نشر الدكتور المتخصص في علم الاناسة-الانتروبولوجيا و الباحث الاجتماعي محمد الحاج سالم تدوينة على صفحته بالفايسبوك حول لجنة لجنة الحريات الفردية والمساواة والتي بحسب محمد الحاج سالم تم انتقاؤها من توجه فكري احادي لحسم قضايا مجتمعية وهوية دينية وحضارية خطيرة في وقت خطير من تاريخ البلاد وبين حدود المقاربة وضيق الزاوية في الطرح والتحليل والحلول والافق... وجاء في التدوينة التالي: تعليق أوّلي مبتسر على تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة الانطباع الأوّل يقضي بوجود فوضى مفاهيميّة في النص، فهو لا يميّز بين العائلة والاسرة، ويتحدث تارة عن الأسرة الذرّية وتارة عن الأسرة النوويّة، ولا يميّز بين الشريعة والفقه التشريعي، ولا بين المقاصد (النفسيّة الاجتماعيّة) والسيرورات التاريخيّة، ولا بين المجتمع والأمّة، إلى غير ذلك من المصطلحات المصطفّة إلى جانب بعضها دون أن تشكّل منظومة مفاهيميّة متجانسة باعتبار انتمائها إلى مجالات معرفيّة متباينة وفترات حضاريّة متفاوتة... وهو ما جعل النصّ يبرّر أكثر ممّا يفسّر، وهذا ديدن كلّ هندسة اجتماعيّة إرادويّة (volantariste) تعتقد قدرة القوانين على تغيير الواقع بدل أن ترى القوانين استجابة لمتطلبات الواقع، ولذلك نرى النصّ يطالب بالمساواة بين الجنسين في التمكين الاقتصادي مثلا رغم إشارته الواضحة إلى عدم المساواة في فرص التعليم وغلبة العنصر الأنثوي عليه، وهذا ما يُبيّن أنّ عدم التمكين شامل للجنسين (باعتراف التقرير في إشارته للأزمة الاقتصادية الخانقة) إن لم يكن أظهر عند الذكور في هذا المجال تحديدا (رغم هيمنة الذكور على المجال العمومي ومن ذلك مثلا الوظائف العليا الرسمية من سفراء ووزراء وولاّة وقادة أمن وجيش وهيئات وطنية إلخ)، لكن التقرير يمرّ على ذلك مرور الكرام، لأنّ الغاية عنده تبرّر الوسيلة، والمطلوب هو تبرير عمل اللجنة ومطلب الرئيس لا تفسير الواقع الاجتماعي الاقتصادي ومن ورائه السياسي الذي أدّى إلى بروز هذا المطلب... هذا بالطبع مع الإعراض عن تفسير الأزمة الحالية للبلاد بأنّها نتيجة الانخراط في منظومة نيو ليبرالية تقتضي إحداث مثل هذه اللجنة المطالبة بإصلاحات (إصلاح ما أفسدته نفس المنظومة؟)... لا تخلو أيّ هندسة اجتماعيّة من إرادة ضبط اجتماعي نسعى إلى تبريرها إيديولوجيّاً، فهل نحن إزاء محاولة دولانيّة أخرى لجبر ما انكسر في منطومة الضبط السياسي (التعدديّة) والإيديولوجي (أزمة التعليم وانفلات المشهد الإعلامي) والاجتماعي (التفكّك الأسري وارتفاع معدّلات الجريمة) والاقتصادي (نصف الاقتصاد خارج رقابة الدولة ودولنة الفساد المالي والتهريب) والأخلاقي (التردّي القيمي) بما أدّى إلى هروب مئات الآلاف من البلاد (خفية وجهرة) وإفراغها من قواها الحيّة (حُكم الشيوخ والعجائز)؟ هذا انطباع أوّلي لقراءة أولى مبتسرة للتقرير، وقد أعود للموضوع بمزيد تفصيل بعد قراءة متمعّنة...