بقلم / منجي باكير لا ينسى التاريخ أنّ فرانسا كانت من أشرس الدول الإستعمارية و أكثرها دموية و عنصرية حتى أكبر درجات الاذلال في الدول التي ألقت فيها بأعتى اسلحتها و معداتها العسكرية بمختلف انواعها ، و قد تمسّكت بمستعمراتها بمختلف الطرق حتى يومنا هذا فهي تحتفظ بوزارة للمستعمرات ... لكن فرنسا ربما - فاقت - ايضا باقي الدول الاستعمارية في شيئين ، الأول أنها انتدبت و فوضت نخبا تشبعت بثقافة و لغة فرانسا و انبهرت بسياستها و سياسييها لتضعهم - خلفاء - لها و ممثلين امناء في البلدان التي دحرتها المقاومة الشعبية منها ، و الشيء الثاني أنها عوّضت وجودها العسكري بتدخل مباشر و سافر في ثقافة و إعلام و تعليم تلك البلدان ... فسادت من خلال الرؤساء و المسؤولين الفاعلين و تحكمت في السياسة داخليا و خارجيا و ريمت خطوط الانفتاح الإقتصادي و التركيبة الإجتماعية و خصوصا الإعلام و التعليم باعتبارهما العنصران الأساسيان لديمومة الفكر الفرنسي و القيم الفرنسية و الثقافة الفرنسية ، و هذا ما ضمن لفرانسا وجودها و استمرارها حتى مع الأجيال الناشئة التي تربت في معظمها ( في انفصام مع هويتها و دينها و تراثها ) على التشبع باللغة الفرنسية و التاريخ - الانتقائي - الفرنسي و الثقافة الفرنكوفونية لتنحاز في جهل إلى الضفة الأخرى من المتوسط ضد حاضنتها العربية الإسلامية ، لتنبهر في رؤية أُحادية باضواء باريس و مناقب باريس برغم ان باريس لا ترتقي إلى مستوى تحضّر كثير من العواصم العالمية الأخرى ..... فرانسا بالموازاة مع الضغوط السياسية التعديلية بسياسة العصا فهي أيضا وظفت الجزرة في سياسة حريرية ناعمة فزرعت المراكز الثقافية الفرنسية في المدن الكبرى في طابع ظاهره - تبادل - ثقافي و في باطني سعي لاستقطاب و مجازاة و تكوين جيل الحوكمة المستقبلي و ايقونات بعض المجتمع المدني ، كما انها من خلال هذه المراكز تسربت إلى بعض الجمعيات و التظاهرات زيادة في التغلغل داخل المجتمع ... و لم تغفل الاعلام الذي دجنت كثيرا من حوانيته و منشطيه و كرونيكيراته و مخرجيه و منشطيه حتى بدى المشهد الاعلامي خليطا هجينا في سلوكاته و تفكيره و خصوصا في لغته الركيكة ، مشهد اعلامي انبت عن واقعه و لفظ هويته ليحاكي في بله فاضح ما يراه كعبة التقدم الفكري و الحضاري خصوصا مع التكريمات و الجوائز و المنح التي تغدقها أجهزة و مؤسسات و مجاميع فرانسا ...