من المعروف أن الجمل هو حيوان قنوع جدا وصبور جدا ويكتفي لعيشه بالقليل من النباتات الصحراوية. وهذا تقريبا ما يبقيه في الغالب شاحب البطن غير مكتنز باللحم والشحم لأن ذلك لا يساعده على التوغّل في الرمال وقطع المسافات الطويلة بدون إعياء. ومن المعروف أن الصحراء تتأثر بالجفاف الناتج عن قلة الأمطار إلى جانب حرارة الصيف وعنف الرياح. لذلك فإن اغلب الأعشاب تجف ولا تجد الإبل سوى النباتات التي تحافظ على خضرتها مثل الشعّال وهو نبات شوكي لا تؤثر فيه الحرارة ولا تأتي على جذوره. والأعشاب الصحراوية نوعان : النوع الأول الذي ينبت في الربيع بعد نزول الأمطار مثل الخرشف الجالي وبوثومة والمرار والنمص والصبعة. وهي تمثل النوع الذي ترتاح إليه الإبل وتشبع منه بما فيه الكفاية مع ملاحظة أن هذه Aكامل السنة والتي منها الأزال ولرطة والزيته والباقل والسبط والرتم والغذام والقديم مع الإشارة إلى أن هذا النوع هو الذي تتغذى منه الإبل في فصل الصيف وما بعده من الفصول. وإلى جانب هذه الأعشاب الصحراوية النافعة توجد أعشاب ضارة يحتاط منها الرعاة بكثرة لتفادي أكلها خوفا من آثارها السلبية على صحة الإبل مثل الدرياس وهو نبتة تصل إلى ارتفاع المتر ويشبه جذعها جذع البسباس وينتهي بنوارة تسمى الفلس فإذا أكلها البعير يكون مصيره الموت. ولعله من الحكمة الإلهية أن نبتتها لا توجد بكثرة في الصحراء لذلك فإن الاحتمالات الضارة نادرة الوقوع. ومنها أيضا الكركم غير المستعمل في الطبخ وهو نبتة صحراوية ذات حجم متواضع تشبه نبتة الرمث وهي أقل خطرا من الدرياس القاتل. ومن الغريب أن الإبل إذا رعت وأكلت نبتة ملطخة بدم الغزال فإنها تموت حتما. وإلى الآن لم يحدد الطب البيطري أسباب خطورة هذا الدم الموجود في أجمل حيوان وأسلم حيوان في صحرائنا التونسية. والجدير بالذكر أن الإبل التي كانت تقتات فقط من نباتات الصحراء قد جسمها أصحابها الآن في اسطبلات قرب النزل السياحية ويعمدون إلى تزويدها يوميا بالعلف الاصطناعي لتقوم لاحقا بنقل السياح ضمن رحلات منظمة بين النزل والمخيمات الصحراوية فكبرت بطونها وتغير طبعها وفقدت حيويتها وخصائصها المعروفة وأصبحت تساس مثلما تساس البغال والحمير. بقلم : عبدالسلام بن سوف الأطفال والبيئة كيف يتغذى الجمل في البادية ؟