صباح السبت الماضي، نهض «طبيب حي التضامن» الدكتور محمد الدغري من فراشه استعدادا للاستمتاع بثاني أيام عطلة اسثنائية اختار قضاءها مع عائلته بالجنوب التونسي مسقط رأسه أيام الجمعة والسبت والأحد. رن هاتف الدكتور فكانت على الخط المقابل كاتبة عيادته الكائنة بحي التضامن غرب العاصمة لتطلب منه العودة فورا إلى تونس... «ماذا حصل؟» سألها د. الدغري فردت بشيء من الذعر «إجر يا دكتور... حكاية غريبة وكبيرة... حركة غير عادية بجانب عيادتك المغلقة وجموع غفيرة أمامها تستفسر وتتهامس وتردد «شدوه... وقفوه... حكموا عليه ب40 سنة سجنا وشمعوا عيادته... لقد وجدوا داخل مكتبه ثلاجة مملوءة بالأعضاء البشرية... قلوب وأكباد وكلاوي تم استئصالها من أطفال صغار بعد خطفهم وذلك قصد بيعها». نزل كلام السكريتيرة على الدكتور محمد نزول الصاعقة ورغم أنه لم يصدق الخبر الذي نغّص عليه عطلة كان من المفروض أن يرتاح فيها بعد عناء عمله الماراطوني اليومي، إلا أنه لم يطل التفكير، وركب على الفور سيارته مع عائلته وقرر العودة فورا إلى العاصمة بعد أن أتم قضاء بعض الشؤون الخاصة بين جربة وجرجيس. * من النصر إلى التضامن على مدى الأسبوعين الماضيين، كانت «حكاية» خطف الأطفال وسرقة أعضاء بشرية منهم (بعد قتلهم طبعا) تسري بسرعة بين الناس وكانت الرواية الأكثر تداولا هي القاء القبض على طبيب بعد أن عثر داخل عيادته على ثلاجة معبأة بالأعضاء البشرية المعدة للبيع... في البداية قيل إن هذا الطبيب يوجد بحي النصر ثم بجهة سكرة فضاحية قمرت والمرسى والمنار وحي الغزالة قبل أن يستقر بها المطاف في حي التضامن وذلك على امتداد كامل الأسبوع الماضي وشيئا فشيئا، تركزت الرواية على الدكتور محمد الدغري المختص في الطب العام وأمراض الشرايين والأوعية الدموية والكائنة عيادته المعروفة منذ حوالي عاما بحي التضامن... وزاد في الهاب نار هذه الرواية غلق أبواب العيادة بسبب العطلة الاستثنائية التي دخل فيها الدكتور منذ صباح الجمعة الماضي، حيث ذهب في اعتقاد الناس ان الحكاية «فيها واو» وأن د. الدغري تم ايقافه فعلا. كفانا تفاهات... «لا أستغرب إصدار الاشاعة من أصله، لأن الاشاعة موجودة في كل أنحاء العالم، لكن ما أستغربه فعلا هو تصديقها بسهولة وخاصة من الجميع بمن في ذلك المثقفون والواعون...» هكذا علّق الدكتور محمد الدغري ل»الشروق» عمّا حصل طوال الأيام الماضية من انتشار واسع لإشاعة القبض على طبيب والعثور داخل عيادته على ثلاجة معبأة بالاعضاء البشرية للأطفال. هذه الاشاعة تداولتها الألسن على امتداد الاسبوعين الماضيين، ولم يخل منها حديث الناس في المقاهي والتاكسيات والحافلات ومواقع العمل والشوارع، وكلّ يغذيها بطريقته مركزين خاصة على إشاعة أخرى لا تقل تفاهة وهي خطف الأطفال واختفائهم في ظروف غامضة وربط ذلك باستئصال أعضائهم البشرية قصد المتاجرة فيها.. وهناك من ذهب حدّ القول إن الطبيب المتهم جارهم وأنه حضر عملية إيقافه وإركابه سيارة الأمن، وهناك من قال إنه شاهده يخضع للتحقيق بمركز الأمن، إلى غير ذلك من الروايات المغذية للاشاعة.. وأضاف الدكتور دغري في هذا السياق أن أمر الاشاعة في تونس أصبح على درجة كبيرة من الخطورة بما أنه مسّ هذه المرّة من سمعة أنبل مهنة عرفتها البشرية وهي الطبّ ولا بد من تحرّك الجهات المسؤولة وعمادة الأطباء لردّ الاعتبار للقطاع وتوضيح بعض الحقائق العلمية والطبية للمواطنين حتى يكونوا على بيّنة من مسألة زرع الأعضاء البشرية والمتاجرة فيها ومن أنها غير موجودة تماما في تونس.. ودعا في السياق ذاته المواطنين، خاصة المتعلمين والمثقفين إلى عدم تصديق مثل هذه الخرافات وإبلاغ غيرهم وعائلاتهم بعدم جديتها.. ..... للمزيد من التفاصيل على موقع الشروق