عودة أيام الصيانة هيونداي «Hyundai Care Days» : ألفا هيونداي موتور وتوتال إنرجيز يجددان التزامهما بحملة ما بعد البيع المميزة من 17 إلى 28 نوفمبر 2025    تصنيف الفيفا: المنتخب الوطني يتقدم 3 مراكز في التصنيف الجديد    ألعاب التضامن الإسلامي: فارس الفرجاني يتوج بذهبية سلاح السابر    امضاء اتفاق شراكة جديد بين المركز الفني للصناعات الميكانيكية والكهربائية والغرفة التونسية الالمانية للصناعة والتجارة    نواب الغرفتين البرلمانيتين يشرعون في مناقشة المهمة الخاصة بمحكمة المحاسبات    قفصة: 6 سيارات إسعاف جديدة لتعزيز الخدمات الاستعجالية    وزير الصحة: هكذا سنقضي على تهريب الأدوية الى خارج تونس    حيلة زوجان حققا تخفيض مذهل في فاتورة الطاقة    ترامب يعلن عن موعد ومكان لقائه مع 'خصمه اللدود' زهران ممداني    فستان ميلانيا ترامب يثير الجدل: هل هو رسالة خاصة للسعودية؟    وثائق إبستين تفجر الجدل مجددا.. البيت الأبيض حاول التأجيل وترامب يغيّر موقفه    عاجل/ الإحتلال يستأنف المجازر في غزة    عاجل/ محكمة المحاسبات تكشف: عديد الجمعيات انتفعت بتمويلات أجنبية طائلة    تونس: 6 مطالب أساسية وراء قرار إضراب المعلّمين    عاجل: جوائز كاف 2025 تُتوّج حكيمي وأسطورة الزمالك شيكابالا في الرباط    يوفنتوس الإيطالي يعلن عن غياب مدافعه روجاني حتى مطلع 2026    كميات الامطار المسجلة بعدد من مناطق البلاد خلال ال24 ساعة الماضية    طقس اليوم: أمطار متفرقة ومؤقتا رعدية بالجنوب    الدكتور ذاكر لهيذب: ''ملعقة زيت الزيتون... درعك الأوّل ضد الجلطات''    من 28 نقطة.. تفاصيل خطة واشنطن للسلام بين روسيا وأوكرانيا    كان المسؤول على شبكات التسفير... احالة الارهابي معز الفزاني على الدائرة الجنائية المختصة    "مقطع فيديو" يشعل أمريكيا.. دعوات لعصيان أوامر ترامب    تحرّك وطني للصحفيين في ساحة القصبة..#خبر_عاجل    احالة بلحسن الطرابلسي وصخر الماطري على دائرة الفساد المالي    طقس اليوم: أمطار غزيرة ورعدية ورياح قوية بهذه المناطق..#خبر_عاجل    اريانة:جلسة عمل حول النظر في أعمال اللجنة الجهوية لمتابعة تطور الأسعار وضمان انتظام التزويد    طقس الخميس: أمطار بالجنوب الشرقي ثم المناطق الساحلية الشمالية    ألمانيا تناور تحت الأرض.. تدريبات عسكرية خاصة بأنفاق مترو برلين    استعدادات مكثّفة لإعادة فتح المتحف الروماني والمسيحي المبكر بقرطاج يوم 2 ديسمبر 2025    أيام قرطاج المسرحية...مهرجان تجاوز الثقافة لينعش السياحة    المتحف المسيحي المبكر بقرطاج يفتح أبوابه من جديد يوم 2 ديسمبر 2025    وجوه الحبّ الأخرى    سيدي بوزيد : حجز 150 صفيحة من مخدر "القنب الهندي"    للتوانسة: فجر وصباح السبت 22 نوفمبر...طقس بارد    صادرات القطاع الفلاحي والصناعات الغذائيّة نحو المغرب تجاوزت 338 مليون دينار    اخر التطورات الصحية لتامر حسني    مدنين: حركية هامة بالميناء التجاري بجرجيس ودخول نشاط تصدير الجبس الحجري وتوريد حجر الرخام    تطاوين: تواصل حملات التقصي المبكر عن مرض السكري والأمراض غير المعدية طيلة شهر نوفمبر    لماذا سمي جمادى الثاني؟ أصل التسمية والأحداث التاريخية    قمّة تغيّر المناخ 30: تونس ترفع من أهدافها المناخية في أفق سنة 2035    الترجي الرياضي: اصابة عضلية لكايتا وراحة ب21 يوما    عاجل/ الكشف عن عدد الحجيج التونسيين لهذا الموسم    ألعاب التضامن الاسلامي: مروى البراهمي تتوج بذهبية رمي الصولجان    انطلاق الدورة العاشرة ل" أيام المطالعة بالارياف " لتعزيز ثقافة القراءة والكتاب لدى الاطفال في المدارس الابتدائية بالمناطق الريفية    اتحاد الفلاحة: سعر الكاكاوية لا يجب ان يقلّ عن 6 دينارات    شنيا يصير لبدنك إذا مضغت القرنفل كل يوم؟ برشا أسرار    فرصة باش تشري دقلة نور ''بأسوام مرفقة'' بالعاصمة...شوفوا التفاصيل    عاجل/ منخفضات جوّية مصحوبة بأمطار خلال الأيام المقبلة بهذه المناطق..    عاجل: تامر حسني يفجر مفاجأة بخصوص حالته الصحية..شنيا الحكاية؟    شنيا حقيقة فيديو ''الحمار'' الي يدور في المدرسة؟    الكحل التونسي القديم يترشّح لليونسكو ويشدّ أنظار العالم!...شنوا الحكاية ؟    طقس اليوم: أمطار غزيرة ورياح قوية بعدة جهات    اختتام مهرجان تيميمون للفيلم القصير: الفيلم الجزائري "كولاتيرال" يتوج بجائزة القورارة الذهبية وتنويه خاص للفيلم التونسي "عالحافة" لسحر العشي    تأهل كوراساو وهايتي وبنما إلى كأس العالم    التونسية آمنة قويدر تتوج بجائزة الانجاز مدى الحياة 2025 بالمدينة المنورة    العلم اثبت قيمتها لكن يقع تجاهلها: «تعليم الأطفال وهم يلعبون» .. بيداغوجيا مهملة في مدارسنا    الكوتش وليد زليلة يكتب: ضغط المدرسة.. ضحاياه الاولياء كما التلاميذ    المعهد القومي العربي للفلك يعلن عن غرة جمادى الثانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الجذور إلى النتائج: وعد بلفور وبنية الإبادة المستمرة ضد الفلسطينيين
نشر في أوتار يوم 03 - 01 - 2021

في الثاني من نوفمبر عام 1917، وجّه وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور رسالة قصيرة إلى اللورد روتشيلد، عُرفت لاحقًا باسم وعد بلفور. هذه الرسالة، التي لم تتجاوز سطورًا معدودة، كانت في حقيقتها لحظة تأسيس لمشروع استعماري طويل الأمد، صاغ مستقبل فلسطين على نحو دموي لا يزال يتكرر حتى اليوم.
لم يكن الوعد تصريحًا سياسيًا عابرًا، بل وثيقة تأسيسية للعنف الاستعماري في فلسطين. فهو أقرّ، بلغة استعمارية متعالية، بحق جماعة استيطانية في "وطن قومي" على أرض يسكنها شعب آخر، لم يُذكر إلا بوصفه "الطوائف غير اليهودية". بهذا التوصيف المُقصي، حوّل الفلسطيني من فاعلٍ تاريخي إلى كائن فائض، وشرعن عملية نزع السيادة عن السكان الأصليين، لتتحول البلاد إلى فضاء مشروع إحلالي قائم على محو الوجود الفلسطيني وإعادة تشكيل الجغرافيا والهوية معًا.
من الوعد إلى النكبة: تأسيس بنية الإقصاء
تجلّت أولى نتائج هذا الوعد في النكبة عام 1948، حيث تم تهجير ما يزيد على 750 ألف فلسطيني وتدمير أكثر من 500 قرية، في عملية منظمة لا يمكن فهمها خارج السياق الذي أرساه بلفور. فالنكبة لم تكن انفجارًا مفاجئًا للصراع، بل تتويجًا لمسار بدأ منذ لحظة إعطاء الوعد، حين تحولت فلسطين إلى مختبرٍ لمشروع استعماري يرى في الأرض موردًا، وفي الشعب عائقًا.
لقد شكّل وعد بلفور الأساس النظري لما يمكن تسميته ب"بنية الإبادة"، أي تلك المنظومة الفكرية والقانونية والسياسية التي تسمح باستمرار ممارسة العنف ضد الفلسطينيين كفعل مبرّر ومشروع. هذه البنية تتجلى في كل مرحلة من تاريخ فلسطين الحديث: من التهجير القسري، إلى الحصار، إلى تجريم المقاومة بوصفها "إرهابًا".
غزة: استمرار الوعد في شكل إبادة بطيئة
في غزة اليوم، تتجسد هذه البنية الاستعمارية بأوضح صورها. فالحصار المفروض منذ أكثر من 17 عامًا، وما تخلله من حروب متكررة، ليس إلا نموذجًا متطورًا من الإبادة البطيئة. يتم تدمير البنية التحتية للحياة: المستشفيات، المدارس، شبكات المياه والكهرباء، ويُترك السكان في حالة دائمة من الإفقار والعزلة.
تُمارس إسرائيل ما يمكن وصفه ب"الإبادة الإدارية" — وهي شكل من العنف المنظم الذي يُدير حياة السكان عبر التجويع، والحرمان، والتحكم بالموارد الأساسية، مع الإبقاء على مظهر قانوني يخفي جوهر الجريمة. بهذا المعنى، لا تُعتبر الإبادة في غزة حدثًا طارئًا، بل استمرارًا مباشرًا للبنية التي أسسها وعد بلفور: بنية ترى في الفلسطيني خطرًا وجوديًا يجب السيطرة عليه أو محوه.
من التاريخ إلى الحاضر: مسؤولية لم تنتهِ
بعد أكثر من قرن على صدور الوعد، ما زالت القوى التي صاغته — أو ورثت منطقه — تمارس دورها في شرعنة العنف. فالدعم الغربي اللامشروط لإسرائيل، والتغطية السياسية على جرائمها، يمثلان امتدادًا مباشرًا لوعد بلفور في صورته الحديثة: وعدٌ بالإبادة المقنّعة بلغة "التحالف" و"الاستقرار الإقليمي".
إن مواجهة هذه الإبادة لا تقتصر على وقف الحرب فحسب، بل تتطلب تفكيك الأسس الفكرية والسياسية التي جعلت وعد بلفور ممكنًا، ومساءلة القوى التي ما زالت تكرّس نتائجه حتى اليوم. فالمأساة الفلسطينية ليست خطأً تاريخيًا قابلاً للنسيان، بل بنية استعمارية متواصلة، لا يمكن تجاوزها إلا عبر تفكيك منطقها ذاته.
من وعد بلفور إلى الإبادة في غزة، تتصل حلقات العنف بخيط واحد: الإيمان بإمكانية بناء مشروع سياسي على أنقاض شعب آخر. وما لم يُفكك هذا المنطق من جذوره، ستظل فلسطين — بكل ما تمثله من ذاكرة ومقاومة — شاهدة على فشل العالم في التعلّم من تاريخه، وعلى استمرار وعدٍ لم يكن يومًا سوى إعلانٍ بالإبادة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.