- أسدل الستار الليلة الماضية على تظاهرة ليالي النجمة الزهراء بعرض موسيقي صوفي حمل عنوان "المانغا" أحيته فرقة سيدي بوسعيد للإنشاد الصوفي بمركز الموسيقى العربية والمتوسطية (النجمة الزهراء) بسيدي بوسعيد. مصطلح "المانغا" يعني "الدكانة" بالمعنى المادي للكلمة حيث يتم فيها تنظم سهرات صوفية يحييها مجموعة من الشيوخ بعيدا عن الزوايا ومقامات الأولياء الصالحين. أما المعنى الروحي للمانغا، وفق قائد المجموعة محمد فاروق شلاقو، فيحيل على معنى "الجمع" نسبة إلى لقاء يجمع شيوخا ينتمون إلى طرق صوفية مختلفة يؤدون "المجرد" وهو نمط صوفي ينشد على إيقاعات كف الأيدي (التصفيق) دون استخدام آلات موسيقية. ومن خصوصيات هذا الإنشاد الصوفي صلته الوثيقة بالمقامات الصوفية القديمة. وقد ذكر محمد فاروق شلاقو عددا من شيوخ الصوفية الذين اشتهروا بأداء "المجرد" على غرار أحمد الوافي والطيب بن علجية وعلي الحداد وعمر عمروش. دام العرض أكثر من 90 دقيقة، أنشدت خلالها فرقة سيدي بوسعيد للإنشاد الصوفي "الورد القدوم" وهو نشيد روحي تم أداؤه في مستهل العرض دون استخدام آلات موسيقية، ثم انتقلت الفرقة على إثره بأداء "المجرّد" وهو من النوبات المهددة بالاندثار عملت الفرقة على إحيائه وإعادة الاعتبار له بالتعاون مع مركز الموسيقى العربية والمتوسطية "النجمة الزهراء"، لما يمثله من خصوصيات صوفية وروحية لأهالي سيدي بوسعيد منذ القدم. وأنشدت عيساوية سيدي بوسعيد "من حب النبي" وهي نوتة تعود إلى الشيخ أحمد الوافي سنة 1915، وفق محمد شفيق شلاقو. فرقة سيدي بوسعيد للإنشاد الصوفي المتألفة من 35 عنصرا قارّا، اختارت أن تؤثث سهرتها بنوبات على إيقاعات آلة البندير دون سواها، ومن هذه النوبات التي تمّ أداؤها "العمل"، وقد غيّبت عن قصد استخدام آلات وترية وإيقاعية غربية أدخلتها فرق صوفية أخرى على أعمالها، كما غاب أيضا عن هذا الطابع الجانب الفلكلوري الذي ميّز عروضا صوفية لفرق أخرى. ولئن عبّر قائد المجموعة الموسيقية عن عدم رفضه للتقنيات التي أدخلتها فرق صوفية أخرى على أعمالها، فإنه شدّد في المقابل على تمسكه ومجموعته الموسيقية بهذا الموروث وبعناصره التقنية التقليدية لعمقها الروحي وللحفاظ على الهوية الوطنية. وأبرز أن فرقة سيدي بوسعيد للإنشاد الصوفي قد توارث أفرادها هذا النمط الصوفي عن شيوخ الصوفية القدامى الذين مثلت سيدي بوسعيد نقطة التقاء لهم. لمح