صرح زياد الرحباني في سياق حوار صحفي عما يسمى بالجاز الشرقي وقال إن موسيقى أنور إبراهيم: «هي الموسيقى التي يريد الغرب أن يصنعها بالنيابة عنا ويصدرها للعالم باسمنا. هذه هي الموسيقى التي يصنعها الصهاينة في العالم بدلاً من العرب. اختصار تراثنا بهذه الطريقة وإعادة تصديره لنا!» وكنوع من الاستطراد على فكرته قال زياد أيضاً إنك لو بحثت في الغرب: «.. لن تجد أعمال فيروز، لكنك ستجد أعمال ربيع أبو خليل وأنور إبراهيم بسهولة أكبر، وبالصدفة أنور إبراهيم يهودي». بعد فترة انتظار، قرّر الفنّان التونسي نشر توضيحه فوق صفحات «الأخبار» اللبنانية هدا نصه . فوجئت قبل أسابيع بتصريحات قيل إن زياد الرحباني أدلى بها إلى الإعلام السوري . جاء في الحديث المنسوب إلى الفنّان اللبناني الكبير ما مؤدّاه أن المؤلف الموسيقي والعازف التونسي أنور إبراهم «يهودي»، وأنه يدين برواجه العالمي إلى «الصهيونيّة». لا أخفي أن هذا الكلام آلمني في حينه، أوّلاً لأنّه قائم على الافتراء المجّاني، وثانياً لأنّه صادر عن فنّان نقدّر ونحترم، يملك تأثيراً واسعاً على الرأي العام، ونخاله بعيداً كل البعد عن لغة التجنّي والتجريح. انتظرت الوقت اللازم ريثما تخفت الضجّة التي أثيرت حول الموضوع، وتهدأ ردود الفعل على أنواعها، بما فيها مواقف الشجب والاستنكار والتضامن معي في الصحافة اللبنانيّة التي أشكر عليها الجميع، كي أعطي بعض التوضيحات البسيطة التي تتعلّق بشخصي وفنّي. والحقيقة أنني، طوال الأسابيع الماضية، حاولت أن أفهم الدافع إلى مثل تلك التصريحات. وما زلت ميّالاً إلى الاعتقاد بأن زياد الرحباني غير مسؤول عن الكلام بحقّي، أو على الأقلّ لا يؤمن به في قرارة نفسه. إذ كيف يمكن لأحد رموز اليسار العربي العلماني أن ينزلق إلى فخّ اللاساميّة؟ ومنذ متى، نحاسب الآخرين على أساس انتمائهم الديني؟ علماً بأنّي ولدت في تونس من أب مسلم وأم مسلمة، وتربّيت على احترام كلّ الأديان والمذاهب والعقائد. زياد الرحبانى- - - -أنور إبراهم لا أظنّ أن فنّاناًً تحيط به الهالة الأخلاقيّة التي نعرف، يقدم على الطعن في وطنيّة زملائه، ويعتبرني «عميلاً صهيونيّاً»، لمجرّد أن أسطواناتي الصادرة عن شركة ECM هي بين الأكثر مبيعاً في العالم ضمن فئة «الجاز»؟ في كلّ الأحوال، لست واثقاً من أنّ تلك المقاربة هي الوسيلة الفضلى للتعامل مع الموسيقى، ومع الإبداع عموماً. كنت ولا أزال أتمنّى أن أسمع نقداً فنيّاً لمؤلفاتي، وربّما أمكنني عندها أن أستفيد بالكثير من فنان كزياد الرحباني. أما «اللوبي الصهيوني» فنأمل أن يأتي يوم تتمكّن فيه النخب العربيّة من مواجهته في الغرب، على الساحة نفسها وبالوسائل نفسها... بدلاً من تحويله إلى فزّاعة للاستهلاك الداخلي. من حقّ أيّ كان ألّا يتذوّق أعمالي، وأن ينظر بعين نقديّة إلى تجربتي. أما البارانويا التي تغذّي نظريّة المؤامرة في الوعي الجماعي، فمن المؤكّد أنّها لن تُغني النقاش الثقافي والفكري الذي نصبو إليه اليوم في العالم العربي. وزياد أرفع من الوقوع في مثل هذه المطبّات. وجلّ من لا يخطئ! *** الصحفي الدي أجرى الحوار مع زياد الرحباني شعر بالذنب اثر الضجة التي تلت الحوار و اعترف أنه وقف طويلاً عند العبارة التي تتعلق بدين أنور ابراهم، وقد هم حسب تصريحه أكثر من مرة بحذف العبارة، إلا أنه تركها في النهاية، وتمنى أنه حذفها. Articles d'Anouar Brahem sur babnet