طارق عمراني يبدو ان المشهد السريالي الذي يحكم العملية السياسية في تونس سينعكس علی المجالس البلدية بعد ان اصبح العمل السياسي مقترنا بالفلكلور الذي يبثه المرفق العمومي متلفزا مباشرة من مجلس النواب في روتين صدامي يومي بين احزاب الحكم و المعارضة و بين احزاب الحكم وشركائها و بين المعارضة و المعارضة الاخری التي تخالفها ايديولوجيا حتی ان هذا الصراع السيزيفي يتجاوز اروقة البرلمان إلی بلاتوات الاذاعات و التلفزات حيث اصبح التونسي يقتفي اثار البرامج السياسية قبل ان يسأمها بعد سنوات من الثورة بحثا عن الضحك والفكاهة بعرض سياسي منفلت لا ضوابط له يمعن في المماحكات ليصل احيانا حد التلاسن و هتك الاعراض . سياسة الغرف المظلمة و السياحة الحزبية و الانتهازية اصبحت المحرك الاول للعمل السياسي حت اصبحت السياسة في تونس مرادفا للمكيافيلية الرثة حيث الغاية تبرر الوسيلة دون اي ضوابط اخلاقية وحتی علمية حيث تسير علی غير منهج بإرتجال يعيش اللحظة و هو ما يفسر الازمة السياسية الحادة التي تعيشها تونس بعد ان اصبحت "الحوكمة " شبه مستحيلة في بلاد يطالب فيها الحزب الحاكم بإقالة رئيس حكومة محسوب عليها و يستميت الحزب المنافس دفاعا عن بقائه مع تقاطع في المصالح بين المنظمة الشغيلة المعادية لليبرالية مع حزب يميني رأس مالي تحت شعار "في السياسة ليس هناك صديق دائم أو عدوّ دائمة بل هناك مصالح دائمة " هذه السريالية بدأت بالتترجم علی ارض الواقع بعد ان باحت الانتخابات البلدية بأسرارها و افرزت لنا مشهدا فسيفسائيا كان متوقعا بقانون إنتخابي معقّد جعل الاحزاب و القائمات تبحث عن ملء الفراغ و إستكمال الشروط دون البحث عن كفاءة المترشحين و المامهم بأبسط ابجديات الحكم المحلي هذا الجهل السياسي افرز لنا جيلا سياسيا جديدا في جزء منه لم يطلّع علی مجلة الجماعات المحلية و فصولها و هو ما تترجم في بيانات غزت مواقع التواصل الاجتماعي لقائمات مستقلة و اخری حزبية اتفقت علی تكوين "كتل استشارية " ترفض التعامل مع قائمات اخری بلغة انشائية ركيكة و مصطلحات سياسية مستهلكة علی غرار "احزاب الحكم" و "الاحزاب الرجعية " و "مصلحة الجهة " و "النأي بالعمل البلدي عن ..." و غيرها من العبارات المعلبة التي تعكس ازمة فهم للحكم المحلي و طبيعة المجالس البلدية التي ترفض بالطبيعة و بقوة التشريع المعارضة و الإصطفاف . الحكم المحلي هو الديمقراطية التشاركية و مشاركة الجميع في اللجان لضمان نجاح المجالس في تحقيق ابسط مستحقات المواطن في جهات محرومة و مفقرة و منسية تنتظر الفرج من لا مركزية قد تحيد عن مسارها و تتحول إلی بيئة ملائمة للتناكف و الصراع السياسي و العروشي بين المستشارين الذين اتت بجزء كبير منهم صدفة من الصدف