بمناسبة مرور خمسين سنة على رحيل مطربة تونس الأولى الفنانة «صليحة» يقدم هذا العمل الموسيقي رحلة فنية لرصد الموسيقى الخاصة بهذه المطربة عبر مختلف الأنماط والأشكال الموسيقية التي أدتها على إمتداد حوالي عشرين سنة أي منذ سنة 1938 فترة اكتشافها ودخولها إلى المعهد الرشيدي إلى غاية سنة 1958 تاريخ وفاتها. وقد تمكنت الفنانة صليحة خلال تلك الفترة الوجيزة نسبيا من تقديم إنتاج غزير ساهم إلى حدّ بعيد في تركيز دعائم الأغنية التونسية الحديثة في القرن العشرين وفي ترسيخ الذاتية التونسية باعتبار أن الأعمال الغنائية التي أنتجتها بمعية بعض الشعراء والملحنين كانت تعبر عن واقع التونسي في عصر اتسم فيه الغناء بأداء الأغاني والأدوار والموشحات الشرقية وبرواج الأغاني السطحية والبسيطة .. لهذا أحبها جميع التونسيين في المدن والقرى والأرياف وأصبحت تمثل لهم أكثر من مطربة لأنها تمكنت بكفاءاتها الفنية وبجديتها وعطائها المتواصل وصدقها الفني من نحت شخصية فنية . إن المطربة صليحة تمكنت من بلوغ هذه المكانة البارزة في قلوب التونسيين بفضل قدرتها على اداء مختلف أساليب الأداء التونسي بشقيه الحضري والبدوي دون أن ننسى قدراتها الصوتية الضخمة من ناحية القوة والغناء في الطبقات الصوتية الحادة دون عناء وجهد كبيرين وهو ما فسح أمام الملحنين مجالا واسعا من الحرية والراحة في تأليف الأنغام دون التفكير في الطبقات الصوتية. ومن النقاط البارزة التي كان لها دور هام في نجاح المطربة صليحة هو تعاملها مع أهم الشعراء والملحنين مثل محمد العربي الكبادي وأحمد خيرالدين ومصطفى خريف والهادي العبيدي وغيرهم من الشعراء بالإضافة إلى ثلة من أبرز الملحنين الذين عرفتهم الساحة الموسيقية التونسية وهم خميس الترنان ومحمد التريكي وصالح المهدي وقدور الصرارفي. الرؤية الفنية للعرض : إن الهدف الرئيسي من هذا العرض يتمثل في إبراز أهم المحطات الفنية للمطربة صليحة ووضعها في إطار فني حديث مرتبط بالتميز الفني والإبداعي بعيدا عن الحنين السلبي إلى الماضي. وبالتالي فان هذا العرض يطمح إلى تقديم الأعمال المختارة في أسلوب أركسترالي معاصر يعتمد على عناصر الكتابة البوليفونية دون المساس من جوهر نظمه اللحنية والإيقاعية. واعتبارا لما يتيحه لنا الرصيد الغنائي للمطربة صليحة من تنوع على مستوى الأنماط الموسيقية وما يتضمنه من قوالب وأشكال موسيقية من فوندوات وقصائد وأغان فنية وخفيفة وشعبية حضرية كانت أم بدوية... كما سيعمل هذا العرض على تناول جميع هذه الأنماط والأشكال بحيث نتمكن من رسم مشهد شامل للمدونة الغنائية للمطربة صليحة موجها إلى مختلف الشرائح العمرية من جهة وإلى مختلف الأذواق من جهة أخرى دون المساس من قيمته الفنية وخلفياته الفكرية العميقة. ولتأمين أسباب نجاح تنفيذ العرض ستتم دعوة أصوات متميزة لها من المخزون الفني والمواصفات الصوتية المتميزة ما يؤهلها بأن يكون أداؤها جيدا على غرار الفنانة نبيهة كراولي كمطربة أساسية لهذا العرض باعتبار ما تتمتع به من ثقافة موسيقية وسمعية جيّدة ومن زاد ومخزون موسيقي تونسي بدوي وحضري اضافة الى مشاركة عدد من الأصوات الشابة التي أثبتت جدارتها على الساحة الموسيقية التونسية رحاب الصغير، شهرزاد هلال، ريم الفهري، سارة النويوي ودرّة الفورتي. يوم 24 جويلية في مهرجان قرطاج الدولي - الإدارة والقيادة الموسيقية : كمال الفرجاني - الإدارة الفنية : وناس خليجان - الإدارة الركحية : نبيل ميهوب