الجمعة: الحرارة في ارتفاع طفيف    بريطاني يرسب في اختبار القيادة النظري 128 مرة    لطيفة العرفاوي في الشارقة لدعم مبادرة "أطفال يقرؤون" لصالح مكتبات تونس    أخبار النادي الإفريقي ...البنزرتي يفتح النار على الحكام والمحلّلين    من إرهابي مطلوب إلى ضيف مبجل في البيت الأبيض .. الجولاني يسلّم مفاتيح دمشق    على مدار السنة وخاصة التمور وزيت الزيتون ..وزير التجارة يؤكد دور البنوك في تمويل الصادرات    مركز التوليد وطب الرضع بتونس يتسلّم مجموعة معدّات طبية هبة من المنظمة الدولية للهجرة    فتح باب التسجيل ضمن قائمة حجيج مكفولي التونسيين بالخارج في هذا التاريخ    عاجل/ تم ضبطه في مطار قرطاج: هذا ما تقرّر ضد شاب يهرّب "الكوكايين" في أمعائه    نبض الصحافة العربية والدولية ...الصهاينة يحرقون مسجدا في الضفة    أيام قرطاج المسرحية ..يحيى الفخراني نجم الدورة و«حلم» الجعايبي يتحقّق    كم مدتها ولمن تمنح؟.. سلطنة عمان تعلن عن إطلاق التأشيرة الثقافية    خطبة الجمعة ...استغفروا ربّكم إنه كان غفّارا    الاختلاف بين الناس في أشكالهم وألوانهم ومعتقداتهم سنّة إلهية    السكن الاجتماعي: أراض بالدينار الرمزي لفائدة محدودي الدخل    وزير الإقتصاد ورئيسة المجمع التونسي لصناعة مكونات الطائرات يتباحثان آفاق القطاع في تونس    حالة الطقس هذه الليلة    الكاف: افتتاح موسم جني الزيتون وسط توقعات بإنتاج 18 ألف قنطار من الزيتون    الرابطة الثانية: تعيينات حكام مباريات الجولة التاسعة ذهابا    إنتقالات: روبرتو مانشيني مدربًا جديدًا للسد القطري    عاجل : وفاة المحامي كريم الخزرنادجي داخل المحكمة بعد انتهاء الترافع    هذا ما جاء في جلسة بين الترجي الجرجيسي والمسؤول على التحكيم !    أسعار القهوة تسجّل أكبر انخفاض في الأسواق العالمية..#خبر_عاجل    ديوان الافتاء يعلن نصاب زكاة الزيتون والتمر وسائر الثمار    معهد باستور بتونس: عدد براءات الاختراع المودعة لا يتجاوز 5 سنويا    عاجل/ صراع جديد بين المنظمة الشغيلة ومنظمة الأعراف    القصرين: تسجيل 331 مخالفة اقتصادية وحجز أكثر من 45 طنا من الخضر والغلال خلال شهر أكتوبر المنقضي    القيروان: إيواء تلميذتين بقسم الإنعاش بعد تناولهما داخل المعهد مبيدا للفئران    عاجل: للتوانسة... ديوان الافتاء يحدد مقدار زكاة الزيتون والتمر لسنة 1447 ه    حمدي حشّاد: تونس تحت موجة حر متأخرة    ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الصهيوني على غزة..#خبر_عاجل    تايكواندو: عناصر المنتخب التونسي للأصاغر والأواسط يتحوّل الى الدوحة للمشاركة في دورة قطر الدولية    عاجل/ اتحاد الفلاحة يحذّر التونسيين من استهلاك هذه المادة..    زغوان: تخصيص اعتماد بقيمة 17 مليون دينار لتهذيب 3 محطات لمعالجة المياه المستعملة وتجديد تجهيزاتها    اتّحاد الفلاحة يطالب بتخفيض أسعار الأجبان لحماية صحة المواطن    تونس تشارك في بطولة العالم للشبان لكرة الطاولة برومانيا من 23 الى 30 نوفمبر بلاعبين اثنين    9% من التوانسة مصابين بأمراض الكلى    أزمة صحية عالمية.. انفجار في معدلات ارتفاع ضغط الدم بين الأطفال    عاجل/ السجن لموظف بقباضة استولى على 20 ألف دينار..وهذه التفاصيل..    منهم إيوان والأخرس وهالة صدقي.. ألمع النجوم المرشحين لنيل جائزة نجوم تونس    ميزانية أملاك الدولة 2026 ترتفع إلى 94 مليون دينار.. أين ستذهب الأموال؟    وزارة السياحة تحذر المعتمرين من التعامل مع مكاتب أو أفراد غير مرخصين لتنظيم العمرة    انطلاق مناقشة مشروع ميزانية مهمّة أملاك الدولة والشؤون العقارية لسنة 2026    تونس تتألّق في الكراتي: إسراء بالطيب ذهبية ووفاء محجوب فضية    تونس: قافلة في المدارس باش تعلّم صغارنا كيفاش يستهلكوا بعقل    الأطباء الشبان يعلنون إضرابًا وطنيًا بيوم واحد في كليات الطب والمؤسسات الصحية يوم 19 نوفمبر    عاجل/ انقلاب قارب "حرقة".. وهذه حصيلة الضحايا..    انتقال رئاسة النجم الساحلي الى فؤاد قاسم بعد استقالة زبير بية    اغتيال مهندس نووي مصري ب13 طلقة وسط الشارع في الإسكندرية    سوسة: طفل العاشرة يحيل شيخ إلى غرفة الإنعاش    تصالح أيمن دحمان مع الحكم فرج عبد اللاوي قبل مباراة تونس وموريتانيا    ترامب يوقّع قانونا ينهي أطول إغلاق حكومي في تاريخ أمريكا    توقيع برنامج تعاون ثنائي بين وزارة الشؤون الثقافية ووزارة الثقافة الرومانية    المهدية: مواد خطيرة وحملة وطنية لمنع استعمالها: طلاء الأظافر الاصطناعية و«الكيراتين» مسرطنة    تعاون ثقافي جديد بين المملكة المتحدة وتونس في شنني    ليوما الفجر.. قمر التربيع الأخير ضوي السما!...شوفوا حكايتوا    معهد باستور بتونس العاصمة ينظم يوما علميا تحسيسيا حول مرض السكري يوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    تقديرا لإسهاماته في تطوير البحث العلمي العربي : تكريم المؤرخ التونسي عبد الجليل التميمي في الإمارات بحضور كوكبة من أهل الفكر والثقافة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحّة شريبتكم.. الشمس تدمن الشروق من .. زغوان
نشر في باب نات يوم 26 - 04 - 2020


حياة بن يادم
صحة شريبتكم، يأتي علينا رمضان هذا العام و لم أجتمع كعادتي في اول يوم افطار في بيت العائلة الذي كان قبلة الزوار فلا يرد سائل. و كان عامرا بالضيوف على امتداد الشهر الكريم. كما أن رمضان تزامن مع مرور سنة على رحيل الوالد و مازال قلبي يبكي فراقه.. و مازلت تلك الطفلة التي تبحث عن الامان فلم تجده سوى في دفئ صدره. كنت في كل مرة أدخل ذابلة للدار و تعصف بي الذكريات على عتبة الباب..
كورونا هذا العام أعفتني من أعيش ذلك الإحساس، لكنها لم تقدر أن تسلبني الشعور بالحنين إلى الزمن الجميل و إلى منشأ البدايات مقرن المياه حيث تقترن بها حنايا المياه النابعة من عين زغوان و عين جقار الموجودتين ضمن سلسلة جبال الأطلس التي تمتد من المغرب و صولا لجبل زغوان و التي يبلغ طولها 132 كلم. لإيصال الماء إلى العاصمة.
و يرجع تأسيس الحنايا إلى العهد الروماني و ما زالت آثارها موجودة على مستوى وادي مليان حيث ترتفع 50 م على مستوى الأرض و تعتبر هندسة فريدة من نوعها. حيث صممت بانحدار مدروس من المنبع جبل زغوان إلى غاية قرطاج بدرجة ميلان قدرها 0.29 د يجعل من الماء ينساب بدون بلوغ درجة السيل العنيف مما جعل المؤرخين يصفون الحنايا بالمعجزة الهندسية و يلقبونها بأهرامات تونس.
من المقرن التي تبعد عن مدينة زغوان 6 كم، تستطيع أن ترى جبل زغوان على امتداد طوله الذي يبلغ 9 كم و على ارتفاعه الذي يبلغ 1295 متر. و هو ثاني أعلى قمة بعد جبل الشعانبي. وهو الجدارية الطبيعية الجميلة التي تزين خلفية قريتي الهادئة.
يشتهر جبل زغوان بمياهه العذبة و طبيعته الخلابة مما جعل من عديد الحضارات الاستيطان بقربه. حيث تعاقبت عليه الحضارة الرومانية أين أطلق إسم "زيكا"على زغوان نظرا لإرتباطها بالجبل الذي تنضب منه العديد من عيون المياه الطبيعية. وصولا إلى الحضارة الاسلامية و احتضانها للمهجرين المسلمين من الأندلس.
و عندما تسوقك الأقدار الجميلة إلى مدينة زغوان العتيقة فادخل من "باب القوس"، وهو الباب الوحيد الذي بقي إلى الآن والمنتصب بمدخل المدينة العتيقة من الآثار الرومانية. فترفق بها و ترجل لتشتم عبق التاريخ على مدى الفصول و انت تمر بأزقتها و أنهجها التي حافظت على تراثها وطابعها العمراني الأصلي، في هندستها وزخارفها التي جسدت ازدهار العمارة على مدى التاريخ. فترى الحنفيات تتدفق منها المياه العذبة، و يعترضك الجامع الكبير.
و انت تتجه نحو مقام سيدي علي عزوز يعترضك الجامع الحنفي الذي بني عام 1620 م، وهو الجامع الرسمي للدولة العثمانية آنذاك. فقد اتبع العثمانيون الوافدون على تونس المذهب الحنفي في حين يتبع عموم أهل تونس وسائر بلاد المغرب المذهب المالكي.
ثم تأخذك قدماك إلى زاوية الولي سيدي علي عزوز الذي يعتبر من أشهر أعلام المتصوفين و الصالحين. حيث سنة 1680 م أمر الأمير محمد باشا ببناء زاوية له بعد ان تلقى منه إشارات اعتقد منه صلاحه. فكان يلعب دور المصلح الإجتماعي في فض الخصومات و في رفع الأمية عن أهالي زغوان وذلك بتحفيظ القرآن الكريم و تفسيره، و في ربط الصلة بين جامع الزيتونة و جامع عقبة ابن نافع.
و في طريقك إلى معبد المياه تعترضك المنازل محاطة بالحدائق المسيجة بالنسري التي تنبعث منها روائح زكية عند تفتح زهورها أواخر الربيع، معلنة موعد قطفها للتقطير و ذلك عند الساعات الاولى من النهار قبل أن ترتفع درجة الحرارة. وماؤه فيه شفاء للقلب و يستعمل في صنع الحلويات و خصيصا في صنع كعك الورقة.
و كانت تسقى هذه الحدائق بنظام فريد لتوزيع الماء في قنوات وحنايا محلية مقابل سعر رمزي يسمى "التبنة"، وهي وحدة قياس للماء تمنح حسب حاجة الدار تحت إشراف أمين الماء. و هذا النظام ما يزال ساريا إلى اليوم عندما صدر القرار عدد 150 المؤرخ يوم 3 أفريل 1961 يثبت الحقوق التاريخية لما يقارب 188 بيتا من سكان البلدة في نظام "التبنة".
و على مسافة 3 كم من المدينة العتيقة تجد المركب المائي "معبد المياه" الذي يعود تأسيسه للعهد الروماني. وهو مجمع أثري في شكل معبد مقام على عين بسفح جبل زغوان متخذا شكلا نصف دائري تم إنشاؤه بغاية جلب المياه من زغوان إلى قرطاج التي كانت مركز الحكم آنذاك. و من أهم العيون عين عياد.
و إن كنت من المغامرين الشبان فالجبل يعتبر محيط بيئي ممتاز بمغاوره وكهوفه ودواميسه الغنيّة بالعديد من النّباتات والحيوانات. و من أهم المغارات مغارة "الشيطان" الموجودة في أعلى قمة جبل زغوان و مغارة "المجانين الاربعة" و مغارة "معبد المياه" و مغارة "سيدي بوقبرين". و سيدي بوقبرين هو ولي صالح شيد مدرسة وزاوية وسط جبل زغوان. وكانت قبلة للمتصوفين التونسيين مثل سيدي أبو الحسن الشاذلي والسيدة المنوبية وغيرهم.
أنا لا أسرد عليكم زغوان بخلفية سياحية و لا حتى تاريخية، بقدر ما هو عرض بطريقة طبيعية لأهم معالمها التراثية في رحلة عبر الزمن أردت منها فقط الهروب إلى الماضي و إلى الزمن الجميل من هذه الرطوبة "الكورونية" الخانقة.
عندما تضع معارك الحياة غبارها فإن زغوان هي قبلة النهايات، كل مدن بلادي جميلات لكن اعذروني، مدينتي جميلة الجميلات. و عندما تدمن الشمس الشروق من مكان ما فاعلموا انها من زغوان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.