء !لكن كيف ؟ ( تطرقع بأصبعيها ) بالمساواة ، حسنا ، سوف أقدّم المساواة لعصري كهدية ما ، وعندما يتساوي الجميع : سيصل في النهاية المستحيل إلي الأرض ، وسيصبح القمر بين يديّ .. نعم .. بعدها سوف يتوقف الناس عن الموت ، وفي نهاية المطاف سوف يصبحون سعداء ! ما أمتع هذا !هاهاها إنه لا يفوق قدرات إدراكي كامرأة ، ( تقطب حاجبيها ) أليس في هذا شيء من القسوة ؟ نعم القسوة ، والبرود أيضا ! كم شعرت بالخوف ! وأمام الخوف لا يبق شيء علي الإطلاق ، لا الشرف ، ولا الأصل الطيب ، ولا الحكمة الأزلية ! إنه الإحساس العالي الذي لا تعتريه أي شوائب ! إنه نقيّ ولم يمس أطلاقا ! الآن أحس أنه لم يبق عندي من الأساليب للبرهان علي أني حرة !! هذا أمر مهين ! وهكذا يمكن أن نضيف إلي القسوة ألم المعاناة ! المعاناة من أجل النرجسية ، وزيادة أوهام المشاعر .. مشاعر مثل الحب .. ( في توهه ) الحب؟
( تفيق ) هأ ، لقد أدركت تفاهته .. والمهم هو أمر آخر : القمر .. من هنا يبدأ كل شيء .. وفي نهايته سوف أعيش .. ( تدور راقصة ) أعيش الحياة والحب ! أمران متناقضان ! إلا أنني أحتاج من أجل ذلك إلي ضحايا ! ضحايا مذنبين ! ( تصرخ ) أحتاج إلي مذنبين .. الجميع مذنبون ( ترتجف ) نعم مذنبون ( تصرخ وهي تكلم الفراغ ) أيها المتهمون : جميعكم سيحاكم بالإعدام ( تحدث نفسها في شرود ) سأريهم شيئا لم يروه في حياتهم : سأريهم امرأة حرة ، وحيدة .. هاهاها سيكون هذا رائعا هاهاها ، لحظة الكراهية تجعل الناس أكثر ذكاء ً ( تسقط علي ركبتيها ) إنها لحظة واهية ! ( في همس مرير ) أليس بالإمكان أن أري ما حولي كله يفيض بالحب ؟ ! آه لو كان بمقدوري أن أتعرف إلي أرواح صافية طاهرة ! كم هو شديد عطشي للحياة ! إلي تلك الدرجة التي لا يمكن فيها إطفائه .. آآآه كم أعيش وحدة موحشة ! إنني أحمل دائما معي أوزار الحاضر والماضي ! وحشتي تخترق كل شيء ! الرجال الملعونون الذين يلاطفونني ، ويسلبونني الشهوة في الظلام ، روائح المتعة الحادة في أحضان صديقاتي الحالمات ، حتى ذلك الملجأ الهادئ الذي اعتدته … الازدراء !! لكنني اليوم سأكون مختلفة .. نعم .. من اليوم أنافينوس ،فينوس حفيدة أمواج المرارة ، واللزوجة ، وملح البحر ! أنا البسمة والرحمة .. الظلم والابتهاج .. ( تكلم الفراغ ) اليوم سأعلمكم عدم المبالاة بالحب المتوقد .. سأرشدكم إلي حقيقة هذا العالم الذي انعدمت فيه كل حقيقة .. و أنعم عليكم بالقوة ، لتصبحوا جديرين بهذه الحقيقة غير العادلة .. اسجدوا .. اسجدوا .. أن السجود جميل ، والآلهة لا تمتلك كنوزا سوي حب الموتى ! انتظروا ، إنه ليس تجديفا … هههه هو محض تبصير .. ألم أحدثكم عن القسوة ؟ أن تضارع الآلهة يعني أن تكون قاسيا مثلها ، قاسيا لدرجة التضحية بالعبيد لعرس النرجسية ! أنا لا أملك أي مبادئ ، لهذا لا يوجد عندي أي مطامع ، سوف أستخدم السلطة لمكافئة ذاتي .. وللتعويض فحسب ! ولأن عقولكم لا تدرك أحكام القدر ، لذا سوف أجعل من نفسي قدرا .. ألم أتقمص صورة إلهة مثل فينوس هاهاها … أذكركم مرة أخري : إنه ليس تجديفا ، إنه فن مسرحيّ ، وخطيئة هؤلاء الناس جميعا تكمن في عدم إيمانهم بالمسرح .. رغم أنه أمر في غاية السهولة ! ما عليكم سوي اقتلاع الرأفة من القلب ! ( تفكر ) يبدو أنني أفرطت في الحديث فنسيت !! يتوجب عليّ أن أطلي أظافر قدمي بالصباغ ، وهذا أمر لا يجوز تأجيله ! ( تخرج علبة المونيكير وتبدأ في طلاء أظافرها ثم تتذكر ) يبدو أنني نسيت إدراك القمر ! ( تنظر إلي طلاء الأظافر ) إن هذا الطلاء لا يصلح لأي شيء ! ( تنظر إلي الأعلى ) لكن القمر .. القمر بحيرة حليب في ظلام دامس ! إنه رشيق ، وعار تماما ، ألن تقصد فراشي اليوم أيها القمر ؟ ( تنظر إلي طلاء الأظافر )أكيد أن هذا الطلاء لا يصلح لأي شيء ! (إلي القمر ) لو أنك دخلت إلي فراشي يا قمري ، لتبدلت الأمور ، أليس كذلك ؟ ولأصبح المستحيل ممكنا ، ولتكثف الزمن في لحظة واحدة ! مرة وإلي الأبد .. (تقف فجأة ) ما هذا الخواء ؟ حتى لو امتلكت القمر ، فلن أستطيع أن أتراجع عن السلطة الفينوسية المطلقة ! تلك السلطة التي لا تستطيع أن تعيد البراءة ! ( تكلم نفسها ) الآن خطرت علي ذهني فكرة رائعة : أريد أن أتبادل الدور مع وباء الطاعون !( تنظر إلي الفراغ ) أيها الناس : يا من تنفرون من رؤية التعساء ، يا من يعكر صفوكم قلب نابض ، لقد تمنيت السعادة لتطهر النفوس ، إنها مجرد فكرة ، لكنني لا أدري إن كان تحقيقها سيوصلني ولو لدقيقة واحدة إلي الحياة الحرة ! هل سيكون حسنا أن أحب وأن أعيش بروح نقيّة ؟ أم أنها حماقة ؟ الحماقة التي تحمل الموت ، وعندها تشعر نفسك مهانا ! الإهانة التي أشمها كلما يضاجعونني ! كل يوم أراقب الموت المتدرج للإنسانية في نفسي ! كبر سني ، وقريبا سيميل شكلي إلي البشاعة ! أنا أعرف ذلك ! ما هو أكثر رعبا : الخوف .. ذلك الشعور الوحيد النقي ، الذي وهبتني إياه الحياة ! أيها الناس : هناك شكلان للسعادة ، إحداهما روح عظيمة لا تسحق الآخرين من أجل أن تعيش ، وأنا اخترت تلك التي تحمل الموت ! غريب أنني أشعر اليوم بحريّة أكثر ! تحررت من الذكريات والأوهام ، أنا من عاشت تلك التراجيديا الممتعة إلي نهايتها ، وقد حان الوقت لإسدال الستار عليها ! هذا ما تعنيه السعادة ، الحريّة المطلقة : الحقد علي كل ما هو موجود علي الأرض ، علي الكراهية ، علي العزلة المنقطعة النظير لإنسان يحب الحياة ! كلكم مذنبون … وأنا أيضا مذنبة ! قد يكون ذنبي أصغر ، قد يكون أكبر ، ما الفرق ؟!؟ لكن من يتجرأ علي محاكمتي في هذا العالم ؟ ( في شرود ) أترون : أنا لم أحصل علي القمر ! كل شيء يبدو شديد التعقيد ! كانت الأمور ستصير أفضل لو أنني حصلت علي القمر ! أنا لا أحتاج سوي لتحقيق أمر واحد : المستحيل !
بحثت عنه في أطراف العالم وبين حنايا روحي ، ولم أصل ..حريتي وهمية ! كم هو قاس علي المرء عدله الخاص ، والطريق الطويل إلي النهاية .. كم أخشي النهاية .. كم أخشي النهاية ! إظلام .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.