ثقافتنا السياسية العربية القرد الذي يمشي على رأسه درجة التحضّر السياسيّ للأمم ورقيّها الاجتماعي يقاس عادّة بشفافيّة انتخاباتها ونزاهة العمليّة الانتخابيّة وحسن سيرها وقواعد تنافسيتها بين مختلف أطراف اللعبة السياسيّة ولكن في مصر سالت الدماء وامتدت الهراوات وقامت المظاهرات المندّدة بالتزوير وتمت الاعتقالات ونصبت المحاكمات وبثّت أشرطة التزوير علنا على الانترنت ولم تنفّذ الأحكام القضائيّة واستمرّت احتفاليّة السلطة بالعمليّة الانتخابيّة البرلمانيّة و فرح أصحاب النفوذ والقهر السلطوي باكتساحهم نتائج الانتخابات والتربّع على مقاعد البرلمان... هذا هو برلماننا العربي وهذه سلطة شعوبنا وهذه هي مبادئ الثقّافة السياسيّة العربيّة التي علّموها لنا سادتنا و قادتنا وتربينا عليها لابتلاع واقعيّة ديمقراطيتنا والنوم هانئين بحكمة وسياسة أنظمتنا.. كلماتي هذه تكرّرت عديد المرّات و تناقلها عديد المحللّين و النقّاد و المفكّرين السياسيّين.. ولكن السؤال المحيّر : هو أيّ مستقبل لثقّافة المواطن العربي وتكوينه الاجتماعيّ والسياسيّ في ظل العنف السياسيّ والقهر اليوميّ الذي يُمارس عليه والتلاعب العلني لدساتيره والقوانين التي تسطّر حياته اليوميّة و المعيشيّة؟؟؟ إنّ هذه الثقّافة هي ثقّافة تدميّرية للعقل العربي هي تقتل فيه كل إبداع وتقزّم صورته أمام الآخر فالانتخابات المصريّة البرلمانيّة على سبيل المثال لا الحصر تكرّس ثقّافة الفوضى والبلطجة السياسيّة التي لا تخدم أحدا بل تكرّس واقعا رديئا ينطبق على كل الساحة العربيّة إنّها تكرّس منطق جمهوريّات القردة التي تفتقد لضوابط تؤهّلها أن ترتقي بشعوبها إلى التخلّص من آفاتها الاجتماعيّة ومنافسة الآخر اقتصاديّا وفي كل إنتاجات العصر . فالأنظمة العربية ترفض أن تثقّف شعوبها على ثقّافة المشاركة والمواطنة الصحيحة ودولة القانون والمؤسّسات فعلا وممارسة لا تنظيرا و-دمغجة- فارغة...إذ كيف نريد التخلّص من الإرهاب ونحن نزرع بذوره في كلّ يوم وكلّ حين؟.... فالعنف يولّد العنف والكبت يولّد الانفجار ويبقى الداء سياسيّا بامتياز... إن الحلّ بسيط وهو أن يكون لحكّامنا الشجاعة اللازمة لرفع اليد عن دساتيرنا وتخليصها من شوائبها و التشويهات التي كانوا السبب الرئيسي فيها وأن يعترفوا بأحقيّة شعوبهم في العيش في دولة أو مملكة لا يسودها منطق الاحتكار في كلّ المجالات سياسية كانت أم اقتصاديّة أم غيرها.. بل يسودها منطق القانون الضامن لحقّ الجميع في المشاركة في تسيير الشأن العام... فمتى سنجد الدواء للتخلّص من عقليّة القردة ونعود أناسا نمشي على ساقينا... الله أعلم؟