- "شارل بودلير (1821/1867)، الشاعر والكاتب والصحفي والمترجم، حبيب النساء الذي كانت أمه تحتقره وتزدريه، لا تزال أزهاره تتفتح وتستدعي القراءة من المنظور الجمالي الذي بدأ معه هو أساسا عندما قلب معادلة الفهم أولا فالانفعال والتأثر ثانيا"، هكذا قدم الجامعي منصف الوهايبي الشاعر شارل بودلير في لقاء حواري تحت عنوان "بودلير والحداثة عند العرب"، انتظم بعد ظهراليوم الجمعة بفضاء المعارض بالكرم في اطار البرنامج الثقافي للدورة 33 لمعرض تونس الدولي للكتاب. وقدم المشاركون في هذا اللقاء قراءات في الاختيارات الجمالية لنتاجات بودلير الشعرية وخصوصيات توجهاته التعبيرية في قصائده النثرية، وتباحثوا المنحى السردي في تجربة الشاعر الفرنسي، واصفين إياه بالشاعر الاستثنائي الذي عبر عن مواقف مجددة في الفن أثرت في عصره. كما تطرق المحاضرون إلى مسالك تلقي الثقافة العربية لأعمال بودلير وكيفية توظيفها في السياق الأدبي الحداثي، حيث تمت ترجمة عدد هام من أعماله من قبل نخبة عربية فاعلة في المجال الأدبي على غرار ترجمة المغربي مصطفى القصري فضلا عن تعريب المصري، رفعت سلام، أعمال بودلير الشعرية الكاملة. وتدارس المشاركون الهيكلة السردية والتركيبة الشعرية في أعمال بودلير واعتبروها "نظاما من التمثلات المعيارية يقاس عليها من حيث القيمة الجمالية التي تعد مصدر انفعال فني محفوف بالغموض وعصيا على الإدراك"، مشيرين إلى أن ثبات الأجناس الأدبية في شكلها لا يخفي تغير مضامينها ووظائفها التقييمية في مدار الخطاب السردي لبودلير". وبينوا أن تفاعل الأدب العربي الحديث مع أعمال بودلير يكمن أساسا في الحفاظ على العلاقة بين القاعدة الكتابية والمسار النصي وخرقها في الآن ذاته أو استبدالها بأخرى معللين ذلك ب"أن ثبات القاعدة لا يحظر إمكان تغييرها ". سهى