القرار الجزائري الأخير والمتعلق بتحديد قائمة ب1141 منتوجا تمنع من الاستيراد بمزايا خاصة، أي من الإعفاء من الرسوم والتعريفات الجمركية، وهي أساسا المواد والمنتجات التي تنتج أو متوفرة في الجزائر. وإن كان القرار يشمل جميع البلدان العربية الموقعة على إتفاقية إنشاء المنطقة العربية الكبرى للتبادل الحر، فإنّ تونس ومصر معنيتان أكثر بالإجراء الجديد الخاص بالقائمة الخاصة بالمواقع الجمركية غير المعفية من الإعفاء، لكونهما أكبر مصدرين باتجاه الجزائر. القرار في حد ذاته يبقى أمرا سياديا، له ظروفه و ملابساته، و لكن الطريقة التي تم بها فيها العديد من المآخذ، خاصة و أن الجزائر و تونس مرتبطتان بإتفاقية تجارية تفاضلية تم توقيعها في 4 ديسمبر 2008، أي بالتوازي مع دخول الجزائر إلى المنطقة العربية الكبرى للتبادل الحر. و هو ما يلقي بظلاله على مستقبل العلاقات التجارية بين البلدين، في ظل التناقض الصارخ بين بنود الأتفاقية التفاضلية الموقعة بين البلدين و الإجراء الذي وقع إتخاذه مؤخرا. كما أن القرار قد تكون إستتباعاته جد كارثية على مستقبل العمل العربي المشترك من جهة، و على مسار بناء الصرح المغاربي من جهة أخرى، إذا ما سارعت البلدان العربية المعنية بإعادة "الهدية" إلى الجزائر و فرض القيود على الصادرات الجزائرية في إتجاهها. تونس و مصر تدفعان فاتورة "القومية الإقتصادية الجديدة " إذا كان القرار الجزائرية يشمل البلدان العربية دون إستثناء، فإن تونس و مصر تبقيان أهم دولتين معنيتين بالإجراء المطبق من قبل الجزائر والمتعلق بتحديد قائمة 1141 موقع جمركي غير معنية بالإعفاء والمرشحتين لدفع فاتورة تنامي موجة "القومية الإقتصادية الجديدة " في الجزائر. و بدرجة أقل تأتي المغرب و المملكة العربية السعودية. وإستنادا إلى ما أوردته الصحف الجزائرية مؤخرا، فإن تونس ستجد نفسها مجبرة للخضوع إلى الإجراء الجزائري في أكثر من صنف خاصة السمك و زيت الصويا والمارغارين والمياه المعدنية والمشروبات والأسمنت والعجائن والورق فضلا عن كافة أنواع النسيج والقطن والألبسة والأحذية وضمت أكثر من 50 موقعا جمركيا بهدف حماية قطاع النسيج والجلود، إضافة إلى الزجاج والمعادن جانب المنتجات الكهربائية والكهرومنزلية. الإشكال التونسي؟ يرتقب أن يسري القرار في مدة تتراوح ما بين ثلاث إلى أربع سنوات. و إستنادا إلى صحيفة الخبرالجزائرية فإن الجزائر فضلت تطبيقه آليا دون انتظار النظر فيه أو طرحه على المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة العربية الأمر الذي يرشح إلى أن اخذ المسألة حجما كبيرا في قادم الأيام ذي يرشح إلى أن اخذ المسألة حجما كبيرا في قادم الأيام إعتبارا إلى أن الدول العربية المعنية ستسارع إلى معاملتها بالمثل. غير أن الإشكال الحقيقي يبقى مع تونس التي ترتبط مع الجزائر باتفاقية تمنح البلدين مزايا جمركية خاصة. و إذا ما سارعت الجزائر إلى الإحتماء ببند الإنقاذ، ضمن إتفاقية المنطقة العربية الكبرى للتبادل الحر، أي ضرورة حماية جزء من الإنتاج المحلي، لتطبيق القرار، فإنها تضع مستقبل علاقاتها الثنائية "المتميزة" مع تونس على المحك ناهيك وأن أقطارا مغاربية أخرى معنية بهذا الإجراء. وهنا مرة أخرى يتعين التساؤل حول مصير العلاقات المغاربية التي ترفع جهرا النوايا الطيبة و شعارات الوحدة الفضفاضة و تمارس سرا تغريباتها الإقتصادية بعيدا عن أية رغبة حقيقية للإندماج. هذا التساؤل ينسحب قطعا على مصير العمل العربي المشترك، خاصة وأن الإجراء الجزائري، قد يكون السابقة التي تعجل بانهيار أحجار "الدومينو" ووأد التجربة التجارية العربية و هي مازالت بعد في بداياتها. ------------------------------ أرقام حسب الإحصائيات التي نشرتها الوكالة الجزائرية للنهوض بالتجارة الخارجية، ارتفعت واردات الجزائر ب 28% مقابل تراجع صادراتها (دون احتساب المحروقات) نحو بلدان المنطقة ب63% . فالأشهر العشرة الأولى من سنة 2009 ، أفرزت ارتفاعا في قيمة الواردات التي بلغت 1,37 مليار دولار، في حين لم تتجاوز1,05 مليار دولار بالنسبة لكامل سنة 2008. علما و أن 90 % من الواردات الجزائرية تؤمنها خمس بلدان عربية هي تونس، مصر، المغرب، المملكة العربية السعودية و الأردن. أما صادرات الجزائر في اتجاه بلدان المنطقة فلقد شهدت خلال نفس الفترة انخفاضا هاما حيث بلغت ما قيمته 1,04 مليار دولار مقابل 2,18 مليار دولار لكامل سنة 2008. أما أكبر حرفاء الجزائر داخل بلدان المنطقة فهي تونس، المغرب، ليبيا، الكويت، سوريا و الإمارات العربية المتحدة. علما و أن تونس تأتي في رأس القائمة بحصة تقدر ب,5 تليها المغرب ب ,4 ثم ليبيا