الكابتن درويش: تونسية في خدمة السلام في إفريقيا الوسطى    عاجل/ هذا الفريق يعلن رسميا عن موعد عقد جلسته العامة الانتخابية..    المنتخب التونسي يصل إلى فاس استعدادا لمواجهة المغرب    لجنة النزاعات تصدر قرارها النهائي بخصوص ملفات لاعبي النادي الصفاقسي    مهاجم المنتخب المغربي ابراهيم دياز يغيب عن مباراة تونس الودية وعبد الصمد الزلزولي في دائرة الشك    وزير الشؤون الدينية يتفقد حجيج تونس بمكة    جريمة مروعة: شاب ينهي حياة زوجة شقيقه وابنها طعنا بالسكين..!!    ثماني سهرات فنية ضمن برمجة الدورة 49 من مهرجان دقة الدولي    يا تونسي، هل أنت مستعد ل''حجة علوش'' صحية؟ !    يوم ''الوقفة'' تحت رحمة الغيوم: أمطار غزيرة متوقّعة بهذه المناطق التونسية    الصادق المورالي: إنطلاقنا في التصدي لكل ممارسات الفساد .. ووضع حدّ لشبكات السمسرة    وزير السياحة يشدّد على ضرورة تكثيف الجهود في التّرويج الرّقمي عبر مزيد التعاون مع صانعي المحتوى والمؤثّرين    عاجل/ خامنئي يحسمها ويعلن..    الاتحاد الأوروبي للصحفيين: الكيان الصهيوني قتل قرابة 200 صحفي خلال العدوان على غزة..    اليوم: تقلّبات جوّية في مكّة المكرّمة    السويد: اختفاء شاب تونسي منذ يوم الخميس الماضي    مسجد باريس الكبير: اغتيال التونسي هشام ميراوي جريمة إرهابية معادية للإسلام    عملية زرع كبد ناجحة في مستشفى فطومة بورقيبة بالمنستير    بعد قرار رئيس الدولة حل هذه الشركة وترسيم العمال: أول لتعليق من اتحاد الشغل..#خبر_عاجل    اتصالات تونس تتحصّل على جائزة المسؤولية المجتمعية من Eco Tech & Innovation عن مشروعها الريادي "المدينة الذكية الإيكولوجية"    جمعية نسائية تكشف: زوج يخفي زواجه الثاني عن زوجته الأولى منذ 4 سنوات    محمد علي بن رمضان ينتفل رسميا الى الاهلي المصري    بطولة تايلر الامريكية للتنس: عزيز دوقاز يغادر من الدور الاول    اعتذار رسمي لرئيس الاتحاد العالمي للملاكمة لإيمان خليف...تفاصيل    بطولة رولان غاروس: ألكاراس يفوز على الأمريكي تومي بول ويتأهل لنصف النهائي    اختبارات إضافية تؤجل محاكمة الرئيس السابق لودادية وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية    عاجل/ رئيس الدولة يتخذ قرار هام..وهذه التفاصيل..    مجلس وزاري مضيّق يتخذ هذا الاجراء..#خبر_عاجل    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    مع اقتراب العيد...''تمضية السكينة والساطور'' يصبح ''بزنس والأسوام بين 5 و10 دنانير فما فوق''    الحجاج يتوجهون الى مشعر منى لتأدية التروية…    لا تفوت بركة هذا اليوم.. أجمل دعاء ليوم التروية 2025 من السنة النبوية    الحجر الأسود: سرّ من أسرار الكعبة ومكانته في قلوب المسلمين...تعرف عليه    ماذا يوجد داخل الكعبة؟ أسرار بيت الله الحرام من الداخل    النقل البري: 92 سفرة إضافية وتأمين رحلات استثنائية بمناسبة عيد الأضحى    بمناسبة عيد الأضحى.. تعرف على الطريقة الصحية لتناول اللحوم لمرضى السمنة والسكري..    تحب تاكل العصبان والمرقاز''؟ هكّا تحضّرهم من غير ما تضر صحّتك''    عاجل : الصحة السعودية تحذر الحجاج    دولة إفريقية تعلن عن "ذبح الفيلة".. وتوزيع لحومها    ترامب: الرئيس الصيني "عنيد للغاية"    طقس الاربعاء: الحرارة تصل الى 39 درجة بهذه المناطق    بن عروس : المصالح الطبية البيطرية تواصل برنامجها الميداني للمراقبة الصحية للاضاحي    جالة الطّقس ليوم الأربعاء 4 جوان 2025    نتنياهو: الثمن الذي ندفعه في الحرب باهظ    آخر جوائزها من غزّة ... وداعا... سيدة المسرح سميحة أيوب    الدورة 49 لمهرجان دقة الدولي: آية دغنوج وجنجون وامال المثلوثي وعرض رقوج في الاختتام    برنامج استثنائي للنقل    تفكيك شبكة لبيع أدوات الكترونية للغش في البكالوريا    حذاري من حجر الأساس للتطبيع مع الصهيونية    المعهد الفرنسي بتونس ينظم قراءة شعرية لمجموعة "فلسطين متشظية"    صفاقس.. لحم الخروف ب68 دينارا و البلدية تشن حملة على" الجزارة"    نابل.. حركة بطيئة في أسواق الأضاحي وسط تذمر من غلاء الأسعار    عطلة بيومين بمناسبة عيد الإضحى    وزارة التربية تتابع ظروف سير الامتحان في يومه الثاني    خطير/ دراسة تحذّر: "الخبز الأبيض يسبّب السرطان"..    مبادرة إنسانية في جبنيانة: سائق نقل ريفي يرافق تلاميذ البكالوريا مجانًا    أغنية "يا مسهرني" تورطه.. بلاغ للنائب العام المصري ضد محمود الليثي    المؤرخ التونسي عبد الجليل التميمي يفوز بجائزة العويس الثقافية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بشاعة المشاهد في حق الطفولة.. وفظاعة التبرير على القناة الوطنية
نشر في باب نات يوم 20 - 02 - 2018


بقلم: شكري بن عيسى (*)
لا يكفي أنّ القناة الوطنية لا تقوم بوظيفتها كسلطة اعلامية، يجب ان تكشف الحقيقة وتقوم بالتحقيقات والاستقصاءات التي تتجاوز سطح الاحداث، وأن تخترق جدار الصمت وجدار التعتيم وماكينات طمس الجرائم والتجاوزات المتعدّدة في هذا البلد المستباح، بالرّغم من الميزانية الضّخمة المرصودة لها (من جيب المواطن) والتي تفوق كل ميزانيات الاعلام الخاص، فهذه القناة في كل مرة وخاصة عبر برنامج "75 دقيقة" في شخص منشّطه شاكر بالشيخ تدوس كل الضوابط والمعايير الصحفية بشكل سافر، وتتعدى ذلك اليوم الى حدّ تبرير الجرائم في حق الطفولة.
القناة الوطنية انطلاقا من الدستور والمعاهدات الدولية النافذة ومن المرسوم المنظّم للقطاع السمعي البصري (عدد 116) كما من مدونتها التحريرية، ملزمة باحترام الحقوق والحريات وخاصة حقوق الطفولة (الفصل 47 من الدستور والفصل 5 من المرسوم عدد 116) والذات البشرية والحرمة الجسدية ومنع التعذيب المادي والمعنوي (الفصل 23 من الدستور)، ومع ذلك دون حياء وفي تحدي صارخ تنتهك هذه الفضائية عبر المنشط المذكور كل هذه المقتضيات الدستورية والقانونية، الذي اندفع الى تبرير مؤسسة متورطة في جرائم واضحة ومديرتها وباصرار واضح قويّ لاعتداءات فظيعة تمت معاينتها في الفيديو الذي نشره موقع "الصدى" وأكدت محتوياته الداخلية ومندوب حماية الطفولة، ونفوا أن يكون مفبركا.
يعني عوض الدفاع عن حماية الطفولة خاصة التي تعاني قصور في بعض القدرات، وعوض ادانة الاعتداء على الذات البشرية والحرمة الجسدية والتعذيب والمطالبة بتتبعه ومعاقبته، يتم اغراق التجاوزات المسجّلة وتلبيس الامور وتهميش الوقائع الجليّة من المنشّط بالشيخ، ويقاطع المندوب العام لحماية الطفولة الذي أكّد وجود التجاوزات الفظيعة، ليؤكّد (هذا المنشّط) باصرار وعناد شديد أن منشطات بالتلفزة الوطنية يبرأن مركز تأهيل الاطفال الذين يعانون التوحد الذي تم التصوير فيه لفظاعات صاعقة، معتمدا اتجاه واحد في التناول بالرّغم من المعطيات التي يقدمها المندوب العام لحماية الطفولة الحاضر الذي يعتبر سلطة مساعدة للقضاء.
والطفل بصفة عامة يتمتع بالاولوية القصوى في الحماية بمقتضى مجلة حقوق الطفل والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، فما بالك والاطفال المعنيين يعانون التوحّد وعاجزين عن الدفاع على النفس ونقل الاعتداءات التي تطالهم لاوليائهم لكشفها، وما بالك وأن المراكز التي ترعاهم مؤتمنة عليهم من الاولياء الذين يسلموهم لهم صباحا ويتسلموهم مساءا، ومع ذلك لا يتمسّك المنشّط بالأساس وبشكل رئيسي الاّ بالمبررات التي تبرىء المديرة وترفع المسؤولية عن مركزها، مقدّما جملة من المسوّغات المآمرتية التي تعتبر أنّ من سجّل الفيديو يريد الانتقام من المركز مؤكّدا على ما سمّاه "اهداف خبيثة" من وراء نشر الفيديو وان هناك "ابتزاز" و"تشويه" للمركز ومديرته، مطنبا في قراءة شهادات طويلة (على امتداد دقيقتين و40 ثانية) منهم شهادة النائبة مباركة براهمي تدافع عن المركز، ولم يكترث بالشكل المستوجب لما تعرّض له الاطفال القصّر العجّز من اعتداءات بشعة، وكأنّ هناك فصلا بين ادارة المركز والاعتداءات، ومع أنّه عند نهاية البرنامج تلقى اشارات بوجود ادانات واسعة واستنكار لموقفه على شبكات التواصل الاجتماعي ما دفعه "لتبرير التبرير"، وعبثا مطالبا بتسليط اقصى العقوبات في خصوص العنف، ولكن بعد ماذا..
وما حدث من بشاعات في المركز الحقيقة لا تتحمّلة "المربية" لوحدها، بل تتحمّله الادارة وحتى بقية "المربين" بالفضاء "الفوضوي" الذين لا نظنّ أنهم لم يعاينوا الاعتداءات البشعة الصاعقة، الذين تستروا على الاعتداءات ولم يبلغوا عنها، كما تتحمّله مندوبية حماية الطفولة وكل السلط الرقابية التنفيذية والقضائية والتشريعية دون استثناء، والدولة كلها التي لم تعمل ما يكفي لحماية الطفولة وفق ما ينص عليه الدستور والاتفاقيات الدولية ومجلة الطفولة، وهي فضيحة كبرى تزيد في تلويث صورة تونس امام العالم، تضاف الى القوائم السوداء المتناثرة هذه الايام، وطبعا في بلد لا تشتغل فيه بقوّة سوى شبكات النفوذ السياسي والاداري والمالي والاعلامي والامني والقضائي يصار دائما الى طمس الجرائم والتغطية عليها في ظل الفساد المستشري في اجهزة الرقابة، ولا تكتشف الاّ بالصّدفة أو بأدوات الهواة والمواطنين، منتظر ان تخرج اذرع شبكات النفوذ وخاصة الاعلامية لدفن الجرائم وتعويمها وتلبيسها.
ولولا حافظ الغريبي الذي خفّف بمداخلته الواضحة المُدِينة لما حصل من فظاعات شيئا ما من بشاعة الموقف، معتبرا الأمر جريمة لا لبس فيها وكان مباشرا حاسما قانونيا وحقوقيا ومهنيا، لسقطنا في "مجزرة" صحفية وقيمية كاملة المعالم ضد الطفولة، وننزّه الحقيقة أن يكون ما حصل سياسة وتوجّه من القناة، التي وصلتنا أخبار مؤكّدة على دعوة رئيسها المدير العام للمنشط وتوبيخه بأشدّ العبارات، هذا المنشّط الذي نصّب نفسه مع ممثل حملة "فاش نستناو" قبل اسابيع بوليسا سياسيا قمعيا يتّهم ويصدر الاحكام، ولم يتراجع عن نهجه واليوم في مهمّة أخرى غاية في الفظاظة مع ادعاء ان برنامجه "المصدر الأوّل والحقيقي للمعلومة".
المندوب العام لحماية الطفولة أكّد في تدخّله البارحة كما اليوم وجود عناصر ادانة ل"المربية"، وان الامر ليس مجرّد عنف وانما يرتقي الى مستوى التعذيب والاساءة، وهو ما دعّمه بلاغ وزارة الداخلية اليوم الذي أكّد ان "صاحبة مركز رعاية اطفال التوحد بجهة المنزه من ولاية أريانة والمربيتين اعترفن بممارستهن العنف ضدّ أطفال المركز"، مشيرا الى انه تم الاحتفاظ بهن باذن من النيابة العمومية ورفع قضية ضدهن في التعذيب وسوء معاملة قصّر، ومع ذلك الصحفي "الالمعي" لم يتراءى له سوى وجود دسيسة لاجل غلق مركز الرعاية واستهداف مديرته التي قال فيها كل عبارات الثناء عبر ما استعرضه، منتهجا سياسة تضليلية مقرفة عبر الاسئلة التوجيهية والاساليب التشكيكية فيما يقدمه مندوب الطفولة من معطيات، وعلى امتداد حصة بقرابة 14 دقيقة ونصف استحوذ على قرابة 5 دقائق و40 دقيقة أي ما يقارب 39% من زمن الحصّة التي تدخّل فيها الضيف وكرونيكير البرنامج.
وحقيقة اذا لم تتدخل "الهيكا" فورا لوضع حد لهذه الفظاعات الاعلامية، واذا لم تتخذ ادارة التلفزة قرارا سريعا حاسما في الخصوص، فالاعلام العمومي يتجه نحو الهاوية السحيقة، ولا تلومنّ أن ينهشه بعد ذلك كل من هبّ ودبّ، كما نهشه ولا زال يستهدفه مالك قناة "الحوار التونسي"!!
(*) قانوني وناشط حقوقي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.