رشيدة بن موسى باحثة في اقتصاد التنمية الجهوية في بيئة اجتماعية وثقافية تحمل من الرداءة والاغتراب الكثير ولا تشجع على البحث والتفكير وتثبط العزيمة بما يجعل من العلماء والباحثين في حالة من التقوقع ما يصنفهم في خانة "الشواذ" ويدخلهم مربع الاتهام والسير خارح السرب، يبقى الابداع ينبض عبر اطلاق حريةالتفكير ليطل علينا هذا المولود الجديد والذي احدث "وكزة" اعلامية محتشمة قد تكون نذير وانذار باستفاقة وتصحيح مسار ...هذا الوليد الفكري اتوقع له ان يصبح دليلا منهجيا في التحليل الحديث للفكر الاسلامي التونسي المعاصر بما يعطي هوية تونسية لاسلام التسامح واسلام العمل واسلام الرحمة . في ندوة فكرية حضرها عديد الصحفيين والمثقفين وعدة شخصيات وطنية ومهتمة بالشان الاسلامي مثل الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة وكان ذلك مساء الجمعة 30 مارس بنزل المشتل غولدن توليب. قدم للكتاب كل من الدكتور حميدة النيفر والدكتور زهير بن يوسف حيث تحدثا باسهاب عن مبوبات المبحث ومفاصله وكيف تطرق الكاتب الى هواجس المسلم المثقف وما يعيشه من ارهاصات وتجاذبات بين متطلبت عصره ومقتضيات الحياة العصرية بكل ما فيها من ضغوطات وتعليمات الدين وقواعده واصوله ومقاصده والحرص على عدم لمس الاساسيات . تطرق البحث ايضا الى تشابك المفاهيم لدى المثقف والانسان العادي بين الدين والتدين وهذا نلمسه يوميا في حديثنا عن الصاق صفة "المتدينة" للمراة المحجبة وهذا مفهوم وتسمية خاطئة ولطالما صححت لمحدثي انه يجب ان يقول "محجبة" لا "متدينة". الكتاب هو توليفة مجموعة مقالات صحفية وكتابات ذاتية يسرد فيها الكاتب الملامح العريضة لتجربته في تونس حقبة الثمانينات وما كان فيها من مراجعات للحركة الاسلامية ومجهود الفكر النقدي من الداخل دون اهمال الاخرين من الخارج . الكتاب عبارة على تحليل للظاهرة -الحركة الاسلامية-في سياقها الجغرافي والحضاري والثقافي وهو "ما افرز التجربة المتفردة لتونس في غمار الديمقراطية والاسلام". كتاب اعتبره تحفة الزمان في اللغة وفصل البيان وطرح المبحث متصلا بالزمان والمكان وقد فتق الكاتب ورتق فابدع وامتع من حيث الجراة في الضغط على مكمن الداء حيث مازق الفكر الاصولي الذي يتطلب مراجعات تزاوج بين وثاقة الضمير وحرية التفكير.والقاريء يستشعر وهو يتصفح الكتاب هواجس صاحبه حيث ترنح الحرف بين اصول النص الديني المؤسس وآليات المعرفة الجديدة التي تجذب المسلم المعاصر وتفتح له بوابات عصرية يجب الا تتناقض مع اسلامه وأن تواكب عصره . الكتاب يطول الحديث فيه والتشوق الى مطالعة كل ابوابه فهو مراوحة بين اجتهاد الفقهاء وتطلعات المبدعين بما افرز خطابا تأويلي اساسه "الانسنة" لا المواطنة والدين بما يجعل الاسلام عنصرا فاعلا في تنمية المجتمعات وتطويرها لا كما يراد تشويهه انه سببا في ازمتها ....وقد ابدع الكاتب حين القى كلمته وصفق الحضور واقشعرت الابدان حين قال "الاسلام لنا ولن يكون يوما داعشيا" ....فعلا الاسلام دين الرحمة والتسامح وخلاف ما يريدون ترويجه انه انتشر بحد السيف وببركة من الدماء ...الاسلام اولا واخيرا قائم على العلم والاجتهاد والتأويل الموضوعي للنص والتعامل مع حدود الله بصفتها الزجرية الردعية لا لاستعمالها في الترهيب وبث الرعب. صراحة لم يسعفني الوقت ان اكمل الكتاب لكني في مداخلتي طرحت سؤالا ارتبط بالعنوان وبمجال بحثي -فكل يغني على ليلاه- فقد كنت اظن من العنونة اسلام السلطة ان يحمل الكتاب جانبا اقتصادي يبحث فيه الكاتب عن حلول ومعادلات تنطلق من ادبيات اقتصاد اسلامي على غرار مالك ابن نبي الذي كاد يقيم هوية اسلامية للتنمية الاقتصادية خاصة وتونس تعيش صراعا على اشده في ما نعبر عنه باللامركزية والديمقراطية التشاركية ، وكنت اود ان يبوب للبحث في نفسية التونسي ما بعد الثورة مرتكزا على تمشيه في ذكر الفكر التكفيري المهيمن على عقول الشباب ويستغل التبويب في طرح معادلة الحق والواجب وتغليب الاستهلاك على الانتاج وتفشي عقلية المطلبية وتقاعس طبقة كبيرة من الشباب وعزوفهم عن المبادرة وانكفائهم في الملذات ....باختصار تمنيت لو ان الكاتب كما بوب للحديث عن هوية اسلامية توتسية ان يكون للاقتصاد نصيب في مبحثه ويتحفنا بتخريجة ترتقي للحديث عن هوية تونسية للتنمية الاقتصادية اسها النص القراني وسنة النبي على غرار دول اسيا الشرقية الذين تقدموا وازدهروا اقتصاديا في وقت جد قياسي وكانت مرجعيتهم افكار وضعها الفيلسوف والمفكر كونفشيوس الذي عاش خمسة قرون قبل الميلاد وهو صاحب فكرة "بدل ان تلعن الظلام اشعل شمعة"...حري بنا ان يؤثر فينا وحي منزل من للسماء وهدي نبينا الذي لا ينطق عن الهوى ... كانت هذه قراءتي الاولى لكتاب اراه يكتسح الساحة الثقافية وسيؤت ثماره في اجيال قادمة باذن الله......