د – الضاوي خوالدية – الشاهد – تونس إن اعتبرنا، متعسفين، أن حرب الفرنكفونيين القذرة على النهضة و المؤتمر تبررها هزيمتهم النكراء في الانتخابات ( التي كان يعرف الجميع أنها واقعة لا محالة إلا هم ) فإن ما يستحيل أن نجد له مبررا هو محاولتهم البائسة محاصرة رجالات الحزبين المذكورين برسمهم في صور متحركة ساخرة و كاريكاتور مقزز و تأويل خطابهم تأويلا صادما للناس العاديين و بث دعايات مؤذية ضدهم في أوساط الشعب ( حتى أن جارتي ذات السبعين شتاءا أجابتنى عن سؤالي لها عن رأيها في النهضة فقالت : أنا أكره النهضة لأني أخاف على نفسي و على بناتي من الضرائر و الحجاب كما أخاف على النساء عامة من الختان و الاغتصاب و من منعهن من الوظيفة… و أن كل فاشل في الدراسة عظروط و حالم بالنجومية في الرسم أو الراب أو التمثيل أو الغناء … مطالب حداثيا بثلب النهضة و السخرية منها ) أما السقوط في الحضيض فيتمثل في السخرية من برنس الرئيس المعتبر لبسه لدى حثالة العلمانيين شذوذا و معاداة للحداثة و رداءة ذوق ناسين ( و يجب أن ينسوا لأن المنبت نساء ) أن البرنس أهم عنصر من عناصر الألبسة الأصيلة في تونس خاصة و المغرب العربي عامة مثله مثل الجبة و البلغة و القشابية و الشاشية و السفساري و الحولي …ألبسة تشعر مستعمليها أن لهم هوية و تاريخا و أرضا و حضارة مادية و فكرية و روحية إذ ما الثياب و الأطعمة إلا نتاج لعلاقة شعب بأرض خصبة أو غير خصبة جبلية أو غير جبلية صحراوية او غير صحراوية … و مادامت تونس أرض ساحلية و سهولية و جبلية و صحراوية فإن شعبها قد اخترع لبوسا موحدة تسد حاجة ساكني مختلف المناطق . الا يرى الفرانكفونيون و جل العلمانيين و اللائكيين أن اللباس الأوروبي وليد الظروف التضاريسية و المناخية و الحضارية و التاريخية قد دخل العالم الثالث بفعل ثورتيه الفكرية و الصناعية و جحافل جنوده المدججين بالأسلحة الفتاكة فقلده ضعفاء النفوس و الجبناء و الأغنياء و العملاء من الشعوب الخاضعة للمستعمر يقول ابن خلدون : “إن المغلوب مولع أبدا بالغالب في شعاره و زيه و نحلته و سائر أحواله و عوائده ” (مقدمة ابن خلدون ص 258 دار الكتاب اللبناني 1960) و كان هذا التقليد مختلفا من قارة إلى أخرى و من شعب إلى آخر فتقليد الأفارقة الغرب مكثف أما الآسياويون فدون ذلك . لذلك تجاوز أغلبهم غيرهم في التحديث و التقدم العام، لقد أفقد حصول الترويكا على الاغلبية مجانين فرنسا الصواب فعبؤوا صفوفهم و اندفعوا مهاجمين رجالات المؤتمر و النهضة خاصة مهاجمة تجاوزت السخرية و الشتم و السب و التحقير و التخوين و التجريم إلى اللباس و خاصة برنس الرئيس الذي رأوه لا يماشي الحداثة على أن قسما من المعادين للنهضة و المؤتمر آفاقيون أصولا لكن شعورهم الداخلي بالنقص و تربيتهم المختلة و هيامهم بفرنسا و نزوحهم من قراهم و أريافهم الأصلية منذ أمد و تحسن وضعهم المادي جعلهم يكتمون أصولهم” ويقلقلون” من هؤلاء” صحفي” زرته في مقر جريدته لأقدم له نسخة من كتابي الجديد و أطلب منه التعريف به فاستقبلني ببرود غريب حتى أنه لم يقف من على كرسيه ليصافحني و لم ينظر إلى وجهي فقلت له : إليك الكتاب، متسائلا عن موقفه مني دون ان يرى سابقا احدنا الآخر منذ خلقنا، فقال : إنك تدعم في مقالاتك حزب النهضة عدو الحضارة و الحداثة و حقوق الإنسان و متع الحياة، فقلت له و أنا أغادر مكتبه: لست نهضاويا لكني أومن بالشرعية الانتخابية و الإرادة الشعبية و الهوية العربية الإسلامية … و باختصار : إن النهضة، إلى حد الآن، مرتبة من حيث التفاضل على رأس قائمة الأحزاب في تونس، و لا أظن أن حزبا آخر يمكن أن ينافسها في المستقبل المنظور رغم ما تعرضت له من هرسلة و إرتكبته من أخطاء . لقد ذكرني هذا الآفاقي الجاحد المعادي للنهضة و برنس الرئيس ‘ الآفاقي' بأحد منتقدي الطاهر الحداد و كتابه : امرأتنا في الشريعة و المجتمع الذي عيره بآفاقيته ( أي أصيل الجنوب و ليس بلديا / أصيل تونسالمدينة ) و الأغرب أن الثالب عمر البري المدني وافد سعودي مطرود من عمله في بلده فجاء تونس بحثا عن عمل فانتدبه علماء جامع الزيتونة موظفا في النظارة مشجعين إياه على ثلب الحداد و شتمه على دعوته إلى تحرير المرأة فكتب كتيبا : ”سيف الحق على من لم يرى الحق ” كله هجاء للحداد و آفاقيته و كتابه . كما ذكرني موقف أغلب المعارضة المتشنج العنيف المهستر بأبيات شعر للمتنبي : و من جهلت نفسه قدره *** رأى غيره منه ما لا يرى لقد كنت أحسب قبل الخصي*** أن الرؤوس مقر النهى فلما نظرت إلى عقله*** رأيت النهى كلها في الخصى