سيدي بوزيد: تنظيم يوم تكويني بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية تحت شعار "من الذكاء البشري الى الذكاء الاصطناعي التوليدي"    مدنين: اعادة فتح مكتب بريد المحبوبين بجربة ميدون بعد استكمال اشغال تهيئته وتعصيره    كأس العرب قطر 2025: المنتخب القطري يسعى لتصحيح المسار في مواجهة نظيره السوري غدا الخميس    مونديال كرة اليد سيدات: المنتخب التونسي في المجموعة الثالثة بالدور الرئيسي الى جانب منتخبات فرنسا وهولندا والنمسا وبولونيا والارجنتين    الليلة: الحرارة تنخفض الى 3 درجات مع اجواء ممطرة    وزارة المالية تفتح مناظرة خارجية لانتداب 250 عريفا بالديوانة التونسية    تونس: تطبيقات عن بعد باش تعاون التلامذة ذوي الاحتياجات الخصوصية    مباراة تونس وفلسطين في كأس العرب 2025....وقتاش ووين تنجم تتفرج ؟    عاجل/ إمرأة تضرم النار في جسدها بمقر هذه المعتمدية..    أزمة جديدة: الصيدليات ما عادش تعطيك الدواء وتستنى تُخلص مالكنام    قانون المالية 2026/ المصادقة على الفصل الإضافي عدد 109المتعلّق بنظام الراحة البيولوجية في قطاع الصيد البحري    كأس العرب: تشكيلة المنتخب الوطني في مواجهة نظيره الفلسطيني    عاجل: تخفيضات تصل إلى 30٪ على وجهات مختارة من الخطوط التونسية ليوم واحد فقط    إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تعتزم التقليل من التجارب على القردة    أطباء بلا حدود تطلق صيحة فزع: عشرات الآلاف في غزة بحاجة عاجلة للإجلاء الطبي..    عاجل/ قانون المالية: نحو إعادة عرض هذه الفصول المرفوضة على الجلسة العامة بالبرلمان    احذروا هذا القاتل الصامت..#خبر_عاجل    بورتريه: فلاديمير بوتين.. الإمبراطور    سامي الطرابلسي: ليس لدي أي ندم.. ونحن مقتنعون بالخيارات التي قمنا بها    تونس: 3 مؤسسات عمومية تنتفع بالطاقة الشمسية    عاجل/ قرار إسرائيلي جديد بشأن معبر رفح..    تطاوين: تواصل موسم جني الزيتون بإنتاج واعد وارتفاع ملحوظ في الغراسات المروية    الملعب التونسي: التركيبة الكاملة للإطار الفني الجديد    البرلمان يصادق على فصل يسهّل على المصدّرين إثبات رجوع المحاصيل    وجبة خفيفة يوميا/ تؤدي إلى قوة الذاكرة..تعرف عليها..    محرز الغنوشي: بداية من الليلة القادمة...وصول التقلّبات الجوية الى تونس    عروض فنية متنوعة وورشات ومعارض ومسابقات في الدورة الثانية للأيام الثقافية بجامعة منوبة    ليبيا.. وزير الداخلية بحكومة الوحدة يحذر من مشروع توطين صامت    إدارة ترامب تصدر قرارا بشأن الهجرة وتفصل قضاة مكلفين بها    مداهمات أمنية في الزهروني تطيح بعدة شبكات وعصابات إجرامية    أرقام صادمة.. مقتل 45 ألف طفل سوداني واغتصاب 45 قاصراً بالفاشر    ابنة نور الدين بن عياد توضّح: "المنجي العوني أوّل من قدّم لي التعازي"    مفاجأة المونديال 2026: فيفا يغيّر قواعد الVAR... الركلات الركنية في خطر!    وزير الفلاحة: قانون الاستثمار التونسي يوفّر امتيازات هامة للمشاريع التي تعتمد التكنولوجيا الحديثة تصل إلى 50 بالمائة من قيمة الاستثمار    عاجل/ السجن لأجنبي وزوجته بتهمة ترويج المخدرات..وهذه التفاصيل..    تهمّ هؤلاء فقط: بلدية تونس تنظّم رحلة عمرة بأسعار تفاضلية    جندوبة تستقبل أكثر من 1.4 مليون سائح جزائري... وقطاع السياحة ينتعش بقوّة    رئيس الجمهورية يشدد على ضرورة أن تكون البلاد العربية كلّها في موعد مع التحوّلات الرقمية    كأس إيطاليا : يوفنتوس يتأهل الى الدور ربع النهائي على حساب أودينيزي    رئيس الجمهورية يسدي هذه التعليمات..#خبر_عاجل    الشيخوخة تبدأ من "البنكرياس".. فحاول الابتعاد عن 3 عادات شائعة..    البرلمان... ملخّص فعاليّات الجلسة العامة المشتركة ليوم الثلاثاء 02 ديسمبر 2025    إدارة ترامب توقف رسميا إجراءات الهجرة والتجنيس من 19 دولة    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق    تركيا تعلن اعتقال 58 شخصا بتهمة الانتماء لحركة الخدمة    تقدّم أشغال بناء عدد من المستشفيات، أبرز محاور لقاء رئيس الجمهوريّة بوزير الصحة    تفتتح بفيلم «فلسطين 36» ..تفاصيل الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية    انتخاب المديرة العامة للخطوط التونسيّة نائبة أولى لرئيس اتحاد شركات الطيران الإفريقي    حدث فلكي أخّاذ في ليل الخميس المقبل..    ديمومة الفساد... استمرار الفساد    عاجل: مدينة العلوم بتونس تكشف موعد ''رمضان'' فلكيّا    بدأ العد التنازلي..هذا موعد شهر رمضان فلكيا..#خبر_عاجل    المنستير تستعد لاحتضان الدورة 29 لمهرجان خليفة السطنبولي للمسرح من 6 إلى 13 ديسمبر الجاري    الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية تكشف عن قائمة المسابقات الرسمية لسنة 2025    وزارة الثقافة تنعى صاحب دار سحر للنشر الأستاذ محمد صالح الرصّاع    أيام قرطاج السنيمائية الدورة 36.. الكشف عن قائمة المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية الطويلة    بنزرت: مكتبة صوتية لفائدة ضعيفي وفاقدي البصر    ابدأ الامتحانات بثقة: دعاء يحفظ المعلومات في عقلك وذاكرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من حلف الأطلسي إلى تحالف الهادي.. الصراع الدولي يغير بوصلته (تحليل)
نشر في باب نات يوم 21 - 09 - 2021

الأناضول - أزمة تخلي أستراليا عن صفقة الغواصات الفرنسية التقليدية واستبدالها بأخرى أمريكية نووية الدفع، أحدثت صدى عالميا من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي، وتوشك أن تعيد بناء تحالفات واستراتيجيات جديدة، من شأنها تغيير معالم العالم.
فالولايات المتحدة الأمريكية، تخوض معركة مصيرية أمام بداية أفول نجمها كأقوى إمبراطورية في القرن الماضي والربع الأول من القرن الواحد والعشرين، في مواجهة صعود سريع للصين، الذي تجاوز ناتجها الداخلي الإجمالي المعادل للقدرة الشرائية نظيره الأمريكي.
وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن الناتج الداخلي الإجمالي المعادل للقدرة الشرائية في الصين يبلغ نحو 24 ترليون دولار مقابل 20 ترليون دولار في الولايات المتحدة الأمريكية.
ما يعني أن الصين أصبحت أكبر اقتصاد عالمي، إذا أخذنا بهذا المعيار، متفوقة بنحو 4 آلاف مليار دولار عن الولايات المتحدة، ما يهدد الأخيرة بإزاحتها من عرش الهيمنة العالمية، الذي انفردت به منذ انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991.
وانهزام الولايات المتحدة في أفغانستان أمام حركة "طالبان" التي استنزفتها تريليونات الدولارات خلال 20 سنة، وانسحابها الفوضوي منها، لا يهدد فقط مكانتها العالمية، بل يهز ثقة حلفائها الأوروبيين، الذين لم تستشرهم عند اتخاذها قرار الانسحاب.
ورأينا كيف دفعت وزيرتا الخارجية والدفاع الهولنديتين سيغريد كاغ، وأنك بيليفلد، ثمن الفوضى الأمريكية عند الانسحاب من أفغانستان، والطريقة التي تم فيها إجلاء رعايا بلادهما، ما اضطرهما للاستقالة تباعا.
لذلك تسعى الولايات المتحدة لإعادة ترتيب تحالفاتها، مع بريطانيا وأستراليا، لكبح الصعود الصيني السريع، من خلال الإعلان عن "اتفاق أوكوس"، الذي بموجبه تصدر واشنطن ولندن تكنولوجيا الغواصات النووية إلى أستراليا.
وفي مقابل شراء أستراليا 8 غواصات من الولايات المتحدة تعمل بالدفع النووي، قررت كانبيرا إلغاء صفقة شراء 12 غواصة فرنسية تعمل بالديزل والكهرباء، بقيمة 90 مليار أسترالي (56 مليار يورو).
** غضب فرنسي يهدد تماسك الناتو
لم يمر إلغاء أستراليا صفقة الغواصات الفرنسية مرور الكرام على باريس، التي ضيعت 56 مليار يورو (نحو 66 مليار دولار)، كانت في أمس الحاجة إليها لإنعاش اقتصادها الذي تأثر كثيرا بسبب جائحة كورونا.
واستدعت باريس سفيريها لدى واشنطن وكانبيرا، احتجاجا على ما وصفه وزير خارجيتها جان إيف لودريان، ب"الأزمة الخطيرة" و"الخرق الكبير للثقة" و"الازدراء".. تعبيرات تنم عن عمق الشرخ الذي أحدثه إلغاء الصفقة.
لكن الأمر قد لا يتوقف عند هذا الحد، فباريس تستعد لحشد حلفائها الأوروبيين في مواجهة التحالف الأنجلوساكسوني الذي يضم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وأستراليا.
وإن كانت فرنسا تستعد للضغط على أستراليا للحصول على تعويضات بمئات ملايين الدولارات، إلا أن الصحف الأسترالية تتحدث عن تعويضات لا تتجاوز 250 مليون يورو، وهو مبلغ ليس زهيدا مقابل لا شيء.
والانسحاب من حلف الناتو، احتجاجا لما تعتبره "خرقا كبيرا للثقة"، ليس أمرا مستبعدا، غير أنه سابق لأوانه، حتى وإن دخل مزاد الحملة الانتخابية للرئاسية الفرنسية مبكرا، المقررة في الربيع المقبل.
حيث أثار المرشح الرئاسي كزافييه برتراند، مسألة الانسحاب من "قيادة الناتو"، بعد عقد قمة استثنائية للحلف.
وسبق لفرنسا أن انسحبت من القيادة العسكرية للناتو عام 1966، في عهد شارل ديغول، بسبب ما اعتبرته تزايد النفوذ الأمريكي على الحلف بدعم من بريطانيا، واكتف بعضويتها داخله، ولم تعد إلى القيادة المركزية للحلف إلا في 2009.
المسؤولون الفرنسيون وعلى رأسهم لودريان، يتحدثون عن إعادة "تعريف المفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف الناتو"، دون الإشارة إلى الخروج من الحلف.
ولمّح لودريان، إلى إمكانية سعي بلاده لإحداث تغييرات جوهرية في مبادي وقيم الحلف قائلا: "لقد بادر الناتو، بناء على طلب رئيس الجمهورية (إيمانويل ماكرون)، بالتفكير في أساسياته، وفي القمة القادمة للحلف بمدريد، سيتم الانتهاء من المفهوم الاستراتيجي الجديد. وبطبيعة الحال، فإن ما حدث للتو (أزمة الغواصات) له علاقة بهذا التعريف".
فالاعتذار والتعويضات وإعادة صياغة المبادئ المؤسسة لحلف الناتو، ما تطالب فرنسا به حاليا، ومن المرتقب أن يجري الرئيس الفرنسي ونظيره الأمريكي جو بايدن اتصالات هاتفية تتوج بلقاء بينهما لبحث سبل معالجة هذا الخلاف، بحسب الرئاسة الفرنسية.
وسعي باريس لتغيير المبادئ المؤسسة لحلف "الناتو" قد يقابلها تحفظ واشنطن وحلفاؤها ودول أخرى على هذه الخطوة التي من شأنها شق صفوف الحلف.
** جيش أوروبي
وفي المقابل، تحاول فرنسا إحياء فكرة إنشاء جيش أوروبي بدعم من ألمانيا، لا تكون بعده في حاجة للمظلة الأمريكية، وهذا ما يزعج واشنطن، وجعلها توجه لباريس ما وصفته الأخيرة "طعنة في الظهر".
فوزير الخارجية الفرنسي دعا أوروبا لتجهيز نفسها ب"بوصلة استراتيجية" تكون تحت مسؤولية فرنسا في النصف الأول من 2022، في إشارة إلى الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي في الأول من يناير/كانون الثاني المقبل.
وبلغة تحريضية ضد الولايات المتحدة، قال لودريان: "إذا لم يشعر الأوروبيون أنه من أجل البقاء في التاريخ عليهم أن يتحدوا ويدافعوا معًا عن مصالحهم الخاصة، فسيكون مصيرهم مختلفًا تمامًا".
وتسعى باريس لقيادة أوروبا للتخلص من الزعامة الأمريكية، وأن يكون لها قرارها الاستراتيجي المستقل عن واشنطن في القضايا الكبرى خاصة تلك المتعلقة بالمناطق المتوترة في محيطها القريب، سواء في ليبيا عبر عملية "إيريني" البحرية الأوروبية، أو في الساحل الإفريقي عبر عملية "تاكوبا" للقوات الخاصة الأوروبية.
وأثبتت العمليتين العسكريتين قبالة السواحل الليبية وفي الساحل الإفريقي، محدودية الدور الأوروبي بسبب الصراع على الزعامة أو اختلاف المصالح والأولويات.
** البراغماتية الأسترالية الأمريكية
أستراليا لم تسكت على الهجوم الفرنسي اللاذع ضدها، وأوضحت على لسان رئيس وزرائها سكوت موريسون، أن الغواصات الفرنسية لا تفي بالمصالح الاستراتيجية للبلاد.
موريسون، لفت إلى أن الفرنسيين "كان لديهم كل الأسباب لمعرفة أن لدينا تحفظات عميقة وخطيرة على أن قدرات الغواصة من طراز الهجوم لا تلبي مصالحنا الاستراتيجية، وقد أوضحنا أننا سنتخذ قرارا على أساس مصلحتنا الاستراتيجية الوطنية".
ومتحديا باريس بشأن اعتبار قرار كانبيرا أحاديا ومفاجئا، أوضح موريسون، أن "الإيحاءات بان الحكومة الأسترالية لم تشر إلى مخاوفها تتحدى بصراحة ما هو مسجل في السجل العام، وبالتأكيد ما قيل علنا منذ فترة طويلة".
فإحدى المشاكل التي واجهها الطرفان تأخر الفرنسيين في إتمام الصفقة، رغم توقيعها في 2016.
فضلا عن أن كانبيرا تحتاج إلى غواصات نووية لمواجهة القوة البحرية الصينية المتعاظمة خاصة في بحر الصين الجنوبي، حيث تمتلك بكين عدة غواصات من هذا النوع المتطور.
وتتميز الغواصات النووية عن نظيرتها التي تشتغل بالديزل أو الكهرباء، سرعتها الكبيرة ومداها الطويل، وقدرتها على الغوص لفترات ممتدة دون الحاجة للصعود إلى السطح، كما أنها لا تصدر أصوات قوية مما يمنحها القدرة على توجيه ضربات مؤلمة للصين دون أن يتم رصدها، وهذا ما يثير قلق بكين.
ومع أن فرنسا كان بمقدورها بناء سفن بالدفع النووي لأستراليا بدلا من الدفع بالديزل أو الكهرباء، إلا أن التكنولوجيا الأمريكية أكثر تقدما.
فالغواصات النووية الأمريكية لا تحتاج التزود بوقود اليورانيوم إلا مرة كل 30 عاما، بينما الغواصات النووية الفرنسية فلا بد أن تزود بوقود اليورانيوم كل 10 أعوام، بينما لا تملك كانبيرا أي مفاعل نووي لإنتاج وقود اليورانيوم.
وهذا ما أشار إليه وزير الدفاع الأسترالي بيتر داتون، بأن كانبيرا لم تتمكن من شراء سفن فرنسية تعمل بالطاقة النووية لأنه "يتعين إعادة شحنها، على عكس الغواصات الأمريكية. ولذلك فإن هذه الأخيرة هي وحدها المناسبة لأستراليا، وهي بلد خال من الأسلحة النووية".
وعدم قدرة أستراليا على إنتاج الوقود النووي يطرح تساؤلات حول الجهة التي ستمونها به، وما إذا كانت ستسعى لإنشاء مفاعل نووي لأغراض "عسكرية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.