اتفاقية تمويل بقيمة 1333 مليون دينار لفائدة الستاغ..#خبر_عاجل    بطولة الرابطة المحترفة الثانية: تعيينات حكام مباريات الجولة العاشرة    عاجل: اعتقال لاعب دولي سابق بسبب نفقة ابنه!    نابل: تراجع الثروة السمكية وتجديد الدعوة لتفعيل الراحة البيولوجية    عاجل/ كأس العرب "قطر 2025": قائمة المنتخب التونسي    كأس العرب: قائمة القنوات الناقلة لمنافسات المسابقة    نائبة بالبرلمان لوزير التربية: الكتاب المدرسي للسنة الرابعة ابتدائي يطبّع مع المثلية ...وينك سيّد الوزير    عاجل : انقطاع للتيار الكهربائي في منطقة القلعة الصغرى يوم الأحد    الشركة اليابانية متعددة الجنسيات متسوي آند كو تستكشف السوق التونسيّة    ماكرون يعبر عن استعداده لحوار جاد وهادئ مع تبون    عاجل/ قضية عبير موسي..هيئة الدفاع تكشف تطورات جديدة..    عاجل/ العثور على جثة امرأة بهذه الجهة..    عاجل/ نتنياهو يوجه هذه الرسالة لسوريا.. ويكشف أسرار "زيارة الجنوب"..    الحكم الشاب "قيس الورغمي" في ذمة الله    وزير التشغيل يتفق ونظيرته الجزائرية على دراسة إمكانية إحداث أكاديمية مهن مشتركة في إحدى المناطق الحدودية    عاجل/ العثور على جثة فوق سطح عمارة بهذه الجهة..    عاجل: الحماية المدنية تُحذّر أهالي جندوبة...إذا ستحقّيتنا أطلب 198    يونيسف: استشهاد طفلين على الأقل يومياّ في غزة منذ وقف إطلاق النار    اليوم وغدا: انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة وأمطار بهذه المناطق    شكون فاطمة بوش الفائزة بلقب ملكة جمال الكون 2025؟    قبلي: نزول كميات هامة من الامطار على عدد من مناطق الولاية واستبشار الفلاحين بها    نيجيريا: مسلحون يختطفون 52 تلميذا من مدرسة    ألعاب التضامن الاسلامي: تونس تحرز برونزية الفرق في سلاح السابر    قليبية: العثور على جثة مفقود داخل بئر في ضيعة فلاحية    وزير الشباب والرياضة يجتمع برؤساء وممثلي أندية الرابطة الثانية لكرة القدم    انطلاق مهرجان الخط العربي بالجريد في دورته الخامسة    عدنان الشواشي يكشف تفاصيل "البدعة التلفزية" ما بعد الثورة... ويثير موجة تضامن واسعة    رغم فوائده الصحية.. 6 مخاطر محتملة للشاي الأخضر..    رابطة أبطال إفريقيا : تراكم الإصابات لا تثني الترجي عن البحث عن انطلاقة قوية أمام الملعب المالي    عاجل: المخدّرات وراء حرق 5 سيّارات بجبل الجلود    10 سنوات سجنا لشاب نفّذ براكاج ضدّ سائق تاكسي في المروج    الترجي الرياضي يعلن..#خبر_عاجل    زلزال يهز هذه المنطقة..وهذه حصيلة الضحايا..خبر_عاجل    مواعيد التأشيرات والرحلات للحجّاج التونسيين    وزيرة الشؤون الثقافية تكشف ملامح الإصلاح الشامل للقطاع: مشاريع كبرى وهيكلة جديدة للتراث وخارطة وطنية للمهرجانات ضمن رؤية تنموية 2026–2030    الخير جاي لتونس: ديسمبر يبدأ بالغيث النافع    "مفاجأة" في خطة إنهاء حرب أوكرانيا.. ضمانات غير مسبوقة    ممثّل عُمّال الحضائر جمال الزموري: القرار الأخير لتسوية الملفّ خطوة مهمّة... لكن    في مناقشة مشروع ميزانية وزارة الشؤون الثقافية: انتقادات لضعف أداء القطاع الثقافي وتأخر البرامج والمشاريع    مكسيكية تفوز بلقب "ملكة جمال الكون" 2025    وزير التربية : الإصلاح التربوي في تونس سيقوده المجلس الأعلى للتربية    لبنان.. تحديد موعد محاكمة الفنان فضل شاكر أمام المحكمة العسكرية    خطبة الجمعة: الإحسان إلى ذوي القربى    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    الضريبة في الإسلام رافد هام من روافد التنمية    المعلّق الذي شغل الناس .. عامر عبد الله موهبة إماراتية بروح تونسية    السبت مفتتح شهر جمادي الثانية 1447 هجري..    عاجل: المسرحية التونسية'عطيل وبعد' تحصد 3 جوائز في مهرجان الأردن المسرحي    JMC VIGUS ب 70 مليون : البيك آب اللي كسّر الأسعار في تونس    الشتاء والماكلة: وقتاش ''لازمك تتعشى'' بش تحافظ على صحتك ؟    ضوء خفي يهدد قلبك.. دراسة تكشف خطرا أثناء النوم..!    قهوة مصنوعة من الصراصير تثير الجدل    عاجل : خبر سار لصغار الفلاحين التونسيين ...اجراءات جديدة و هذه أهمها    يحي الفخراني في تونس    عودة أيام الصيانة هيونداي «Hyundai Care Days» : ألفا هيونداي موتور وتوتال إنرجيز يجددان التزامهما بحملة ما بعد البيع المميزة من 17 إلى 28 نوفمبر 2025    حيلة زوجان حققا تخفيض مذهل في فاتورة الطاقة    الدكتور ذاكر لهيذب: ''ملعقة زيت الزيتون... درعك الأوّل ضد الجلطات''    لماذا سمي جمادى الثاني؟ أصل التسمية والأحداث التاريخية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليلة أن داهمنا اللّصوص
نشر في باب نات يوم 06 - 05 - 2021


الطاهر العبيدي
بعض تفاصيل المنفى
في أول أسبوع من مغادرتي لتونس بعد فراري من حكم نافذ، في قضية سياسية تحت نظام جائر، ودخولي سرّا إلى مدينة "الونزة" بالجزائر..
بدأت رحلة أخرى وأياما صعبة مخضّبة بالمتاعب، مدجّجة بتتالي الأحداث وتراكم المصاعب..لأجد حالي في بلد آخر، بلا وطن، بلا شغل، بلا مستقبل، بلا أفق، وبلا وثائق..
من خلفي ضباب، وأمامي سراب، وورائي أهل وأصدقاء وأحباب..وما معي سوى حقيبة مرصّعة بالحنين ولوعة الفراق، مخرّبة بالهجر القسري والذكريات..لتبدأ رحلة البحث عن بقايا أحلام، عن بعض استقرار، عن قليل من أمان، عن شيء من اطمئنان..وعن ملامح هدوء يبدو صعب المنال..
بين دولتين كنت طائرا دون جناح
تزامن وجودي في الجزائر مع الانقلاب على الانتخابات التشريعية التي فازت فيها الجبهة الإسلامية للإنفاذ. وبدا الوضع السياسي مضطربا، حيث انتشرت العمليات المسلحة والتفجيرات، وتتالت الاعتقالات في صحراء " رقان " وغيرها من الأماكن..وصار الوضع خطيرا وغير آمن، خصوصا تجاه من كان في مثل وضعيتنا بلا وثائق في أيّ لحظة مهدّدا بالسجن والترحيل دون شفقة ولا تراجع..
أحد اللاجئين اليوسفيين سعى لمساعدتي
في إطار البحث عن شيء بسيط من الاستقرار، سعى قريبي المرحوم " احمد معلم " رجل الشهامة والمواقف، ومن ورائه البعض من أخيار قبيلتنا " أولاد سيد عبيد " الأشاوس، إلى إيجاد شغل لي لعلني أحصل على الإقامة اعتمادا على جذوري الجزائرية، حتى أتخفّف قليلا من الهاجس الأمني. فذهبت معه لمقابلة صاحب مصنع لتصدير القهوة في مدينة " الونزة "، تونسي من "اليوسفيين" يسمى "محمود النابلي" وأضن لقبه مستعار، وهو لاجئ سياسي منذ ثلاثين سنة بالجزائر، لم يعترض رغم معرفته بوضعيتي، وانتدبني للشغل في المصنع دون عناء وتسلم جوازي " المدلّس " ومعه صوري الشخصية، ووعد بالسعي والمحاولة كي يساعدني في إمكانية الحصول على الإقامة..
ما سبب فقدان لساني؟
كان الشغل في هذا المصنع سهلا وخفيفا وغير متعب، ولكن مرور الوقت فيه ثقيلا جدا يصيب بالضجر والنكد، خصوصا وأني اعتصمت بالصمت أمام جمع من العمال، تفاديا للأسئلة والشّك، وكي لا تنكشف لهجتي فتحاصرني الألسن بالتقصّي والبحث. مرّ أسبوع على شغلي هذا المدجّج بالملل والقلق، والذي كنت أثنائه صامتا صمت البحر، وفي داخلي براكين تزمجر كالغليان والحمم، تزاحمت فيه الأحداث والصور، لتتحوّل لمراجعات واستنطاق لمواقف ومفاهيم أصابها الضرر، وقناعات وطروحات صارت محل نظر، وأحلام انكشف عنها غطاء الرأس، فباتت أشلاء متناثرة على أرصفة الملأ كشفها واقع الأرض...
اقترب مني صاحب المصنع إداريا، وكان حين يخرج العمّال يستعين بي لأساعده في التحرير وترجمة بعض الوثائق. ويعوّل عليّ في إنجاز بعض الملفات. وبعد مرور أسبوع، طلب مني أن أقيم مع حارس المصنع في " فيلا " داخل أصوار المعمل، بدلا من الإقامة عند أقاربي تجنبا لعيون الأمن، واتقاء لأيّ طارئ في مثل هذا الوضع..
حارس المعمل تونسي في رتبة محقق
أمضيت ليلتي متقاسما السكن مع الحارس تونسي من الوسط حسب ما ذكر اشتركنا الإقامة في" فيلا " فسيحة متعدّدة الغرف، غير أنه ضاق بي هذا المكان، رغم رحابته نتيجة أسئلته المتهاطلة؟؟؟بدأها بسؤالي عن اسمي، فأعطيته اسما جاء على لساني دون تفكير، وعن شغلي الحقيقي، أجبته كما ترى عامل يومي، فقال يداك طرية فلا يمكن أن تكون "خدام حزام"، ثم طلب منّي أن أحرّر له مطلبا إداريا، فأجبته بأني لا أعرف الكتابة ولا القراءة. فاقسم بأغلظ الإيمان أني غير صادق في قولي. وأن ورائي قصة وتواصل الاستنطاق وأنا أتواري من قصف الأسئلة، متحاشيا التقصّي والبحث...
جوازي المدلّس وصوري مرمية أمام الجميع على الارض
في الصباح فوجئنا بأنه وقع السطو على المصنع. حيث وقع خلع الخزنة المؤمّنة للنقود والوثائق. وقد اخذوا منها المبلغ الموجود، وأخرجوا جوازي "المضروب " الذي كان فيها مع صوري ورموهم في ساحة المعمل، والكل تفرّج عليهم. أحسست بالخجل والحرج، في أول ليلة أبيت فيها في البيت، الذي بينه وبين المصنع حوالي ثلاث أمتار، تتزامن السرقة والخلع مع وجودي على عين المكان، وكأنني السبب فيما وقع وما كان..
كيف كان البحث والتحقيق؟
جاء بعض الباحثين من البوليس للمعاينة ومعهم رئيسهم، الذي عرفني وحيّاني بإيماءة، حيث سبق وأن قابلته في اليوم الثاني من قدومي إلى مدينة "الونزة" رفقة قريبي الذي طلب منه المساعدة في تمكيني من بطاقة إقامة، وروى له بوضوح أني فار من نظام " بن علي "، فوعد بعدم التعرّض لي، والتدخل لتحقيق هذا المسعى، وطلب من قريبي أن يجد لي شغلا حتى يسهّل عليه الأمر..
ضننت أنهم سيحققوا معي ومع الحارس، وستفترسنا العصا فأعترف باطلا بأني سبب نكبة العرب، وضياع فلسطين، وتعثّر التنمية، والمسئول عن هروب شباب الاستقلال في قوارب الموت، وتعطل أحلام الشعوب العربية في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
غير أنه ولله الحمد لم يقع لا تحقيق ولا استجواب ولا بحث. وفي يومها غادرت شغلي هذا من تلقاء نفسي نهائيا دون حتى أخذ مستحقاتي أو أيّ فلس..
وللتفاصيل تفاصيل أخرى..وللحكاية حكايات أخرى..وللأحداث مساحات أخرى..ولكم سادتي المتابعين والقرّاء لقاءات أخرى، ومحطات أخرى..من رحلة الليالي الخوالي وتصاريف الأيام والمسافات...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.