فوق ربوة لا يبعد كثيرا عن معبد المياه بجبل زغوان شيد المتحف البيئي الذي كان قد دشنه سيادة الرئيس زين العابدين بن علي بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي والوطني للبيئة منذ ثلاث سنوات... ففي هذا الموقع باستطاعة الزائر أن يشاهد بالعين المجردة بعض تفاصيل المرتفعات المجاورة مثل وعورة التضاريس... والاجراف الصخرية الشاهقة ومحطة الارسال التلفزي بجبل «بوكبوس» وقمة رأس القصعة... وهي أعلى نقطة بالحديقة... انه المتحف البيئي الأول الفريد من نوعه في العالم العربي وافريقيا... يجسد هذا المكون بدقة متناهية الاطار العام لمغارة جبلية عميقة بما تتضمنه من مرتفعات ومنخفضات... كما يحتوي هذا الفضاء على بعض النماذج من صخور جبل زغوان وحفريات تم العثور عليها بالمنطقة... ويوشح الواجهة الأمامية لهذه المغارة رسم جميل لمشهد صيد يماثل ما كان يرسمه الانسان خلال فترة ما قبل التاريخ على جدران المغاور والكهوف التي يحتمي بها من بطش الحيوانات الضارية كالأسد والدب الرمادي العملاق. وفي الرواق الموجود على يمين المدخل لوحتان كبيرتان تعبران عن تنوع الفراشات وجمالها، سواء النهارية منها أو الليلية مما أهل هذه الكائنات الظريفة للحصول عن جدارة لقب المجوهرات الطائرة الطبيعية... وفي الجوار بامكان الزائر أيضا معاينة بعض النماذج المجمعة لحشرات ونباتات الحديقة الوطنية بزغوان البعض منها نادر مثل الرند... والفرنان... واللنج... بالنسبة للنباتات أو فراشة مقرن والسيتوتية الخضراء والسرطانية المكتئبة... بالنسبة للحشرات... وعلى اليسار توجد لوحة كبيرة حول كثيرات الأرجل وقشريات اليابسة... خلفها لوحة ثانية تجسد بعض الأنواع من العنكبوتيات التي تعيش بالحديقة نذكر منها بالخصوص العنكبوت السلطعون الذي يملك قدرة عجيبة على التمويه والاختفاء بين الحشائش. في الجهة الأخرى توجد لوحتان رائعتان لبعض أنواع الطيور والجوارح التي يمكن مشاهدتها بجبل زغوان والتي وجدت في كثافة الغطاء النباتي وارتفاع الأجواف الصخرية خير ملاذها للراحة والاختباء والتناسل... في هذا الصدد يمكن التأكيد على الحضور المميز للجوارح بالحديقة سواء منها المقيمة أو المهاجرة أو العابرة اذ أحصي منها حوالي عشرون صنفا جارحا نهاريا وأربعة أصناف جوارح ليلية... انها الدقة... كما يوجد بالمتحف البيئي مجسم حول الحنايا يهدف الى تذكير الزوار بالمعلم التاريخي الشهير طريق الماء من زغوان الى قرطاج والذي تم تشييده خلال فترة الحكم الروماني للامبراطور «هادريات» في هذا المركز تعرض نماذج من الصناعات التقليدية بالجهة وصناعة الحلفاء وصناعة الزربية ومستلزمات تقطير زهرة النسري التي اشتهرت بها مدينة زغوان عن غيرها من المدن التونسية منذ قديم الزمان... وفي ما يخص أهم التجهيزات التي يتم استعمالها من قبل عشاق تسلق الجبال والمغامرين فإنه وقع تخصيص ناحية في هذا المتحف للأطلاع على أهم ما يمكن استعماله قصد اكتشاف المغارات ورغم مشقتها فإن المتعة الكبيرة التي يجدها المرء لدى اكتشافه لمغارة جديدة بما فيها من خبايا وعجائب تنسيه دون شك التعب والاجهاد... يجسد هذا الركن أيضا أشهر المعالم الدينية بمدينة النسري وهو مقام الولي الصالح سيدي علي عزوز الذي شكل منذ القدم قبلة للزائرين الوافدين عليه قصد التبرك وممارسة بعض الأنشطة ذات الطابع الروحاني... وبالطابق العلوي للمتحف البيئي توجد ثلاث لوحات كبيرة تعكس ثراء الحديقة بالثدييات كما توجد كذلك مجسمات لبعض اللبونات مثل الخنزير البري... وابن آوى... وهي الأكثر شيوعا والضبع المخططة التي تعتبر من الحيوانات النادرة بالمنطقة...