فرنسا: إصابة فتاتين في عملية طعن أمام مدرسة شرقي البلاد    الأندية المتأهلة إلى نصف نهائي الدوري الأوروبي    سلطنة عمان: ارتفاع عدد الوفيات جراء الطقس السيء إلى 21 حالة    اللجان الدائمة بالبرلمان العربي تناقش جملة من المواضيع تحضيرا للجلسة العامة الثالثة للبرلمان    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    تم جلبها من الموقع الأثري بسبيطلة: عرض قطع أثرية لأول مرّة في متحف الجهة    دعوة إلى مراجعة اليات التمويل    خلال الثلاثي الأول من 2024 .. ارتفاع عدد المشاريع الاستثمارية المصرّح بها    جوهر لعذار يؤكدّ : النادي الصفاقسي يستأنف قرار الرابطة بخصوص الويكلو    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    عاجل/ بعد "أمير كتيبة أجناد الخلافة": القبض على إرهابي ثاني بجبال القصرين    ارتفاع عائدات صادرات زيت الزيتون بنسبة 82.7 بالمائة    عاجل/ هيئة الدفاع عن الموقوفين السياسيين: اللّيلة تنقضي مدّة الإيقاف التحفّظي    وزير الدّاخليّة يشرف على موكب إحياء الذكرى 68 لعيد قوّات الأمن الدّاخلي    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    توزر.. افتتاح الاحتفال الجهوي لشهر التراث بدار الثقافة حامة الجريد    سوسة: الاستعداد لتنظيم الدورة 61 لمهرجان استعراض أوسو    نقابة الصحفيين التونسيين تُدين الحكم بالسجن في حق بُوغلاب    أنس جابر خارج دورة شتوتغارت للتنس    طبربة: إيقاف 3 أشخاص يشتبه في ترويجهم لمواد مخدرة في صفوف الشباب والتلاميذ    تخصيص حافلة لتأمين النقل إلى معرض الكتاب: توقيت السفرات والتعريفة    سيدي بوزيد.. تتويج اعدادية المزونة في الملتقى الجهوي للمسرح    الرصد الجوّي يُحذّر من رياح قويّة    عاجل/ محاولة تلميذ طعن أستاذه داخل القسم: وزارة الطفولة تتدخّل    محمود قصيعة لإدارة مباراة الكأس بين النادي الصفاقسي ومستقبل المرسى    بعد حلقة "الوحش بروماكس": مختار التليلي يواجه القضاء    عاجل : هجوم بسكين على تلميذتين في فرنسا    كأس تونس لكرة القدم: تعيينات حكام مقابلات الدور السادس عشر    جلسة عمل مع وفد من البنك الإفريقي    حملات توعوية بالمؤسسات التربوية حول الاقتصاد في الماء    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    انخفاض متوسط في هطول الأمطار في تونس بنسبة 20 بالمئة في هذه الفترة    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    عاجل/ فاجعة جديدة تهز هذه المنطقة: يحيل زوجته على الانعاش ثم ينتحر..    أبطال أوروبا: تعيينات مواجهات الدور نصف النهائي    عاجل/ تلميذ يطعن أستاذه من خلف أثناء الدرس..    بوركينا فاسو تطرد 3 دبلوماسيين فرنسيين لهذه الأسباب    عاجل : نفاد تذاكر مباراة الترجي وماميلودي صانداونز    هام/ تطوّرات حالة الطقس خلال الأيام القادمة..#خبر_عاجل    اجتماعات ربيع 2024: الوفد التونسي يلتقي بمجموعة من مسؤولي المؤسسات المالية الدولية    قيس سعيد : ''تونس لن تكون أبدا مقرا ولا معبرا للذين يتوافدون عليها خارج''    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    الحماية المدنية: 9 حالات وفاة خلال ال24 ساعة الأخيرة    في انتظار قانون يحدد المهام والصلاحيات.. غدا أولى جلسات مجلس الجهات والأقاليم    ضربة إسرائيل الانتقامية لايران لن تتم قبل هذا الموعد..    زلزال بقوة 6,6 درجات بضرب غربي اليابان    عاجل/ هذه الدولة تحذر من "تسونامي"..    سيدي بوزيد: حجز مواد غذائية من اجل الاحتكار والمضاربة بمعتمدية الرقاب    مصر: رياح الخماسين تجتاح البلاد محملة بالذباب الصحراوي..    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    توزر: المؤسسات الاستشفائية بالجهة تسجّل حالات إسهال معوي فيروسي خلال الفترة الأخيرة (المدير الجهوي للصحة)    الكاف: تلقيح اكثر من 80 بالمائة من الأبقار و25 بالمائة من المجترات ضد الأمراض المعدية (دائرة الإنتاج الحيواني)    "سينما تدور": اطلاق أول تجربة للسينما المتجولة في تونس    وزير الصحة يعاين ظروف سير العمل بالمستشفى الجهوي بباجة    جراحة فريدة في الأردن.. فتحوا رأسه وهو يهاتف عائلته    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة السياسية في تونس : ''ضبابية'' المشهد تحجب سعيا محموما للمسك بخيوط اللعبة
نشر في باب نات يوم 28 - 06 - 2018

- (وات - تحرير أيمن الزمالي) - مازالت الأزمة السياسية في تونس تراوح مكانها، رغم مرور أشهر عديدة على تجلي بوادرها وبروز أعراضها، ورغم سعي الأطراف المكونة لوثيقة قرطاج، التي انبثقت عنها "حكومة الوحدة الوطنية" بقيادة يوسف الشاهد، إلى التوصل إلى حل للأزمة عبر مسار تشاوري أطلق عليه اسم "وثيقة قرطاج 2"، الذي أفرز بدوره فصلا جديدا في الأزمة عنوانه الأساسي بقاء الشاهد على رأس الحكومة من عدمه.
شهر مر على تعليق الحوار بخصوص ما يسمى بوثيقة قرطاج 2، التي اتفقت فيها الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج، من أحزاب ومنظمات، على كل البنود المتعلقة بالجانبين الاقتصادي والاجتماعي، ما عدى نقطة وحيدة تتمثل في القيام بتغيير شامل صلب الحكومة، بما يعنيه ذلك رحيل يوسف الشاهد، أو إدخال تعديل جزئي على تركيبتها.
استمرار الحال على ما هو عليه منذ تعليق الحوار والضبابية التي سادت المشهد السياسي مردها أساسا تشبث طرف، وهو حركة النهضة، ببقاء رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد بداعي الاستقرار السياسي، وفي المقابل تمسك طرف آخر ويمثله أساسا حزب نداء تونس (الحزب الذي ينتمي إليه الشاهد) وكذلك الاتحاد العام التونسي للشغل برحيل الحكومة الحالية.
وبقطع النظر عن دوافع وأهداف اختلاف المواقف الحاصل بين أبرز الأطراف المكونة للائتلاف الحاكم، إن كان من باب المناورة السياسية لتحسين شروط التفاوض للبعض بخصوص تكوين الحكومة المقبلة أو إعادة التموقع للمسك بخيوط اللعبة استعدادا للاستحقاقات السياسية المقبلة وأبرزها انتخابات 2019، فإن الوضع السياسي يزداد قتامة وغموضا في ظل عدم بروز بوادر حلول، رغم الحركية المتسارعة التي تشهدها أروقة الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية الفاعلة في الأيام القليلة الماضية.
// استفحال للأزمة والمنظمة الشغيلة تأخذ بزمام المبادرة منذ تعليق المشاورات بشأن وثيقة قرطاج 2، انتقل الحوار في المدة الفارطة إلى "بطحاء محمد علي"، حيث أجرت قيادة اتحاد الشغل، الرافضة لبقاء حكومة يوسف الشاهد، مشاورات مع مختلف مكونات المشهد السياسي الفاعلة باتجاه إيجاد حلول تخدم هذه الرؤية.
وأكدت قيادات أغلب هذه الأطراف تطابق وجهات نظرها مع الاتحاد في تقييم عمل حكومة الشاهد، مبرزة سعيها إلى إيجاد حل سريع للوضع السياسي وتفكيرها الجدي في مرحلة ما بعد هذه الحكومة.
فقد أبرزت حركة نداء تونس، في بيان صادر عنها عقب لقاء مديرها التنفيذي حافظ باجي قايد السبسي بالأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، أنه تم الاتفاق على ضرورة إيجاد حل سريع يمكن من وضع حد للأزمة التي تواجهها البلاد من خلال تغيير عميق وشامل للحكومة .
وقال القيادي بالنداء خالد شوكات، في تصريح ل(وات)، إن حركة النهضة وحدها شذت عن الإجماع الوطني، وهي مطالبة بمراجعة نفسها سريعا وعدم عزل نفسها مجددا في مواجهة القوى الوطنية والديمقراطية والحداثية. وأضاف شوكات قوله " نحن مصرون على التحوير الحكومي العميق ولا نرى سبيلا لمعالجة حالة انهيار الاقتصاد ووقف نزيف المالية العمومية إلا برحيل الحكومة الحالية برمتها".
وفي هذا السياق لم يستبعد أمين عام حركة مشروع تونس، محسن مرزوق، أن يتم تكوين "جبهة ديمقراطية ذات طابع اتحادي"، خاصة أمام استمرار حركة النهضة، الحزب الأكثر تمثيلية في مجلس نواب الشعب (68 نائبا)، في تشبثها ببقاء الشاهد.
من ناحيته كان الناطق الرسمي باسم اتحاد الشغل، سامي الطاهري، صرح عند بداية المشاورات التي يقودها الاتحاد يوم 13 جوان الجاري، بأن "رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي مقتنع بخطورة الوضع الذي تمر به البلاد ومقتنع كذلك بضرورة تغيير الحكومة"، وفق تعبيره، مشيرا الى أن أغلب الأطراف، باستثناء حزب المبادرة وحركة النهضة، تدعم خيار تغيير الحكومة بكاملها.
بدوره، اعتبر الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل سمير الشفي، في تصريح ل(وات)، أن إيجاد حالة من الاستقرار السياسي الحقيقية، يمر عبر تعويض الحكومة الحالية بحكومة جديدة، مبينا أن البلاد في وضعها الحالي تعيش حالة من عدم الاستقرار والتوتر الاجتماعي، وهو ما ينبئ بانفجارات محتملة إذا ما بقي الحال على ما هو عليه.
وأكد أن الاتحاد متشبث، في سعيه لإيجاد حل، بما جاء به الدستور وبمؤسسات الدولة، ملمحا إلى أن الحل لا يمكن أن يخرج إلا من منطوق الفصلين 98 و99 من الدستور. ودعا في هذا الخصوص الرئيس قايد السبسي " لتحمل مسؤوليته التاريخية وإيجاد الحلول المناسبة لإنقاذ تونس من الوضع الكارثي الذي تعيشه باعتباره المؤتمن على احترام الدستور".
/ مفارقة موقفي النداء والنهضة من بقاء الشاهد فاقمت الأزمة مثل موقف حركتي النهضة والنداء من بقاء يوسف الشاهد على رأس الحكومة مفارقة سياسية، باعتبار أن الحزب (نداء تونس) الذي رشح أحد أبنائه (الشاهد) لرئاسة الحكومة يقف اليوم ضده ويعمل على رحيله ويعتبر حصيلة حكومته دون المأمول بل ومخيبة للآمال، في حين يقف الحزب "المنافس الحليف" (النهضة) مساندا لرئيس الحكومة الشاهد ولبقائه في الفترة المقبلة.
ومن تجليات هذه المفارقة أن نداء تونس ذكر أنه انطلق منذ مدّة في سلسلة من المشاورات مع عدد من الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية من أجل تكوين "ائتلاف وطني واسع للإنقاذ"، وأكد الناطق باسمه أنه انطلق في هذه المشاورات بعد تأكّده أنّ هذه الحكومة "لم تعد حكومة وحدة وطنيّة بل أصبحت حكومة حركة النهضة". وقال إنّ دليل ذلك، التعيينات الأخيرة بعدد من مواقع القرار في الدولة والواردة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسيّة، والتي اعتبر أنّها "تخدم مصلحة حركة النهضة والغاية منها هو التموقع والسيطرة".
ومن أبعاد هذه المفارقة أيضا مهاجمة رئيس الحكومة يوسف الشاهد في خطاب متلفز للمدير التنفيذي لحزب حركة نداء تونس حافظ قايد السبسي واتهامه بتصدير أزمة الحزب إلى مؤسسات الدولة، واعتبار أن الأزمة السياسية بدأت مع حزبه. في المقابل ما فتئ حزب النهضة في المدة الأخيرة يجدد مواقفه الداعية لضمان "الاستقرار الحكومي"، بما يعنيه ذلك من إبقاء على يوسف الشاهد، مع إمكانية اجراء تحوير وزاري.
ومن مظاهر ما آلت إليه العلاقة بين النهضة والنداء، اعتبار القيادي في حركة نداء تونس خالد شوكات أن التوافق الحاصل بين الحركتين حقق غايته بالمصادقة على الدستور واستكمال تنصيب جل المؤسسات الدستورية، وتأكيده على أن المطلوب اليوم هو إعادة الحياة السياسية الى الطابع التنافسي انتخابيا وبرامجيا.
وأضاف شوكات، في تصريح ل (وات)، قوله "نحن في نداء تونس ماضون بدورنا في مسعانا إلى تجميع القوى الوطنية والديمقراطية والمدنية والحداثية في جبهة جديدة مفتوحة أمام جميع التيارات الراغبة في حماية التوازن السياسي الضامن لسيرورة المشروع الديمقراطي والحامي لمنجزات وطبيعة دولة الاستقلال". وانتقد في هذا السياق اختيار الشاهد سبيل المضي في ما وصفه ب"العصيان الحزبي" و"التزام قاعدة الغاية التي تبرر الوسيلة في سعي محموم الى البقاء في السلطة على الرغم من انهيار شرعية حكومته"، مشددا على أن "النداء سيتمكن من هزيمة جميع المتآمرين عليه وسيستمر رقما أساسيا في المعادلة السياسية في البلاد"، على حد تعبيره.
مواقف حزبي النداء والنهضة وغيرها من مكونات المشهد السياسي والقوى الوطنية من حكومة الشاهد، وإن كانت تبدو حاسمة وقطعية في مضى من مشاورات وبيانات وتصريحات، فإن معطيات الواقع السياسي والإكراهات القائمة قد تعدل من حدتها في اتجاه أو آخر، وهو ما ألفه المتابعون للشأن السياسي التونسي في السنوات القليلة الماضية من خلال حوارات وطنية جمعت المتناقضات ووفقت بين الرؤى.
ولكن أمام أهمية الرهانات المطروحة والاستحقاقات السياسية والانتخابية المقبلة، ولا سيما انتخابات 2019 الرئاسية والتشريعية، تبقى موازين القوى عاملا أساسيا وضمان الحظوظ في هذه الاستحقاقات حدا أدنى للقبول بأية حلول ممكنة للخروج من الأزمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.