وات - ( تحرير فاتن الباروني)- "يستغرق إنجاز المناطق الصناعية حيزا طويلا من الزمن يناهز 6 سنوات وسنتين أو ثلاث إضافية لاستكمال الإجراءات قبل الانطلاق في عمليّات تهيئة الأراضي وإعداد الدراسات والتراخيص وطلب العروض. كما يتطلب إنجاز المناطق ذاتها تدخل أكثر من 14 وزارة وهيكل عمومي. " "وفي ظل ذلك قامت الوكالة العقارية الصناعيّة بإعداد مقترح مشروع نص قانوني سيعرض قريبا على أنظار رئاسة الحكومة بهدف التقليص في آجال التنفيذ بالنسبة لهذه المشاريع الصناعية"، وفق ما تقدّم به الرئيس المدير العام للوكالة العقاريّة الصناعية، سهيل شعور، في حوار مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء(وات). واعتبر شعور أنه من "غير المعقول" أن تتحصل الوكالة على موافقة وزارة أملاك الدولة والوكالة الوطنية المكلفة بالمشاريع العمومية لانجاز وتهيئة مناطق صناعية ومن ثم ترجع إلى نقطة البداية للقيام باجراءات تغيير صبغة الأرض من فلاحية إلى صناعية والحصول على التراخيص اللازمة لإعداد الدراسات... وأبرز أن طول وتعقيد كل هذه الاجراءات تؤدي إلى صعوبة احترام آجال تنفيذ المشاريع المبرمجة في المخططات الخماسية للوكالة كما تؤثر على نسق العمل، رغم تسديد نحو 75 بالمائة من الكلفة الجملية مسبقا للمتدخلين العمومين. وتابع قوله "اضطرت الوكالة في أكتوبر 2018 إلى مراجعة مخطط المشاريع المبرمجة، الذي كان يشمل تنفيذ 42 منطقة صناعية إضافة إلى حوالي 6 مشاريع أخرى من المخطط الأسبق، ليتم تأجيل إنجاز 15 مشروعا لأسباب تتعلق بالميزانية أو الآجال المحددة أو ضعف المبيعات في بعض الجهات". ضعف المبيعات يعدّ من أكبر إشكاليات تحقيق المشاريع الصناعية شهدت بعض المناطق الصناعية صعوبة على مستوى المبيعات والتي كادت تنعدم في بعض الجهات ممّا أعاق انجاز بعض المشاريع الجديدة. ولم تتجاوز نسبة هذه المبيعات 7 بالمائة في المنطقة الصناعية القصرين 3، الممتدة على 170 ألف متر مربع، في ما لم تتجاوز هذه النسبة 11 بالمائة في الكريب بسليانة (مساحة جملية تقدر ب045 70 متر مربع). في حين سجلت بعض المناطق الصناعية عزوفا من قبل المستثمرين على غرار غريبة بصفاقس (حوالي 80 ألف متر مربع) وسجنان القسط الأول في بنزرت (أكثر من 135 متر مربع). واعتبر المسؤول الأول عن الوكالة العقاريّة الصناعيّة أن طول اجراءات تهيئة وبناء المناطق الصناعية وكثرة عدد المتدخلين في الإنجاز (بين 14 إلى 18 وزارة وهيكل عمومي) ساهم في جعل من الاقتناءات بالمناطق الصناعية في مستويات متدنية . كما أوضح أن الوكالة أصبحت تقتني الأراضي بالسعر الحقيقي إثر انقضاء العمل بالقانون الاستثنائي، القاضي باقتناء الأراضي المخصصة للتنمية الجهوية بالدينار الرمزي، مما أدى إلى ارتفاع كلفة الانجاز وبالتالي على أسعار بيع المقاسم الصناعيّة المهيّأة ة. اعتماد مقاربة تشاركيّة ضمن مخطط 2021 /2025 كما تتعرّض عمليّة إنجاز المناطق الصناعية، في البداية عند تحديد الاراضي، التّي ستقام عليها، لاشكالات هامّة بسبب غياب محطّات للتطهير وذلك لافتقار الديوان الوطني للتطهير للاعتمادات اللازمة لذلك، وترفض بالتالي الوكالة الوطنية لحماية المحيط القيام بدراسة المؤثرات على المحيط ما إن لم يتم إنجاز محطة تطهير. لذلك اعتمدت الوكالة العقارية الصناعية، ضمن مخطط 2021/ 2025، على توجّه جديد يضمن حسن اختيار المواقع الصناعيّة بصفة موضوعيّة ووفق مقاربة تشاركية مع كافة الولاة لتحديد حاجيات وأولويّات كل جهة طبقا لتوجّهات المخططات التنموية للبلاد. وأكد أنّه يتم التركيز، حاليا، على انجاز المشاريع في مناطق قريبة من عدّة معتمديات ومرتبطة بشبكة الطرقات وشاسعة، تقارب مساحتها 100 هكتارا، لفسح المجال لتوسعتها. كما انطلقت الوكالة في انجاز المناطق الصناعية وفق نموذج مندمج يستجيب للمعايير الدولية الحديثة، والتي يتوفر بها كافة الضروريات للعمل على غرار الخدمات البريدية والبنكية والنقل والسكن والمطاعم والأمن... ويذكر أن مشروع "جعفر رواد" بولاية أريانة (تونس الكبرى)، الممتد على 120 هكتارا، سينطلق في جوان 2021، وهو أوّل نموذج للمنطقة الصناعيّة المندمجة في تونس سيشمل منطقة صناعية وأخرى سكنية تضم جميع المرافق الضرورية بكلفة جملية تناهز 100 مليون دينار. كما وقعت الوكالة خلال شهر جوان 2020 على مثال التهيئة التفصيلي للمنطقة الصناعية "السرس" (ولاية الكاف)، الذّي يعد أهم قطب صناعي تنموي بالجهة، سيغطي نحو 80 هكتارا وسيساهم في دفع التنمية الجهوية بمناطق الشمال الغربي. ضرورة تركيز مناطق صناعية مختصة واعتبر شعور أن انجاز المناطق الصناعيّة مع تحديد الأنشطة، التي تختص بها بات ضروريا مستقبلا لكن لا بد أن يتم تنفيذ ذلك بشكل مرحلي . وأفاد أن الاستثمار في المناطق الصناعية المحدثة سابقا لا يرتبط بأنشطة محددة بل يعتمد على طلبات المشغل وامكانيات الجهة المعنيّة وتوفّر اليد العاملة ومجالات تخصصها. وأضاف أن كل هذه العوامل تؤدي إلى تجزئة المناطق الصناعيّة إلى مقاسم صغيرة تجمع قطاعات مختلفة وأحيانا متناقضة (صناعات نظيفة وأخرى ملوثة) في نفس المساحة. ورغم ذلك، تمكنت الوكالة من إرساء مناطق صناعية مختصة على غرار منطقة المغيرة لصناعة مكوّنات السيّارات ومنطقة تطاويين المختصة في صناعة الجبس وقريبا تخصيص منطقة صناعية "أم العظام" في سيدي بوزيد لفائدة الصناعات الغذائية. وأشار إلى استعداد الوكالة للانطلاق في إنجاز 8 مشاريع صناعية بداية من سنة 2021، وذلك بعد أن نجحت في الحصول على مصادقة "اللجنة الوطنية للموافقة على المشاريع العمومية" لبرمجة التمويلات الخاصّة بها ضمن ميزانية الدولة. رقمنة عمل الوكالة العقاريّة الصناعيّة أعلن المسؤول عن الوكالة الانطلاق الفعلي في رقمنة عمل الوكالة الصناعية، باعتباره من أولويات وزارة الصناعة في هذا المجال، من خلال وضع خارطة رقمية تضم المشاريع في كل الجهات بتمويل ألماني وتهدف هذه الخارطة الرقمية إلى تمكين المستثمر من التعرف على مختلف المناطق الصناعية في كل الجهات، بشكل حيني، إضافة إلى تحديد المقاسم المعروضة للبيع ليقوم باختيار المساحة المرغوب فيها وارسال طلبه. . وقد تذمر بعض الصناعيين، لاقتهم (وات) من غياب هذه المعطيات وصعوبة اختيار المقاسم لذلك "يضطرون إلى تقديم مطالبهم دون معرفة الجهة التي سيمكنهم العمل بها". لذلك عملت الوكالة خلال فترة الحجر الصحي (شهري مارس وافريل 2020) على إدراج أهم المعطيات المتعلقة بالمناطق الصناعية على موقعها الرسمي وتحيينها شهريّا يدويّا سعيا منها لتلافي هذا النقص وتجنيب المستثمر عناء التنقل على عين المكان خلال الجائحة الصحّية. . وأكد شعور أن هذا العمل ساهم في ابرام ما يزيد عن 50 عقد بيع خلال فترة الحجر الصحي، باعتماد الاجتماعات الافتراضية، لاسناد مقاسم صناعية مختلفة في باجة وسجنان من ولاية بنزرت.