نصرالدين السويلمي عرّف معجم المعاني عبارة البلاهة بالضعف في الراي وتشتت الفكر والعقل الى جانب طغيان الغفلة ، لم يذكر المعجم غير تلك العبارات واعتبرها منتهى التوصيف وايقن أنها أشبعت العبارة واقفلت باب التوطئة ، لم تكن معاجم المعاني ومعاجم الألفاظ ومعاجم الابنية وغيرها من المعاجم تدرك ان ثورة سبعطاش ستتعرض مع الزمن وبحكم تآكل النخوة ووفرة الخونة وطفرة في الهوان الى هجمة الازلام وان هذا النوع من الفيروسات سيأثر على فصيلة اخرى خاملة ، ستختمر وتنصهر لتتحول لاحقا الى وباء أطلقت عليه المخابر اسم "شبيحة" ، تلك الجائحة التي ستصبح مع الايام المكون الرئيسي للبلاهة ، ولنا ان نقف على الخسائر التي يمكن ان يخلفها الابله العربيد ، ذلك اللئيم الذي يأكل من خيرات ثورة الكرامة ثم حتى اذا هجعت كرشه عن نهمها ، عاد يسب وليّة نعمته ، يطعن في شرف سبعطاش ويشكك في سيرة اربعطاش ..هي إذا خفافيش كان اقصى حلمها ومنتهى لذتها ان تقرا "للرياء" بعض الصفحات من كتاب الحرية لإرين غرويل دون ان تشعر بها السلطة ، فاذا بها تتلطخ في الحرية وتعب منها حد التخمة ثم تشرع في شيطنة "إلي ماتوا في المعارك والي حضر والي شارك". "شبيحة" ؟ هي منزلة بين الاستعمار و الاستحمار، تلك أشياء يستعار منها العار وتخجل منها الخطيئة وتتأذى منها الجيف ، او لنقل انها آلات قديمة شحنت فيها بعض المعطيات بأشكال عشوائية فهي تستعملها عند تفكيرها وعند ترفيهها ؟ عند الجنائز وعند الاعراس، عند وليمتها وعند ذهابها الى بيت الخلاء .. شبيحة هي فصيلة تكفر بالمقاربة والمقارنة ، تكره الحجة وتمقت الادلة واقسمت جهد ايمانها على مقاطعة المنطق ودخلت في جفاء حاد مع العقل .. شبيحة هي "Choses " غير خاضعة للتحيين، تأكل قشور الغلال بنهم وتلقي بالغلة في المزبلة ..شبيحة هي تعبيرة قومية مصابة بالزهايمر ، تتذكر الماضي بفصاحة وتخبط في الحاضر خبط عشواء ..شبيحة هي مجموعة قراصنة قاموا بالسطو الحزبي الجمعياتي الاعلامي على تاريخ الفكر القومي ، ومن فرط تعصبهم لقوميتهم استعانوا عليها بقوميات اخرى لتفكيكها وبعثرة كيانها ..شبيحة هي فصيلة مشوهة تالف الملاحم الشعرية في العرب ، وترقص على اشلائها اذا ذبحت العرب ..شبيحة هي اول زمرة في العالم تدعوا ادبياتها الى وحدة اراضيها على الشرط القومي ، ثم هي تحيي الافراح اذا اجتاحت قومية اخرى اراضيها وشتت المشتت . ذلك بعض تعريف للتشبيح المشترك ، أما شبيحة تونس فيعني تلاميذ اغبياء "منغولي" ، رسبوا في مدرسة الثورة عند الامتحان الأول ، ابتدعوا في الحرية وافحشوا عليها حين قنّنوها بل حين جرموها عندما يممت شرقا باتجاه الشام ، مدنيون يكرهون الديمقراطية المدنية ، ويحبون الديكتاتورية العسكرية ! يكرهون صناديق الدكتور المرزوقي والدكتور مرسي ويحبون دبابة الجنرال بشار والجنرال السيسي ..لكن يبقى اغرب ما اقترفته "شبيحة" تونس حين تسللوا من صفوف الثورة لواذا ، وكأنهم تغامزوا وكأنهم تواعدوا .. فرغت منهم صفوف الثورة ، غادروا فضاءاتها واختفوا من تظاهراتها ، قامت الدنيا عليهم ولم تقعد ! كأنّ الارض انشقت وابتلعتهم ، اقتفى الثوار اثارهم ، تتبعوا خطواتهم ، عثروا على بعض المعالم واشارات ، توغل الثوار اكثر داخل مساحة الشك ، اقتربوا من الهدف دفعوا الباب، وجدوهم !!! كانوا يجلسون في حضرة سيدة تبدو في عقدها الخامس ، تقرعهم ، تأنبهم عن تأخرهم ، تشد اذانهم ، لم تكن تلك الا الفة يوسف تلقن منهجها لقومجية مشوهة ، متأرجحة ، لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء ، لقد ارادوا اقتفاء اثر الثوار ولما بعدت عليهم الشقة عادوا الى حجر الثورة المضادة ، دفعتهم بلاهتهم لاختيار طريق كوثر البشراوي الالتفافي الذي انتهت معه الى حذاء بشار ، ولو تمعنوا قليلا لاتبعوا طريق الفة يوسف القصير المباشر ، لكانوا اذا احتفظوا بعار الخيانة وتخففوا من عار الغباء . ان الذين يترددون في مدح الحرية هم أميل في طباعهم الى عالم الرق ، و الذين يكرهون الحرية هم محفل الرقيق بذاته ، أما الذين يحاربون الحرية ويدفعونها عن ا نفسهم ومجتمعاتهم فأولئك خلايا الرق و عجب ذنبه وخضراء دمنه .