المجمع الكيميائي التونسي: توقيع مذكرة تفاهم لتصدير 150 ألف طن من الأسمدة إلى السوق البنغالية    هذه الدولة الافريقية تستبدل الفرنسية بالعربية كلغة رسمية    الجامعة التونسية المشتركة للسياحة : ضرورة الإهتمام بالسياحة البديلة    الطلبة التونسيون يتحركون نصرة لفلسطين    نادي تشلسي الإنجليزي يعلن عن خبر غير سار لمحبيه    تعرّض سائق تاكسي إلى الاعتداء: معطيات جديدة تفنّد روايته    بن عروس : تفكيك وفاق إجرامي مختص في سرقة المواشي    بنزرت: النيابة العمومية تستأنف قرار الافراج عن المتّهمين في قضية مصنع الفولاذ    فيديو : المجر سترفع في منح طلبة تونس من 200 إلى 250 منحة    الرابطة الأولى: تفاصيل بيع تذاكر مواجهة النادي الإفريقي والنادي الصفاقسي    التونسيون يستهلكون 30 ألف طن من هذا المنتوج شهريا..    عاجل : وزير الخارجية المجري يطلب من الاتحاد الأوروبي عدم التدخل في السياسة الداخلية لتونس    مليار دينار من المبادلات سنويا ...تونس تدعم علاقاتها التجارية مع كندا    رئيس الجمهورية يلتقي وزير الشؤون الخارجية والتجارة المجري    الرابطة الأولى: تعيينات مواجهات الجولة الثانية إيابا لمرحلة تفادي النزول    عاجل : تأجيل قضية رضا شرف الدين    إنهيار سد يتسبب في موت 42 شخصا    بنزرت: طلبة كلية العلوم ينفّذون وقفة مساندة للشعب الفلسطيني    "بير عوين".. رواية في أدب الصحراء    بعد النجاح الذي حققه في مطماطة: 3 دورات أخرى منتظرة لمهرجان الموسيقى الإلكترونية Fenix Sound سنة 2024    عاجل/ تعزيزات أمنية في حي النور بصفاقس بعد استيلاء مهاجرين أفارقة على أحد المباني..    وزير الخارجية الأميركي يصل للسعودية اليوم    نشرة متابعة: أمطار رعدية وغزيرة يوم الثلاثاء    سليانة: 4 إصابات في اصطدام بين سيارتين    17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    نقطة ساخنة لاستقبال المهاجرين في تونس ؟ : إيطاليا توضح    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان المغربي يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    تصل إلى 2000 ملّيم: زيادة في أسعار هذه الادوية    ما حقيقة انتشار "الاسهال" في تونس..؟    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    الرابطة الأولى: برنامج مباريات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    غوارديولا : سيتي لا يزال أمامه الكثير في سباق اللقب    العثور على شخص مشنوقا بمنزل والدته: وهذه التفاصيل..    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    كاتب فلسطيني أسير يفوز بجائزة 'بوكر'    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نعيب زماننا و العيب فينا
نشر في باب نات يوم 14 - 03 - 2016


عبد الجليل الجوادي
أردت أن أفتتح هذا المقال بأبيات للإمام الشافعي يقول فيها:
نعيب زماننا و العيب فينا ***** و ما لزماننا عيب سوانا
و نهجو ذا الزمان بغير ذنب ***** و لو نطق الزمان لنا هجانا
أقول هذا الكلام، حتى ندرك جميعا أنه لم يخل زمان قديما و لا حديثا من مشاكل و صعوبات قد تختلف كما و نوعا و لكن لا تغيب عن واقع البشرية إطلاقا. و من هذا المنطلق، وجب علينا أن نتعامل بإيجابية مع كل التحديات المطروحة علينا، بمنطق الوعي الصحيح بطبيعة هذه المشاكل و أيضا بقناعة راسخة أنه لا يوجد مشكل بغير حل. و لا شك أن لكل عصر من العصور، آلياته الخاصة في مواجهة هذه التحديات تختلف باختلاف الزمان و المكان و الثقافات و درجة النضج الفكري و الحضاري لتلك الشعوب. و نحن كشعب عربي مسلم، جزءا لا يتجزأ من أمة لها تاريخها و مميزاتها الحضارية و لها أيضا آلياتها الخاصة لمجابهة كل الصعوبات بنجاعة فريدة و قدرة فائقة نجد سرها في كتابنا المقدس. القرآن الكريم الذي جعل الله فيه حلا لكل المصائب التي تتخبط فيها البشرية عبر الأزمنة. و لقد كانت الدعوة من الله صريحة للمؤمنين "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ" صدق الله العظيم.
و لسائل أن يسأل، أولسنا الآن أحياءا؟ أيوجد في القرآن حياة أفضل و أقوم يدعونا إليها خالقنا عبر الإستجابة لما أمر به جل في علاه و ما أمر به رسوله الأكرم (صلم)؟ و هل تستقيم الحياة أصلا في غياب مقومين أساسيين، الأمن و الكفاية المادية. هل تستقيم الحياة إذا تملك الخوف من قلوب الناس و تحكم فيهم الفقر و قلة ذات اليد و جاعت البطون؟
أولسنا الآن نعاني في مجتمعاتنا قلة الأمن وغلاء المعيشة؟ أو لم يصدعوا رؤوسنا بالحديث عن قفة المواطن و قلة ذات يده في مواجهة الغلاء الفاحش الذي استنزف كل طاقة لديه؟ أو لسنا الآن في معركة مع الإرهاب الذي روع الآمنين و خلف اللوغة في القلوب و سلبنا نعمة الأمن التي كنا فيها و نتألم اليوم على فقدانها و ما سلبنا من فضائلها؟
كل هذا واقع نحياه جميعا و لا ينكره أحد منا، و لكن سؤالنا الآن، هل من حل للخروج من هذا الوضع القاتم؟ و هل في القرآن الكريم حل لمشكلتنا و مشكلة كثير من الشعوب أمثالنا قريبا منا و بعيدا عنا؟
أنا أزعم أن الخوف و الغلاء هي أوبئة تصيب بعض المجتمعات نتيجة ما تقدم عليه من أفعال أعتبرها مقدمات طبيعية لنتيجة حتمية هي الإصابة بهذا الداء العضال الذي يقوض أركان الشعوب من الداخل و يصيبها بالتحلل و ربما يؤدي بها إلى التقاتل في ما بينها و الوقوع في الضعف و بالتالي وقوعها كنتيجة لذلك فريسة بين براثن الإستعمار الذي يترصدها.
نجد تفسيرا لهذا الكلام في قول الله تعالى في سورة النحل "﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ صدق الله العظيم.
إذا، فالجوع و الخوف إنما هي نتيجة حتمية لكفر النعم. فحين تكفر الشعوب بنعم الله و تتنكب عن منهجه القويم و تتنصل تباعا من عرى الإسلام، يلبسها الله لباس الخوف و يسلط عليها الجوع ينخرها، لعلها أن تتوب و ترجع عن الكفر و المعاصي.
و لننظر اليوم بعين الصدق لواقع حالنا. ألسنا اليوم ننصب المنابر للمارقين، كي يحدثوننا عن الشذوذ الجنسي بدعوى حرية التعبير. ألسنا نحن من سمح لجمعية شمس بأن يكون لها وجود قانوني و يكون لها الحق في الكلام و هي التي تؤسس لمجتمع حيواني بل و أقل بكثير من ذلك، فالحيوان يفرق بين الجهاز التناسلي و الجهاز الهضمي أما هؤلاء، فالشهوة عندهم عمياء...
ألسنا نحن من نحارب التدين و ننتقد الحجاب و نصفه بالرجعية و التخلف، و نشجع فتياتنا على التعري و لبس ما لا يستر تحت غطاء حرية المرأة و شعارات أخرى...؟
ألم نصادق على قوانين تبيح الزنا و تشجع على تعدد الخليلات و تحارب شرع الله و حكمته في تعدد الزوجات ضمن ضوابط شرعية؟
ألم نحارب التعليم الديني و نغلق جامع الزيتونة لسنوات عديدة بأيدينا بعد أن فشل الإستعمار الفرنسي في تحقيق ذلك؟
ألسنا نحن من قتل و نهب و سلب و ظلم؟ أليس كل هذا فينا و أكثر من هذا مما لا يقع تحت حصر؟
ألم نتآمر على فئة منا كل ذنبها أنها أرادت ذات يوم أن تعيش بكرامة و حرية و أن تمارس شعائر دينها دون قيد أو رقيب؟ فملأنا بها أقبية السجون و المعتقلات و مارسنا عليها العنف و الترهيب و شردناها في أصقاع الأرض. و طالت يد الظلم عوائلهم و أقاربهم بالقمع و الحرمان من أبسط الحقوق و القهر و الإذلال بغير ذنب. حتى نشأ على إثرهم جيل يحمل النقمة و الكراهية للمجتمع عامة و السلطة على وجه الخصوص. و بدلا من التدين على منهج وسطي، نشأت لنا فرقة متشددة تكفيرية، لا تعرف من الدين أكثر مما تجهل. وجدت ضالتها في بعض المشائخ المارقين عن الدين استمعوا إليهم عبر الفضائيات في ظل التصحر الديني الذي عرفته الشعوب طيلة عقود من الزمان...فكان التفجير و التقتيل و التكفير و التفسيق على غير علم أو هدى أنما باتباع و هوى.
إن الحل بأيدينا و تحت أيدينا. ليس بيننا و بينه سوى وعي صحيح و إرادة صادقة. و عي بواقعنا و إرادة في التغيير للوصول إلى بر الأمان.
الأمان و ما أدراك ما الأمان الذي سلبنا نعمته بسبب كثرة ذنوبنا و بعدنا عن ديننا و منهج ربنا و سنة رسولنا.
و قديما قال الشاعر أبو نواس: و داوني باللتي كانت هي الداء.
فإن كان داؤنا في البعد عن ديننا فلا شك أن دواءنا في التصالح مع هويتنا و عقيدتنا و رجوعنا إلى أصولنا و موروثنا الثقافي و الحضاري، نستلهم من سيرة الأولين ما تستقيم به حياتنا و نسلم به من داء الخوف و الجوع، و تتوفر لنا من خلاله كل مقومات العيش الكريم.
Publié le: 2016-03-14 21:04:31


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.