النشر بالاتفاق مع مجلة مرآة الوسط بقلم تماضر عيساوي صحفية. عضو اسرة تحرير مرآة الوسط. تميزت الدورة التاسعة و العشرون لأيام قرطاج السينمائية بحظور ملفت للافلام التونسية التي اتسمت في اغلبها بالتنوع في المواضيع والتفرد في الطرح فالمتابع للانتاج التونسي من الافلام يلاحظ ان اصحابها حاولوا الغوص في الطيات العميقة للمجتمع والبحث عن مشاغل مسكوت عنها رغم معايشتنا لها.. كما تطرقوا الى اشكاليات انسانية ونفسية وحاولوا معالجة قضايا محورية في علاقة بالذات البشرية من حيث التركيبة النفسية وتطورالوعي والاحساس بالاخر والتعامل مع المحيط الاجتماعي “استرا” رحلة البحث عن الرضاء توج هذا الفيلم مساء امس بالتانيت البرونزي ضمن المسابقة الرسمية للفيلم الروائي القصير وتدور أحداث الفيلم حول معاناة زوجين من اقصاء المجتمع ورفضه تقبل ابنته الطفلة ومنحها حقها في اللعب كباقي الاطفال فقط لانها مختلفة عن الباقين بسبب مرض «متلازمة داون» الشريط عالج هذه الاشكالية المسكوت عنها رغم انتشار الوعي بها كظاهرة تعاني منها مئات العائلات في بلادنا المخرجة “نظال قيقة” اعتمدت على مرجعية مسرح القناع في احد المشاهد المعبرة داخل “البارك استرا” الذي حاولت الطفلة المختلفة مشاركة اترابها اللعب فيه ..علما ان القناع وسيلة من وسائل التعبيرذات الطابع المقدس التي كان الاغريق يلجؤون اليها في مناسباتهم ..كما تؤمن شعوب أفريقيا بان الارواح المقدسة تسكن الاقنعة وتؤثرعلى وجود الانسان ومصائرالجماعات الفردية والجماعية، وإن عدم احترام الاقنعة تجاوز وتعد على المقدسات يؤدي إلى الخطر. وهذا المشهد اشارة الى العلاقة المتوترة المبنية على جهل واقصاء وغياب تام لثقافة تقبل الاخرواحترام الاختلاف فيه وهو في الوقت ذاته تنبيه الى خطورة هذه الحالة المجتمعية العنصرية القائمة على النبذ وما يمكن ان تؤدي اليه .. و لعل اسم الفيلم “استرا” يلخص كل شيئ “فاسترا” معناه الاختفاء و الاختباء وهوعنوان له بعد رمزي تحيل اليه اخر لقطة في الشريط حين تقرر الطفلة ان تلبس القناع لتغطي ملامح وجهها باعتبارها سببا للاقصاء والتهميش الذي تعانيه وقد ارادت المخرجة ان تؤكد في نهاية شريطها ان مريض متلازمة داون كما غيره من منبوذي هذه الارض يستطيع ان يرتدي هذا القناع لكن ليس ليحمي نفسه من الارواح الشريرة كما تم استعمالها بالبارك بل ليخفي كل الاسباب التي تجعله مختلفا عن الاخر مرفوظا منه http://www.miraatwassat.com/2018/11/-784.html