مرتجى محجوب يعتبرون انفسهم مالكين للحقيقة المطلقة ,و عبر سبهم و ثلبهم و شتمهم, لمن يخالفهم الراي, يؤدون واجبا و معروفا ,و يتصدون لمنكرا و فسادا ,حتى يؤول الامر في عديد الاحيان, الى التخوين و التكفير و الدعوة للتصفية الجسدية و التقتيل . علاوة على الانحطاط الاخلاقي الموصوف و المثبت, ينضاف جهل مركب, لا يؤمن بنسبية الافكار و بفوائد التعدد و الاختلاف و ثرائه, و عجز عن مقارعة الحجة بالحجة ,و عن بيان خلل الراي المضاد ,بل الادهى و الامر, انهم يبيحون لانفسهم, تقييم الافكار و تصنيفها و حتى الدعوة لمصادرتها ان لزم الامر, حسب اهوائهم و حميتهم الجاهلية, دون اي مبرر او منطق علمي او تحليلي . علما و انه يوجد احيانا في النهر ما لا يوجد في البحر ,و انه لا يحتقر راي غيره و لو كان بسيطا او ضعيفا ,الا متعالي يدعي في العلم فلسفة ,اقول له علمت شيئا و غابت عنك اشياء . لا يقتصر الامر للاسف ,على محدودي المستويات المعرفية ,بل يتجاوزه الى حاملي الشهائد العليا و المناصب المرموقة ,و لو انه لا علاقة وجوبية بين الثقافة و الاخلاق من جهة و بين الشهائد الاكادمية من جهة اخرى ,اذ كم من عصامي مثقف, ارقى و انفع لنفسه و مجتمعه من استاذ او دكتور ,ممارساته و افعاله مشينة و مسيئة و تبعث على الاشمئزاز و الاحتقار, ولا اعمم . من دون ان اغفل في نفس السياق, اشتراك من يتلذذون و يشمتون في من نزل عليه وابل السب و الثلب و الشتم ,من دون انكاره او ثني مرتكبيه قدر المستطاع عن التمادي فيه و لو بالقلب ,في تحمل وزر اثامه و شروره ,و من يزرع الشوك يجني الجراح . يا ايها السبابون و الثالبون و الشتامون ,ان كنتم تحسبون انفسكم تدافعون عن الدين او اي ايديولوجية كانت , فانكم تنفرون و لا ترغبون, و في عديد الاحيان, و دون ان تشعروا, تنهون عن خلق و تاتون بمثله و تسيؤون لما انتم تعتقدون انكم عنه مدافعون و ان السب و الثلب و الشتم لاسهل ما يكون و في مقدور اي شخص, سوى من تمنعه اخلاقه و معرفته و ثقافته عن مثل ذلك الصنيع المشين ,و ان مثلكم كمثل من لا يستحي من عيوبه ,بل و من شدة غبائه, يجاهر بها و يعلنها للملئ, تماما مثل "السارق الي في يدو شمعة" او "الزاني في الطريق العام امام الناس", ويفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعله العدو بعدوه , و ان جحافل والاف مؤلفة منكم , لن تثني اي مفكر او مجتهد, فذ كان او بسيطا , صاحب مبدء و ضمير من ان يعبر و يعبر و يعبر ... و لو كره الكارهون و تجاسر اكثر فاكثر ,الابذياء. اما محترفو السب و الثلب و الشتم ,اي من يتقاضون اجورا عليها ,و سواءا كانوا افرادا او مجموعات او عصابات, فلا يستحقون اي تعليق او كلام ,و يتوجب مواجهتهم فقط ,بالقانون مع التشهير بمموليهم و امريهم المفسدين . كما اعد في الاخير ,جموع السبابين و الثالبين و الشتامين , بعدم التوقف عن الكتابة ما حييت, و كل ما دعتني الضرورة لذلك, بكل حرية و مسؤولية ,و اني شخصيا لا اعيرهم اي اهتمام و لا تقدير, كما اني و ان كنت غير معني مباشرة او بنسبة كبيرة بشرور ما يفعلون ,بحكم تواضع كتاباتي و تاثيري, فاني كتبت فيهم هاته المرة ,من باب النهي عن منكر و شر مستطير و من اجل المساهمة و لو قليلا في تنقية فضاءات الحوارات و الافكار و تطهيرها من العابثين . و كما قال احمد شوقي : "انما الامم الاخلاق ما بقيت فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا ". و ايضا الإمام الشافعي و شعاره: "رأي صواب يحتمل الخطأ،ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب ". و فولتير عندما قال : "قد أختلف معك في الراي ولكني مستعد ان ادفع حياتي ثمنا لحقك في التعبير عن رأيك ". و اختم بحديث الحبيب المصطفى: الرسول صلى الله عليه وسلم جالس بين أصحابه رضوان الله عليهم وهم حوله يرقبون كلمة نور وهدي تتحرك بها شفتا النبي صلى الله عليه وسلم لبيان حكم أو تبليغ آية، إذا به يسألهم : أتدرون من المفلس؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي من يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي وقَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ.