- تم مساء الجمعة بالمتحف الوطني بقرطاج، افتتاح معرض لقطع أثرية يعود تاريخها إلى الحضارة الأترورية. هذا المعرض الذي ستتواصل فعالياته على مدى أسبوعين، أشرف على افتتاحه كل من وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين ووزيرة السياحة والصناعات التقليدية سلمى اللومي، بحضور عدد من نواب الشعب وسفراء عدد من الدول الصديقة. وسيكتشف زوار المعرض للمرة الأولى، مجموعة كبرى من القطع الأثرية يتجاوز عددها 2000 قطعة تعود إلى الحضارة الأترورية خلال الفترة الممتدة من 7 إلى 4 قرون قبل الميلاد. كما يتضمن المعرض، عرضا نادرا لأول جواز سفر في العالم، لأحد المسافرين القرطاجيين نحو "اتروريا" (إيطاليا)، وهو عبارة عن تذكرة مصنوعة من العاج البرونزي، وعلامة على الهوية التي يعود تاريخها إلى القرن السادس قبل الميلاد. ويحتوي هذا المعرض على مجموعة ثرية ومتنوعة من القطع الأثرية التي تشهد على العلاقات الودية بين الشعبين في الفنون وفي المجالات العسكرية والتجارية. كما تجمع قطعا من الخزف (الفخار الأسود) بالإضافة إلى قطع من البرونز وقطع أخرى مستمدة من روح الحضارة الإغريقية. وقال المدير العام لإدارة التراث عبد الحميد الأرقش في تصريح ل (وات)، إن هذا المعرض يبرز العلاقة الوطيدة بين الشعبين، وهي علاقة تجاوزت المجال التجاري لتصبح علاقة تعاون وتحالف بينهما. كما أكد على أن المعرض سيستمرّ لمدة أسبوعين، ويستهدف أيضا الطلبة والتلاميذ الذين سيرافقهم مختصّون في هذا المجال لشرح محتويات المعرض ومكوناته. ومن جانبه شرح مدير قسم الأبحاث في المركز الوطني للبحوث العلمية "جون غران أيميريش"، وهو أيضا باحث متخصص في الحضارة الأترورية، خصوصية سكان الحضارة الأترورية مقارنة بسكان الحضارات الأخرى من حيث اللغة والعادات والتقاليد وقال، في هذا السياق، إن سكان الحضارة الأترورية لهم لغة فريدة تختلف عن الهندية والأوروبية، وأصولهم غير معلومة، مضيفا: "كان للمرأة الأترورية دورا هاما لم تتضطلع به أي امرأة، في ذلك الوقت، من الحضارة الرومانية أو الإغريقية أو حتى البونيقية". كما أبرز أن المرأة الأترورية كان يسمح لها بحضور الألعاب والعروض التي تقام في الساحات العمومية، فضلا عن حضور المآدب رفقة أزواجهن، و"حق الأم منح لقبها للأبناء بالطريقة ذاتها التي يتمتع بها الآباء"، على حد قوله. واعتبر الباحث أن الاكتشافات الأثرية منذ نهاية القرن 19، قد أظهرت العديد من القطع الأثرية الأترورية في قرطاج، خاصة المدفونة منها في المقابر الأثرية. وأضاف بالقول: "بعد مرور أكثر من قرن ونصف على الحفريات والاكتشافات، يعتبر الباحثون أن قرطاج تعرض أهم مجموعة من القطع الأثرية الأترورية خارج "أتروريا" نفسها أي إيطاليا)". وأكد وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين على أهمية هذا المعرض ودوره في تدعيم التراث الوطني على المستوى الدولي. كما أعلن بالمناسبة، عن تنفيذ العديد من المشاريع بهدف الترويج لمدينة قرطاج التاريخية، وهي مشاريع قال إنها تتنزل في إطار الخطة الوطنية لتثمين التراث الوطني في مختلف مناطق الجمهورية والترويج له دوليا، حتى يكون ركيزة من ركائز التنمية بالبلاد. وأفاد الوزير بأن هذه المجموعة المتحفية تكتسي أهمية استثنائية باعتبارها موجودة في أعرق المواقع التاريخية في تونس، مشيرا إلى الدور الايجابي الذي يضطلع به رعاة الثقافة والتراث للمساهمة في التعريف بتاريخ تونس وتراثها المادي واللامادي على الصعيدين الوطني والعالمي. وقدمت مديرة المتحف الوطني بقرطاج سندس الدقي، مشروعا لإعادة تهيئة موقع قرطاج الأثري، حيث ستشمل هذه التهيئة ترميم بعض المعالم على غرار الميناء البونيقي وساحة اليونسكو وصهاريج مالغا والمسرح الروماني. لمح