"الاستحقاقات الدستورية في مجال الحقوق الثقافية والحريات الأكاديمية"... كان ذلك محور ندوة فكرية احتضنها مساء السبت المركب الثقافي محمد الجموسي بصفاقس ونظمتها المندوبية الجهوية للثقافة بالاشتراك مع فرعي صفاقس الجنوبية والشمالية للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في اطار تظاهرة ثقافة حقوق الإنسان. وأكد الأستاذ الحبيب بن يونس الباحث المختص في التراث البوني والعلوم المتحفية في مداخلة خلال هذه الندوة ان تونس تتمتع بمخزون تراثي مادي ورمزي ولامادي فريد من نوعه يفوق أحيانا بعض الدول كتركيا والشام... موضحا ان "التراث هو جزء من ذاتنا وذاكرتنا الجماعية وحمايته والمحافظة عليه لا تتمان عن طريق إدارة بل بوعي الموطن التونسي بان المحافظة على التراث هو استحقاق دستوري". ولاحظ ان المذكرات التي سترفع للمجلس التأسيسي في مجال الحريات والحقوق الثقافية يجب ان تحتوي على الاتفاقيات الدولية التي أمضتها تونس والتي تضمن حماية وسلامة هذا التراث المادي والرمزي واللامادي الذي يعتبر امتدادا للذاكرة الشعبية. وفي حديثة عن حرية الإبداع, استهل أستاذ الفلسفة كمال الزغباني مداخلته بمقولة "ما أشبه اليوم بالبارحة" معرجا بذلك على الانتهاكات والاقصاءات التي طالت المبدعين في عهد بن علي والتي بدأت تطفو من جديد بعد ثورة 14 جانفي من قبل الإسلاميين الذين يتكلمون، حسب قوله بصفتهم المالكين للحقيقة المطلقة. وأشار إلى أن المبدع يطالب اليوم بتكريس حقوق دستورية تضمن حرية الإبداع وعدم محاكمة العمل الإبداعي من خارج موقعه مشددا على أن "العمل الفني لا يمكن تقييمه إلا جماليا". وفي مداخلته حول "الحريات الأكاديمية", ذكر الأستاذ المحاضر بكلية العلوم بصفاقس السيد فوزي بن إبراهيم ان الحريات الأكاديمية حسب الفصل 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تعني الاستقلالية الذاتية للمؤسسات الجامعية وحق التمتع بالحريات الأساسية داخل الجامعة وخارجها مما يضمن جودة التعليم وتميز الجامعة. ولاحظ أن الانتهاكات التي حصلت مؤخرا في الجامعة التونسية "تحمل وراءها مشروعا سياسيا برمته وليس لغاية الدفاع عن حرمة الجامعة كما يشاع" مشيرا في ختام مداخلته إلى آلية مرصد حماية الحريات الأكاديمية الذي احدث داخل المؤسسات الجامعية والبحثية ابان الانتهاكات التي طالت حرمة الجامعة مؤخرا. وقد دار النقاش حول ضرورة تجريم وتحريم المس بالتراث وتفعيل مصادقة تونس على الاتفاقيات الدولية في هذا المجال وضرورة الفصل بين العمل الإبداعي والعمل السياسي والتحذير من ثقافة المذاهب وان الرهان الآن على المجتمع وتحديدا على المبدع وضرورة إحداث المزيد من الجمعيات والمؤسسات التي ترصد انتهاكات حقوق الإنسان. يذكر انه هذا اللقاء الفكري تخلله عرض موسيقي لفرقة "عيون الكلام" أطربت من خلاله الفنانة آمال الحمروني عشاق الفن الملتزم بأحلى الكلام من ذلك "ارفع راسك في الفلوجة...ارفع راسك في جنين... ارفع راسك في بوزيد... وارفع راسك في القصرين " و "نخلة واد الباي" و"يا بلاد نسج خيال". كما كان لمحبي الشعر موعدا مع قراءات شعرية للصغير أولاد أحمد.