بقلم الاستاذ بولبابه سالم هناك قلق عميق لدى النخبة السياسية في تونس حول مستقبل البلاد في ظل تصاعد الازمة السياسية و تعليق الدستور مع جمع رئيس الدولة قيس سعيد لكل السلطات بين يديه . طبعا لا يمكن ان يقبل شخص يؤمن بقيم الديمقراطية ان يرى البرلمان مغلقا و الدستور معلقا مع عدم الفصل بين السلطات ، و هاهو يتابع ايضا محاكمة المدنيين امام المحاكم العسكرية و تواصل اغلاق المؤسسات الاعلامية دون مراعاة للعاملين بها و ايضا دون تصور واضح لاصلاح القطاع ووسط سطوة هيئة منتهية الصلوحية . و تزداد حيرة المتابعين و قد لاحظوا غياب البرامج السياسية عن بعض القنوات الخاصة و لاشك انهم يخشون مصير قنوات الزيتونة و نسمة و حنبعل و القرآن الكريم و قبلهم مكتب قناة الجزيرة ، و قد بدت تطمينات الرئيس بعد 25 جويلية في واد و الممارسات في واد آخر . البعض ممن ساندوا الانقلاب الدستوري في 25 جويلية تصوروا ان الوضع في تونس يحتاج الى تصحيح و هذا لا يمكن إنكاره وسط حالة من الانفلات طالت جميع المجالات ولم يكن ذلك مقتصرا على البرلمان الذي كان ترذيله عملا ممنهجا ،، لكن غياب تصور و رؤية تشاركية واضحة للمستقبل دفعت الكثيرين الى مراجعة مواقفهم فقد بدا الرئيس لا يستمع إلا الى نفسه و انتشرت تنسيقياته تقوم بحملات تفسيرية لمشروعه السياسي الطوباوي القائم على البناء القاعدي و الفكر المجالسي الذي ينسف الأحزاب التي تعتبر احدى مظاهر الحداثة السياسية مهما كانت سقطاتها ،، فاذا غابت البرامج عن الأحزاب فكيف سيأتي بها أفراد او شباب ليس لهم تجربة ؟ السياسة برامج و خيارات و الحوار سبيل لرأب الصدع و تجاوز الخلافات ، لكن الحوار المزمع انجازه سيكون عبر تطبيقة على منصات التواصل الاجتماعي وهو يلغي بعد التحوابخ المنظمات و الجمعيات و كل الأجسام الوسيطة مما يعيدنا الى عصر ما قبل الدولة و مؤسساتها وروافدها . هذا التطور الخطير دفع اكبر منظمة اجتماعية في تونس وهي الاتحاد العام التونسي للشغل الى رفض هذا الأسلوب في الحوار مما جعل أمينه العام نور الدين الطبوبي يتعرض الى حملات تشويه من الذباب الأصفر . في الحوار يمكن مناقشة كل شيء و منها طرح تصور رئيس الجمهورية للمرحلة المقبلة و ليكن ذلك متداولا لدى المختصين و النخب الثقافية و السياسية لكن ان يتم فرض المشروع كامر واقع فهو يدخل البلاد في المجهول . كاتب و محلل سياسي