قراءة: 2 د, 27 ث د. أيمن القاطري يعيش عالمنا المعنى الحقيقي للفوضى حيث تنسحب الولاياتالمتحدة بقرار ذاتي من الريادة الكونية للعالم وهي المضمون الإيديولوجي الأبرز الذي جعل بابل الجديدة تقوم بذلك الدور. تتخلى الولاياتالمتحدة عن ذلك الدور في إطار رؤية و مقاربة جديدة تقودها حكومة ترامب كما من الحلول الأخيرة المتبقية لإنعاش النظام الرأس مالي الجديد الذي أستطاع أن يتجاوز كل الأزمات السابقة منذ أبرزها سنة 1929. تتخلى الولاياتالمتحدة عن ذلك الدور في إطار برنامج ترامب الحمائي الإقتصاد و مقولته الشهيرة أمريكا أولا و لنجعل أمريكا عظمى من جديد. الحقيقة إن هذا أبرز صعود حاليا في العالم لفكرة جديدة مدرسة سياسية فكرية جديدة و خطيرة للغاية ألا إنها الشعبوية وهي مدرسة تبرز و تريد أن تركب موجة فشل الديمقراطيات في بعض الأماكن بل هي الثعبان الذي يبحث له عن طريق و مسار ليعرض نفسه كفكرة منقظة للعالم.... هذه الشعبوية التي تعبر في عمقها السيسيولوجي على اللامبالاة على الأمراض النفسية و الأحقاد الإجتماعية و المجتمعية التي هي حقيقة نتيجة طبيعية لعولمة رأس المال التي هي عبارة على نهاية على قمع ديمقراطي قانوني لسطو رأس المال المتسلط بقوة القانون في الديمقراطيات العريقة و بقوة الرشوة و الفساد في العالم الثالث... لذلك تعتبر دول مثل الجزائر و تركيا و روسيا و غيرهم دول مارقة حيث أن هذه الدول لم تخضع أبدا كي تكون مرتعا للتجربة الشعبوية ومؤسساتها القومية و مشتركها القومي الإستراتيجي عميق لذلك تصدت و لازالت. الشعبوية أو الفاشية الجديدة هي تبحث لها عن موطأ قدم هنا و هناك و العالم العربي طبعا ليس ببعيد...عن هذه العدوى.... الشعبوية هي أهم مخرجات الفوضى الخلاقة التي يعيشها عالمنا الإنساني اليوم. و بما أن الطبيعة تأبى الفراغ فالولاياتالمتحدة تركت المساحة التي كانت تحرص فيها على ريادة العالم إلى الغيب و هنا تبرز الصين في أول إمتحان كوني في مرحلة الإنتقال إلى التعددية القطبية. الصين في رؤيتها الإستراتيجية التي عبرت عنها بكل علنية خلال حقبة الرئيس كسي جمبنق وهي الطريق و الحزام أو طريق الحرير الجديد..هي رؤية عالية و ليست رؤية صينية إلا أن نظرة الإعلام الغربي رسخ في الذهن أنها برنامج الصين للتحكم في العالم وهذا مفهوم طبعا فالغرب لن يقبل بسلاسة أن يكون رقم إثنين بعدما تربع على عرش ريادة العالم لما يقارب 300 سنة و لكن سنن التاريخ لن تقف عند رغبة الغرب من عدمها و لا عند طموح الصين أيضا بينما ما يحصل فعليا أن الفراغ لن تملئه قوة واحدة صاعدة بل قوى متعددة لديها تقريبا نفس الرؤية و هنا لأول مرة قد تتخلص الإنسانية من أكبر أحتلال... الأخطر هنا أن العالم إذا ما لم يجد توازنه في هذا التحول نحو تعددية الأقطاب فإنه لن يكون هنالك مفر من الحرب العالمية الثالثة... اليوم أيضا هي فرصة تاريخية للدول الصغيرة التي لم تكن قادرة على بناء رؤيتها التنمية باستقلال تام أن تحقق لأول مرة فرصة للإنتاج القيمي الحقيقي و الإنتاج الحقيقي لقيمتهم المضافة التي يحددونها هم لا المضاربة في الأسواق العالمية....هذا مجرد نموذج الرؤية الجديدة....