المطربة لطيفة سعيدة هذه الايام وسبب سعادتها نجاح تجربتها في أول عمل مسرحي غنائي تقوم ببطولته ومع أحد رموز الموسيقى العرب الموسيقار منصور الرحباني. لطيفة انتهت مؤخرا من تقديم السلسلة الاولى من عروض أوبيرات «حكم الرعيان» التي لاقت إقبالا جماهيريا منقطع النظير، وكان لها الصدى الطيب لدى الجماهير والنقاد، حيث اهتم الاعلام العربي بهذا الحدث الفني المتميز، وقد أشادت الصحف بأداء لطيفة المسرحي والغنائي في العمل... لطيفة تقضّي إجازتها هذه الايام بتونس وقد اغتنمنا الفرصة لمحاورتها حول هذه التجربة وحول مشاريعها ومواقفها الفنية وغيرها... * كيف تقيّم لطيفة تجربتها في أوبيرات «حكم الرعيان»؟ التجربة كانت أكثر من رائعة، وأحمد الله الذي أنعم عليّ بالحياة حتى أخوض هذه التجربة العميقة والمهمة، وحتى ألتقي عملاق الموسيقى العربية الفنان منصور الرحباني، وبقدر ما كانت التجربة شاقة في مراحل الاعداد بقدر ما كانت ممتعة في حصادها ونجاحها الجماهيري والفني... * هل استقطب العمل الجماهير؟ طبعا، أكثر من 6 آلاف متفرج يوميا تابعوا العمل، في عروضه ضمن مهرجان بيت الدين الذي يعتبر من أهم المهرجانات العربية وصرحا ثقافيا نادرا اليوم. * بالنسبة لك كمطربة، أين تكمن أهمية مشاركتك في مثل هذه المشاريع؟ تجربة «حكم الرعيان» قيمة وعميقة ونادرة، أولا المسرح الغنائي شكل مفقود في الوطن العربي، والرحابنة وحدهم اختصوا في هذا المجال، الاهمية تكمن أيضا في لقائي بعملاق من عمالقة الموسيقى العربية الفنان منصور الرحباني... * هل كان لديك خوف من خوض هذه التجربة؟ طبعا، أنا تربيت على سماع أغاني أعمال الرحابنة، وعلى صوت السيدة فيروز، وكان حلمي أن أغني ألحان الفنان العظيم منصور الرحباني، فعندما يرشحني لبطولة عمله، ويختارني من دون كل الفنانات العربيات، اللبنانيات وغيرهن، لاقوم ببطولة عمله فهذا يشرفني جدا وأيضا يرعبني خصوصا وأن الفنانة العظيمة فيروز هي التي كانت تقوم بهذه المهمة... * وهل كان في حسابك المقارنة بينك وبين العملاقة فيروز؟ طبعا، منذ البداية كنت حريصة على أن لا أدخل إطار السيدة فيروز، لان المقارنة لن تكون في صالحي، ولا وجود لفنانة قادرة على منافستها، لذلك حاولت أن أحتفظ بشخصيتي ولوني وطابعي وقد وفقني الله في ذلك، وتمكنت من الخروج من دائرة السيدة فيروز والحفاظ على قالبي الغنائي. * كيف تم لك ذلك؟ حاولت أن أكون لينة، نوّعت في أدائي، وقدمت أنماطا موسيقية متعددة منها «الديسكو»، هذا الى جانب الحركية على الركح، والحقيقة أن الرحابنة وجميع فريق العمل من اللبنانيين قدموا لي كل المساعدة وحبهم أعطاني الثقة في النفس، فالمسرح غير الغناء، في المسرح مباشر، وغير مسموح بالخطأ. * هل طرحت على الموسيقار منصور الرحباني التساؤل حول مبررات اختيارك دون بقية المطربات؟ الحقيقة لم أطرح السؤال، لكن بعض الصحف طرحت عليه السؤال. * وبماذا أجاب؟ قال انه معجب بشخصيتي وبما أقدمه من أعمال، تحدث أيضا عن مواقفي وآرائي، وعن أسلوبي في الغناء، واختياراتي الغنائية. * في المسرحية تؤدين شخصية «ست الحسن»، فهل تشبهك هذه الشخصية؟ في «ست الحسن» الكثير من شخصيتي، فهي شخصية حالمة، معطاء، تسمو الى الحرية والعدالة، تعيش لاسعاد الآخرين، وكلها سمات موجودة في شخصيتي... * فيلم «سكوت ح نصوّر» مع شاهين، ثم «حكم الرعيان» مع الرحابنة، المسألة ليست حظ أو صدفة، يبدو أنه توجّه جديد في مسيرة لطيفة؟ هذا صحيح، هو توجه جديد في مسيرتي، وأعتقد أن تجربتي نضجت بعد كل هذه السنوات من العمل، هناك أيضا وعي بما يحدث حولي في العالم العربي، أنا مطالبة اليوم بالتنويع في عطائي، وبأداء رسالتي كفنانة عربية تتفاعل مع محيطها العربي الاسلامي، ومع قضايا أمتها، فالظروف التي تمر بها الامة العربية اليوم في فلسطين والعراق تفرض عليّ تقديم نوعية معينة من الاعمال. * هناك آراء تقول ان ما تقوم به لطيفة يدخل في باب التجارة؟ قرأت مثل هذه الآراء، وأنا أعتبر ان من يقول هذا الكلام يجهل مسيرتي، فمشواري الفني مليء بهذه المواقف الوطنية، لقد حاولت دائما أن أكون مختلفة، وتقديم الاعمال الوطنية ليس جديدا عندي، لقد غنيت «الى طغاة العالم» و»وقفة عز» و»اتحدى» و»انت الشرق والغرب» و»اذا الشعب يوما أراد الحياة». ولعلم الجميع أنا أنتجت هذه الاعمال من مالي الخاص، فأين التجارة في هذا؟! أنا لم أغن في أعراس ولا في أفراح خاصة، ولم أدخل في عقد احتكار مع الشركات التي تدفع الملايين، أنا فنانة عندي قضية مؤمنة بها وأدافع عنها من موقعي... * دخلت أيضا في إضراب جوع مساندة للمساجين الفلسطينيين، هل هذا من مشمولات الفنان أيضا؟ طبعا وأكيد، الفنان مرآة المجتمع، وعنصر فاعل في المجتمع، لذلك هو مطالب بأن يكون مع الناس ويحمل نفس همومهم، ويدافع عن قضايا أمته. * في زمن أغاني غرف النوم، هذه المواقف تعتبر سباحة ضد التيار؟ متعتي في السباحة ضد التيار، وعندي كل الامكانيات لمواجهة التيار، كل الذي نشاهده ونسمعه غسيل أموال، هذه أيادي خفية تحاول تدمير الشعوب، هؤلاء أخطر من اسرائيل. * نعود الى الغناء والفن، ما الجديد في تعاملك مع زياد الرحباني والشريط الذي يجمعكما؟ لقد سجلنا أربع أغان، وإن شاء الله نسجل البقية أواخر شهر سبتمبر الجاري، كلها من تلحين زياد الذي كتب أيضا بعض القصائد، الى جانب قصيد للشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم. * أوبيرات مع منصور الرحباني، وشريط مع زياد... وكأنك تسيرين على خطى فيروز؟ لا، لم أسع الى ذلك، التعامل مع زياد يعود الى سنوات خلت، أما الاوبيرات فكانت بدعوى من الموسيقار الكبير منصور الرحباني، ثم السيدة فيروز هي رمز الفن الراقي، والالتزام واحترام الفن، والاقتداء بها أعتبره شرف لي. * بعد شاهين والرحابنة... هل من أحلام مؤجلة؟ كل حلمي أن أؤدي واجبي، ورسالتي كفنانة، وأن يظل فني في وجدان كل عربي. * بعد لبنان، هل هناك مشاريع جولات في الوطن العربي؟ هناك جولة كبيرة، والبداية ستكون في سوريا حيث سنقدم المسرحية في دمشق أيام 27 و28 و29 سبتمبر الجاري، ثم مسقط، فالدوحة في قطر، ثم القاهرة، وأتمنى أن يعرض العمل في تونس.