بقلم مهدي الزغديدي #كيفما_اليوم في مثل هذا اليوم 4 أوت 1990 تمّ تأسيس جمهوريّة الكويت بعد يومين من غزوها من طرف العراق. والتي لم تدم الّا 4 أيام، بعد أن أعلن العراق ضمّها إلى أراضيه. تأسست الكويت عام 1613 وسرعان ما ازدهرت المدينة بفضل التجارة البحرية والغوص على اللؤلؤ. تقع في الركن الشمالي الغربي للخليج العربي الذي يحدها من الشرق، كما يحدها شمالا العراق وجنوبا المملكة العربية السعودية، وتبلغ مساحتها الإجمالية 17818 كم2. ويبلغ عدد السكان طبقاً لإحصاء عام 2014 ما يقارب الأربعة ملايين نسمة. والكويت هي تصغير للفظ "الكوت" التي تعني الحصن أو القلعة التي شيدت في القرن السابع عشر ميلادي. كانت تدين بالولاء للدولة العثمانيّة رغم أنها لم تنتمي إليها أبدا. وفي سنة 1716 اتفق سكان الكويت آنذاك على أن يتولى صباح الأول الرئاسة وشؤون الحكم، ليؤول الحكم منذ ذلك الوقت إلى عائلة الصباح. وقعت الكويت اتفاقية الحماية البريطانية في 23 جانفي عام 1899 والتي عرفت باسم معاهدة الصداقة الأنغلو-كويتية والتي كانت عبارة على احتلال مقنّع حيث تضمن بريطانيا بقاء السلطة لآل الصباح مقابل حصريّة استغلالها لآبار النفط والثروات الطبيعيّة. جاء أول ترسيم للحدود بين الكويت والدولة العثمانية عام 1913 بموجب المعاهدة الأنغلو-عثمانية لعام 1913 والتي تضمنت اعتراف العثمانيين باستقلال الكويت وترسيم الحدود. وبعد هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى احتلت بريطانيا الأراضي العثمانية في العراق. فطالب أمير الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح في أفريل 1923 بإعادة ترسيم الحدود فكان له ما أراد. في عام 1932 منحت بريطانياالعراق استقلاله. في حين استقلت الكويت عام 1961. وبعد أسبوع واحد من إعلان استقلال الكويت طالب الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم بضمّ الكويت مهددا باحتلالها لتندلع بذلك أزمة سياسية بين البلدين عرفت أزمة عبد الكريم قاسم. ولكن وبعد تدخّل الجامعة العربيّة اعترف العراق رسميا باستقلال الكويت وبالحدود العراقيةالكويتية في 4 أكتوبر 1963. تولّى صدّام حسين سنة 1979 رئاسة العراق الذي كان في ذلك الوقت يمتلك أحد أقوى عشر جيوش في العالم. وفي سنة 1980 أعلن الحرب ايران فيما يسمّى بحرب الخليج الأولى بدعوى صدّ المدّ الشيعي الفارسي لدول الخليج. دامت الحرب 8 سنوات، ودعّمت دول الخليج العراق في حربها، فوصلت حجم المساعدات الكويتية للعراق أثناء الحرب إلى ما يقارب 14 مليار دولار، وكان صدام حسين يأمل بدفع هذه الديون عن طريق رفع أسعار النفط بواسطة تقليل نسبة إنتاج منظمة أوبك للنفط. لكن العكس حصل فانخفض سعر البرميل من 18 دولارا إلى 10 دولارات، فوجّه العراق اتهامه للكويت برفع إنتاجها لإحراجه في دفع الديون واعتبر صدّام حسين أن الحرب كانت بمثابة دفاع عن البوابة الشرقية للوطن العربي وأن على الكويت والسعودية التفاوض على الديون أو إلغاء جميع ديونها على العراق التي تقدّر ب60 مليار دولار. في جويلية 1990 وافقت الكويت والسعوديّة على دفع منحة للعراق بقيمة 9 و10 مليار دولار على التوالي شرط ترسيم الحدود بين الكويتوالعراق دولياً قبل دفع أي مبلغ، ممّا دفع بصدّام حسين الى غزو الكويت في فجر 2 أوت 1990. ونظرا لعدم تكافؤ القوى عدديّا وعسكريّا فقد اجتاحت القوّات العراقيّة كامل الكويت في اليوم الثاني من الغزو، وفرّ أغلب أعضاء أسرة الصباح الحاكمة إلى السعوديّة. وفي مثل هذا اليوم 4 أوت 1990 تم الإعلان عن تشكيل الجمهوريّة الكويتيّة وحكومة الكويت الحرة المؤقتة التي تضمنت 9 شخصيات عسكرية كويتية وقادها علاء حسين الذي حاز على منصب رئيس الوزراء. وكان من أولى قراراتها تشكيل جيش وطني ليتسلم السلطة من الجيش العراقي. كما تم منح الجنسية لجميع المواطنين العرب غير الكويتيين الذين كانوا يقطنون الدولة بغرض العمل. كما سمت يوم 2 أوت ب"يوم النداء" حيث يتم فيه الاحتفال ب"دخول الجيش العراقيالكويت للمساعدة في الإطاحة بالملكية" كما جاء في البيان الحكومي. كانت حكومة كرتونيّة في يد صدّام، فلم تمرّ 4 أيام من تشكيلها، حتى أعلنت حلّ نفسها وانضمامها لجمهوريّة العراق لتشكّل المحافظة (الولاية) التاسعة عشر للعراق. تتفق أغلب شهادات صنّاع القرار في ذلك العهد أن أمريكا حرّضت صدّام سرّا لغزو الكويت، واعلمته بمساندتها له، لشئ في نفس يعقوب. فقد كتب وزير الخارجيّة الأمريكي الشهير كيسنجر عقب أزمة النفط سنة 1973 أن بقاء الذهب الأسود تحت سيطرة العرب خطر على الأمن القومي الأمريكي حتى ان تحصّلوا على ولاء العائلات الحاكمة، لأنهم لا يضمنون تولّي السلطة من طرف النزهاء العرب كما حدث مع الملك فيصل الذي استقلّ في قراراته النفطيّة عن الدول العظمى، فيجب السيطرة عسكريّا على آبار النفط دون أن يبدو ذلك احتلالا. وفعلا فقد كانت الفرصة مواتية بغزو العراق للكويت، فبداعي حماية بلدان الخليج من خطر صدّام قادت أمريكا الحرب ضدّ العراق بمشاركة 34 دولة وقامت بتحرير الكويت في 26 فيفري 1991. وكما كانت تحلم به أمريكا طلب الخليجيّون من أمريكا إقامة قواعد عسكريّة على أراضيها بحجّة حمايتها من خطر صدّام (ومازالت هذه القواعد إلى اليوم جاثية في كامل الخليج بنفس الحجج التي تمّ احتلال البلدان العربيّة في القرن السابق فيما يعرف بالحماية أو الانتداب). كان الغزو كارثيا على الأمّة العربيّة، فقد دمّر العراق الذي كان قبل الحرب قوّة مهابة، وجوّع أهله بحصار مرّ. وتمّ تركيز قواعد عسكريّة أمريكيّة في كافة دول الخليج وتمّ دكّ العديد من البلدان العربيّة والاسلاميّة انطلاقا منها (العراق، السودان، أفغانستان...)، ولم يعد لهذه الدول حريّة معارضة الأمريكان. كما كان لهذه الحرب وقع على المجتمعات العربيّة التي انقسمت بين مؤّيد لصدّام مناوئ له. واستغلّت أمريكا الضعف الذي وصل اليه العراق لغزوه بعد 12 سنة وتدميره بالكامل.