بقلم: مهدي الزغديدي كيفما اليوم كيفما اليوم 29 سبتمبر 1936 ولد رئيس وزراء إيطاليا السابق ورجل الأعمال ورئيس نادي ميلانو سلفيو برلسكوني. يعد رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق من أكثر سياسيي أوروبا إثارة للجدل، لكنه رغم ذلك تولى رئاسة ثلاث حكومات إيطالية، واستطاع تحقيق ثروة هائلة جعلته من أغنى أغنياء أوروبا، كما ترأس طويلا نادي ميلانو، أحد أعرق الأندية الأوروبيّة والعالميّة. يلقّبه الإيطاليّون بالفارس بسبب التكريم الذي حصل عليه كفارس العمل. ارتبط اسمه بالعديد من التصرفات والتصريحات المثيرة والخارجة عن اللباقة والأعراف الدبلوماسيّة، وبالكثير من الفضائح الأخلاقيّة وقضايا الفساد، التي باتت عناوين للصحف العالمية. ولد سيلفيو برلسكوني في نهار كيفما اليوم 29 سبتمبر 1936 في مدينة ميلانو لعائلة إيطاليّة متوسّطة. تخرّج من كليّة الحقوق في ميلانو عام 1961. تزوّج سنة 1965 من كارلا الفيرا وأنجب منها طفلين، ثمّ طلّقها سنة 1985 ليتزوّج من الممثلة فيرونيكا لاريو التي أنجبت له 3 أطفال، قبل أن يطلقها سنة 2009 لإقامته علاقة بالفنانة الإستعراضيّة فرانشيسكا باسكال. بدأ برليسكوني مشواره المهني في غير تخصصه الدراسي الحقوقي، فقد اشتغل في مهن صغيرة كمطرب واستعراضي على متن السفن السياحية، ثمّ مندوب مبيعات للمنازل لبيع المكانس الكهربائية ثم كوكيل عقاري، أين برع في شراء الأراضي وبعث المشاريع العقاريّة، حيث اشتغل في المقاولات وتعهدات البناء مؤسساً شركة للمقاولات قامت ببناء المدينة السكنية "ميلانو 2"، وهي ضاحية فخمة لمدينة ميلانو التاريخية صُممت على النمط المعماري للمدن الأمريكية. مما مكّنه سنة 1977 من الحصول على لقب فارس العمل من قبل رئيس الجمهورية جيوفاني في سيراليون تقديرا وتتويجا لأعماله في تطوير إيطاليا بعد أن دمّرتها الحرب والفساد وعصابات المافيا والألوية الحمراء. في أواخر السبعينات أصدرت المحكمة الدستوريّة في إيطاليا حق ممارسة الإعلام بعد أن كان حكرا للدولة والمحطات المحلية، تحول برلسكوني إلى مستثمر كبير في مجال الإعلام الخاص وقام بإنشاء أول قناة خاصة في إيطاليا، كما قام بتوسيع دائرة أعماله لتشمل مجالات النشر والإنتاج السينمائي فأصبح يمتلك إمبراطورية إعلامية ضخمة. ثمّ قام سنة 1986 بشراء نادي ميلانو أحد عمالقة كرة القدم الإيطاليّة والأوروبيّة، حتى أضحى أحد أغنى وأشهر رجال الأعمال في إيطاليا وأوروبا ولكنّه مع ذلك لم يدخل أبدا في عالم السياسة حتى سنة 1994. ويمثل برلسكوني حالة خاصة في المشهد السياسي الإيطالي، لأنه لم يدخل عالم السياسة إلا في منتصف التسعينيات من القرن الماضي بعد أن راكم ثروة ضخمة من استثماراته في عالم العقار والمال والإعلام والدعاية والنشر حيث يملك محطات تلفزة وصحفا ودور نشر التي استغلّها لتلميع صورته. فاعتبرت المعارضة دخوله محاولة منه التهرب من العدالة في عدد من القضايا أبرزها قضية التهرب الضريبي، بينما عزاه هو إلى رغبته في تخليص البلاد من حكم الشيوعيين وخطر الألوية الحمراء. فأنشأ سنة 1994 حزب "فورزا إيطاليا" (أيطاليا إلى الأمام). وسرعان ما فاز في الإنتخابات التشريعيّة، فترأس الحكومة الإيطاليّة في ماي 1994 بالتحالف مع حزب رابطة الشمال. لكن حكومته سرعان ما انهارت في جانفي 1995 بعد انسحاب رابطة الشمال من الإئتلاف واتهام زعيمها لبرلسكوني بالإنتماء إلى المافيا. فترأس برلوسكوني المعارضة، ليفوز في انتخابات 2001 ويعود من جديد رئيسا للحكومة بعد أن وعد الإيطاليين بالعيش في رخاء في حال انتخابه. لكنّ الإيطاليين فقدوا الثقة فيه فانهزم في انتخابات 2006 ضد غريمه رومانو برودي، لكن برلسكوني لم يعترف بهزيمته وأصرّ على إعادة الفرز، إلّا أن المحكمة الدستوريّة أقرّت بفوز برودي ممّا اضطرّه لترك منصبه. قرّر سلفيو برلسكوني العمل على إسقاط حكومة برودي، فكان له ما أراد في جانفي 2008، إذ استقال برودي بعد أن استغلّ برلسكوني منابره الإعلاميّة لتشكيل ضغط شعبي على رئيس الوزراء وتحميله مسؤوليّة التدهور الإقتصادي. وفاز سلفيو برلسكوني في أفريل 2008 بالإنتخابات ليصعد للمرّة الثالثة لرئاسة الوزراء في إيطاليا، في حالة نادرة في الديمقراطيّات الأوروبيّة. لاحقت الفضائح وتهم الفساد والملاحقات والمحاكمات القضائية برلسكوني منذ دخوله لعالم السياسة. وقد كان "الفارس" لا يخجل من تغزّله بالشابات الفاتنات أمام الكاميرات. كما أنه لم يكن يحترم دائما الأعراف الديبلوماسيّة، إذ غابت عنه اللباقة في التعامل مع عدّة رؤساء وزعماء. وقد تراكمت الفضائح والمحاكمات حول تهم فساد مالي وأخلاقي، ممّا أجبره لتقديم استقالته من منصبه في نوفمبر 2011. وفي جوان 2013 أصدرت محكمة إيطالية حكما بالسجن سبع سنوات على برلسكوني، ومنعته من تولي أي منصب رسمي مدى الحياة بعد اتهامه بممارسة الدعارة مع قاصر وإساءة استغلال السلطة، كما خضع للتحقيق أمام نيابة نابولي بتهمة شراء أو رشوة سيناتور عام 2006 لإسقاط حكومة رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق رومانو برودي. كما أيّدت محكمة استئناف إيطالية عام 2013 حكما يقضي بحبسه أربع سنوات في قضية حقوق البث التلفزيوني المتهم فيها بالتهرب الضريبي، وحرمانه من تولي أي منصب عام لمدة عامين، فيما وافق مجلس الشيوخ على طرده من المجلس في العام نفسه. وفي ماي 2014 بدأ برلسكوني بقضاء أربع ساعات في الأسبوع من الخدمة العامة لمدة عام في دار لرعاية المسنين المصابين بمرض خرف الشيخوخة، بدل أربع سنوات سجنا مراعاة لكبر سنه.