بقلم الأستاذ بولبابه سالم يعلم الكثير من المتابعين أن مشروع القانون المتعلق بالبنك المركزي كان بتوصية من مؤسسات مالية دولية و خصوصا من صندوق النقد الدولي ، و تريد هذه المؤسسات وفق رؤيتها (قد لا نتفق معها )اضفاء مزيد من النجاعة على عمل البنك المركزي و تنويع معاملاته في ظل الازمة الاقتصادية التي تعيشها بلادنا خاصة في ظل حجم القروض التي قدمها و ما سيقدمه في المستقبل لتونس . و إذأ كان اصرار بعض النواب على رفض الاستقلال التام للبنك المركزي خشية خضوعه لقوى أجنبية امرا طبيعيا فإن ما يثير الانتباه و حتى الشفقة على بعض النواب و الكتل هو رفضهم للفصل الثامن الذي يتضمن تنظيم و تقنين الصيرفة الاسلامية* . لقد سمعنا عجبا ممن يجهلون المعاملات المالية حيث ازعجهم مصطلح " الصيرفة الاسلامية " حتى تحدثوا عن خطورة وجود بنك موازي وهو ما اثار دهشة المختصين حتى من كتلته النيابية . طبعا لا ننسى موقف حزب آفاق تونس الذي خرج فجأة عن التوافق الحكومي ، قد لا نستغرب موقف هذا الحزب المتماهي مع العلمانية الفرنسية المتطرفة رغم تقنين الصيرفة الاسلامية في عاصمة الأنوار مؤخرا . طبعا ، هؤلاء ليسوا اكثر حداثة من بريطانيا و ماليزيا (كل معاملاتها المالية الخارجية بالصيرفة الاسلامية )دول اوروبية عديدة تعتمد نظام الصيرفة الاسلامية حيث تبحث هذه الدول عن تنويع مصادر الاستثمار عبر خلق ارضية تشريعية لرجال الاعمال و المؤسسات المالية الاسلامية للعمل في اراضيها ، وهو نفس هدف تونس التي تعيش ظروفا صعبة و تحتاج الى السيولة المالية لمحابهة التحديات الاقتصادية و الاجتماعية المتفاقمة . هؤلاء يبحثون عن الرخاء و فتح مجالات جديدة لجلب المستثمرين و نحن لدينا متطرفين ايديولوجيين يتحدثون فيما لا يفقهون و لا تهمهم سوى نظرتهم الضيقة لا المصلحة الوطنية . من المخجل ان مشروع قانون البنك المركزي وهو عصب الاقتصاد الوطني تم التصويت عليه بفارق صوت واحد و بنسبة حضور ضعيفة لا تتجاوز 103 نائب من 219 نائبا . كاتب و محلل سياسي ------------------------------------- * الصيرفة الاسلامية : هي النشاط المصرفي الذي لا يكون التعامل فيه بالفائدة أخذا او عطاء و التي لا تقدم القروض النقدية بالفائدة كما يمنع الاحتكار و الاكتناز بصوره المختلفة كما جاء في القرآن الكريم ، و يتم توجيه الموارد المالية الى قنوات النشاط الاقتصادي النافع للمجتمع و عدم توظيفها في مجالات يكون فيها منتوجات محرمة مثل تجارة الخمور او لحوم الخنزير ، و الصيرفة الاسلامية لا تعتبر النقود سلعة كسائر السلع تباع و تشترى و تخضع للعروض التجارية و انما للمال قيمة شرعية يمكن من خلاله المتاجرة في منتوجات مباحة . ------------------------------------- Publié le: 2016-04-14 16:00:14